أرشيف الشعر العربي

أنَّى تماطلني وأنت جَوَادُ

أنَّى تماطلني وأنت جَوَادُ

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
أنَّى تماطلني وأنت جَوَادُ والشكر يُبْدأ تارة ويُعادُ
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا ميسورَه فتكِيعُ حين تُكادُ
لاتحقِرنَّ من الصِّلات قليلة ً تكفي فجودك بالسَّداد سدادُ
لاسيما والعذر في تقليلها أنَّ امتنانك مُبْدَأٌ ومُعادُ
تالله ماخسَّتْ خسيسة ُ رافد أفنت كرائمَ مالِه الأرفادُ
إن الذي يعطِي خسيسة َ ماله إذ لا كريمة َ عنده لجَوادُ
لاتنس أن الله قد وَعَدَ الندى أن لا تخون وليَّهُ الأمداد
من لم يزل والبِرُّ أكبر همِّهِ وصلت سواعدُ أمره أعضادُ
والحر من أضحى وقرَّة ُ عينه في المال ينقُص والعلا تزدادُ
ولقد رأى كلَّ الرياح معاشر في الوفْر يُهْدَمُ والثناءُ يشادُ
والخلدُ أن تُلْفَى تجودُ وتعتلي والموت أن تلْفى وأنت جمادُ
فمتى بذلتَ فللبقاء تَنَفُّسٌ ومتى كنزت فللبقاءِ نفادُ
يبقى الفتى بعد الممات بفعله أبداً ويَدْثُرُ يَذْبُلٌ ونَضَادُ
فاشْدُدْ بنيتك الجميلة ِ قبضة ً فَلَيْنْجَزَنَّ وعيشِك الميعادُ
واعلم بأن الله في ملكوته لم يخل منه لمحسن مرصادُ
من كان خاب فلم يَخِبْ متحقِّقٌ بالعرف زرَّاعٌ له حصَّادُ
لولم يكن في العرف إلا أنه جُنْدٌ يقاتل عنك بل أجنادُ
خلَّفتُ أهلي في ذَراك وإنه للاجئين لمَلْجأ ومَصَادُ
أضحوا بمنزلة الضيَّاع وإنما أهلُ الفتى لرئيسه أولاد
وقد اقتضوا أرزاقهم وتردَّدوا حتى لشقَّ عليهمُ التردادُ
فتعذَّرتْ طلباتُهم وتَنَهْنَهُوا مثل الحوائم ذادها الذُّوَّادُ
فأهِبْ بشاردهم إليك وأرْوِهِمْ من جَمَّة ٍ يُروَى بها الورَّادُ
واحمل غُثاءهُم كحملك كَلَّهُمْ فلذاك عدَّك وحدَك العُدادُ
ولذاك قيل منوِّلٌ ومهنىء نعماه حين يُنكِّدُ الأنكادُ
اللَّه في أهلي فإنك جارُهُمْ لاتَضْربَنَّ عليهمُ الأسدادُ
إكفِ الضعافَ اللاتيأنت ثمالُهُمْ مُؤَنَ العناء فإنهن شِدادُ
لاتجشِمَنْ أهلي إليك وفادة ً لِيَفِدْ عليهمْ برُّك الوَفادُ
وانف السَّوادَ عن البياض فإنه مافي بياض يد الكريم سوادُ
يُسْدِي السحابُ إلى البعيد يُغِيثُه فَيُطَلُّ منه وادعاً ويُجادُ
ولأنت أولى أن يجود لمجْدِبٍ عفواً ولم تُشدَد له أقتادُ
ها قد أثَرْتُ عليك وحْشيَّ العلا فاصطد فإنك للعلا صيادُ
نبَّهتُ للكَرمِ العزيب ولم يكُنْ بك قبل تَنْبِيهكَ عنه رُقادُ
بل أنت أوْلى أن تكون منبِّهي بمذاهبٍ لك كلُّهن رشادُ
فابدأ مكارِمَكَ التي عوَّدتها وابدأ فإنك باديءٌ عوّادُ
عَلِّمْ غرائبك الرجالَ فطالما عَلَّمْتَ كيف تُمجَّد الأمجادُ
لايكبُرَنَّ عليك في جَنْبِ العُلا ماقد سألتُك فالعلا أطْوادُ
ولقد أحمِّلُك الثقيلَ لأنني خَبِرٌ بأنك حامل معتادُ
ولكي ترى ثقتي بطَوْلك أو يرى كيف احتمالك معشرٌ أوغادُ
ولَتشهدن بأنني بك واثق ولتشهدن بفضلك الأشهادُ
يامن يعادي الأصدقاءُ علاءه أبداً ويَشْنأ مجدَه الوُدَّادُ
حسداً لمن يمسي ويصبح حاملاً كَتداهُ مالاتحمل الأكتادُ
ممَّنْ يَبُزُّ الناسَ منْفوسَ العلا وعليه من منفوسها أبرادُ
صبٌّ بحب المكرمات مُتيَّمٌ ماتيمته فَرْتَني وسعادُ
يغدو صحيحاً ما غدا وعطاؤه متيسِّرٌ وثناؤه منقاد
فإذا اشتكى عللَ النوال نوالُه أعداه ذاك فعاده العُوّادُ
وغدا مريض النفس وهو صحيحها حتى يثوب الوَفْر والمرتادُ
وبدت عليه من الحياء غَضاضة ٌ أو يرجعَ المرتادوهو مُفادُ
لله طوْلك يامحمد إنه لَيثور منه الشكْرُ والأحقادُ
تعطي الجزيل فتسترقُّ رقابنا فتلين ثَمَّ وتغلُظُ الأكبادُ
لاتعدم الطَّوْل الذي انفردت به كفاك وازدوجت له الأفرادُ
يامن تفرقت العلا في غيره واستجمعت فيه العلا الأضدادُ
وإذا غدا حسَّاده وعُداته ظُلِم العُداة وأُنصف الحسادُ
من ذا يعادي الغيث أم من ذا يُرَى إلا من الحساد حين يُسادُ
يجد المذاهِبَ مادحوك ولم يزل لمُريغ مدحك مذهب ومَرَادُ
حتى إذا ماقال فيك كأنه قُطعَتْ به الأشباهُ والأندادُ
لَؤُمَ الرجالُ فزهَّدوا ذا رغبة وكرمت حتى استرغب الزهادُ
لو أصبح السادات مثلك سؤدداً وَفت العِداتُ وأخلف الإِيعادُ
خذها فإنك في الرجال وإنها من صفو ما يتنقَّدُ النقاد
ولئن غدوتَ كما دُعيتَ محمد إني لما أوليتَ لَلْحمَّاد
ولئن قصدتك ماقصدُتك خابطا بالظن بل رادتك لي رُوَّاد

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) .

زُفَّتْ إلى بدر الدجى الشمسُ

تأَمُّلُ العيبِ عيبُ

ليس مستحسِناً لك المطلَ والخُلْ

كأن الكأس في يدها وفيها

خَبَّرُونا أنْ قد هجوتَ ابن رومِيٍ


روائع الشيخ عبدالكريم خضير