قرأْتُ على أهلي كتابَكَ إذ أتى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قرأْتُ على أهلي كتابَكَ إذ أتى | وقلتُ لهم هذا أمانٌ من الدهر |
فكلُّ امرىء ٍ منهم إذاخاف دهرهُ | مُعوّلَهُ ضمُّ الكتاب إلى الصدر |
أذكِّرك الوعدَ الذي كان بيننا | وما مرَّ من يوم عليه ومن شهر |
وقطرة َ غيثٍ كنتَ أنبأتَ أنها | سيتبعُها قطرٌ مُلث على قطر |
تقبّلها منك امرؤٌ متوقعٌ | لها أخواتٍ من أناملِكِ العَشْر |
ولا غَروَأنت البحر تُفضى عُفاتُه | إلى الضحل من جَدواه ثم إلى الغمر |
أو الغيثُ يأتي قطْرهُ قبل سَيله | أو الشمسُ يَهدي ضوءها وضَحُ الفجر |
فدَتْكَ نفوسُ الناس من ذي حياطة ٍ | غدوتَ لهم أمَّا ممهدة الحِجر |
تظلُّ من الأمرِ المخُوفِ وغيرهُ | تضُمُّ بنيها باليدين إلى النَّحر |
فإشفاقُها من أن يموتوا من الغنى | كإشفاقها من أن يموتوا من الفقر |
لذلك تَحمي الناسَ أول وهلة ٍ | نداك سوى الشيء الموائم والنزر |
تُدرَّجُهُمْ هَوْناً على درجاته | وترفعهم بالقدر منه إلى القدر |
ولو وردتْ كُبرى عطاياك بغتة ً | على مُستنيلٍ أسْلَمتْهُ إلى القبر |
إذاً لتقضّى قلبه من شِغافه | سروراً بما حازتْ يداه من الوفر |
ومن فَرَحاتِ النفسِ ما فيه حتفُها | ومن أنسِها بالخير ما هو كالنفر |
أبا حسنٍ حتى متى أنا حابسٌ | عليك رجائي أنسخُ العصر بالعصرِ |
وقد وجبتْ لي بالمودّة حُرمة ٌ | ومن بعدها ثنتان بالمدح والصبر |
وعدتَ فبادِر بالوفاء فقد ترى | مبادرة َ الأيامِ بالغدر والختر |
أتأمن أن يُرمَى مُرجٍّ مطلَته | دُوينَ الذي رَجّى بداهية ٍ هَتر |
فتقدحُ فيما بين ضِعفيك حسرة ً | كحسرته ليست بخامدة ِ الجمر |
وما أمْنُ مأمولٍ على نفسِ آمِلٍ | حوادثَ دهر غير مأمونة ِ المكر |
ترامى بنا شأوُ المِطال إلى مدى ً | بعيدٍ ولسنا من حديدٍ ولا صخر |
وإني لأرجو من سمائك مَطرة ً | أهزُّ لها عِطفيَّ في ورق نضر |
نتيجة ُ وعدٍ صادقٍ منك شاهدي | عليه كتابٌ يحفز السطرَ بالسطر |
ولن يُخلفَ الوعد امرؤٌ سار قولهُ | أُرى الوعد مثل العهد والخُلفَ كالغدر |
ولو وعدتْ عنك المُنى مُتَمنياً | وفيْت له عنها وفاءك بالنَّذر |
تطوّلْ بمالٍ نالني منك جَذرُهٌ | فإنك قد جرّبت شُكري على الجَذر |
جداً منك أو من ماجدٍ تستميحه | لراجيك رحب الباع ذي همة ٍ بحر |
وما المائة الصفراءُ منك ببدعة ٍ | ولا من أخيك الأرْيَحي أبي الصقر |
ولا هي أقصى ما أُرجِّيه منكما | وكيف وأدناه الجسيم من الأمر |
ورأيُك في ردّ الكتاب فإنه | إذا انأدَّ ظهري نِعم مُستندُ الظهر |
وليس بمنفكٍّ قريني أو يُرى | قرينَ كتابي في يميني لدى الحشر |
ولمْ لا ولم أقرأه إلا تكشّفتْ | غواشي هُمومي وانتشيتُ بلا خمر |
وزادتْ به عيناي في كلّ روضة ٍ | أنيقة ِ وشْي النوْر طيِّبة النشر |