م أبَيْنَ ضُلوعي جمرة تتوقدص على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ
مدة
قراءة القصيدة :
59 دقائق
.
م أبَيْنَ ضُلوعي جمرة تتوقدص على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ | خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ |
يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ | فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده |
فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ | ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما |
تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ | شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه |
فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ | وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ |
صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ | وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ |
سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ | بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ |
وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه | بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد |
لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ | أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ |
تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي | وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ |
وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى | فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ |
هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي | مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ |
فما لك تأسَى الآن لما رأيتها | وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ |
تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها | وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ |
كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به | ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ |
إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها | كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ |
تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما | مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ |
كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ | قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ |
إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته | إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ |
أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره | بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ |
وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ | نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ |
وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ | فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ |
وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه | ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ |
أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ | وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ |
أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ | قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ |
ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني | جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ |
وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله | قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ |
ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ | سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ |
وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً | فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ |
لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها | يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ |
وإلا فما يبكيه منها وإنها | لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ |
إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه | بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ |
وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها | تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ |
رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا | وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ |
مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ | ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ |
وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ | ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ |
فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ | بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ |
ترى كل ركَّاع على مَرْتَع | يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ |
إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه | كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ |
أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ | ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ |
فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ | يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ |
كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ | أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ |
وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها | على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ |
يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ | يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ |
بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها | ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ |
إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر | بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ |
وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ | على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ |
وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً | إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ |
حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ | مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ |
وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها | ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ |
لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة | وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ |
إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها | وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ |
لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه | وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ |
وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ | ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ |
لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي | بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ |
فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا | يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ |
وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ | وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ |
تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة | حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ |
وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ | وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ |
ومالي عزاء عن شبابي علمتُه | سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ |
وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه | وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ |
على أن في المأْمول من فضل صاعد | عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ |
ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي | وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ |
وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً | بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ |
وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى | مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ |
وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ | ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ |
وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ | ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ |
إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ | وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا |
وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ | يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ |
ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي | وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ |
لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد | تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُأبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ |
على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ | خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ |
يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ | فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده |
فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ | ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما |
تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ | شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه |
فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ | وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ |
صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ | رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ |
وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ | سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ |
بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ | وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه |
بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد | لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ |
أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ | تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي |
وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ | وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى |
فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ | هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي |
مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ | فما لك تأسَى الآن لما رأيتها |
وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ | تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها |
وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ | كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به |
ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ | إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها |
كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ | تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما |
مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ | كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ |
قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ | إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته |
إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ | أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره |
بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ | وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ |
نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ | وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ |
فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ | وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه |
ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ | أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ |
وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ | أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ |
قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ | ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني |
جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ | وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله |
قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ | ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ |
سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ | وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً |
فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ | لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها |
يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ | وإلا فما يبكيه منها وإنها |
لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ | إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه |
بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ | وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها |
تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ | رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا |
وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ | مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ |
ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ | وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ |
ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ | فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ |
بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ | ترى كل ركَّاع على مَرْتَع |
يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ | إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه |
كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ | أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ |
ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ | فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ |
يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ | كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ |
أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ | وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها |
على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ | يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ |
يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ | بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها |
ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ | إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر |
بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ | وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ |
على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ | وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً |
إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ | حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ |
مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ | وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها |
ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ | لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة |
وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ | إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها |
وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ | لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه |
وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ | وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ |
ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ | لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي |
بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ | فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا |
يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ | وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ |
وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ | تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة |
حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ | وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ |
وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ | ومالي عزاء عن شبابي علمتُه |
سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ | وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه |
وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ | على أن في المأْمول من فضل صاعد |
عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ | ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي |
وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ | وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً |
بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ | وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى |
مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ | وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ |
ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ | وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ |
ولكنَّه كالشيءِ بُلَّتْ بِهِ اليَدُ | إلى أين بِي عن صَاعِدٍ وانْتِجَاعِهِ |
وقد رَادَهُ الروَّادُ قبلي فأَحْمَدُوا | وَلي بأبي عيسى إليه وسِيلَة ٌ |
يُفَكُّ بها أصفادُ عانٍ ويُصْفَدُ | ومَالي لا أغدو وَهَذَانِ مَعْمَدِي |
وَمَا لَهُمَا إلاَّ الْعَوَارِفَ مَعْمَدُ | لَعَمْرِي لئن أضحت وِزَارة ُ صاعد |
تُثَنَّى لقد أضحى كريماً يُوحَّدُ | وِزَارَتَهُ شَفْعٌ وذاك بحَقِّهِ |
كَمَا أنَّه وِتْرٌ إذا عُدَّ سُؤْددُ | هو الرجلُ المشْرُوك في جُلِّ مالِهِ |
ولكنَّه بالخيْرِ والحمْدِ مفردُ | يُقَرَّضُ إلا أنَّ ما قيلَ دُونه |
ويوصف إلا أنه لا يُحَدّدُ | أرقُّ من الماءِ الذي في حُسامه |
طِبَاعاً وأمْضى منْ شَبَاهُ وأنجَدُ | وأجْدَى وأنْدَى بطْنَ كَفٍّ من الحَيَا |
وآبَى إباءً من صَفاة ٍ وأجْمَدُ | وأبْهَرُ نُوراً للعيون من الَّتي |
تُضَاهِيهِ في العلياء حين تَكَبَّدُ | وأوْقَرُ من رَضْوَى ولو شاء نَسْفَهَا |
إذن لم يُلْقِها طَرْفَة َ العَيْن مَرْكَدُ | طويلُ التَّأنِّي لا العَجولُ ولا الذي |
إذا طرقتْه نَوْبة ٌ يتبلَّدُ | له سَوْرَة ٌ مكْتَنَّة ٌ في سَكِينَة ٍ |
كما اكْتَنَّ في الغمْدِ الجُرَازُ المهنَّدُ | إذا شَامَهَا قَرَّتْ قُلُوبٌ مَقرَّهَا |
وإن سُلَّ منها فالْفَرائضُ تُرْعَدُ | يُلاَقي العِدَا والأولياءَ ابْنُ مَخْلَدٍ |
لقاءَ امْرِىء ٍ في اللَّه يَرْضَى ويعْبَدُ | بِجَهْلٍ كجهل السيفِ والسيفُ مُنْتَضى ً |
وحلْم كحلم السيف والسيفُ مُغْمَدُ | وليسَ بِجَهْل الأغبياء ذوِي العَمَى |
ولكنَّه جَهْلٌ به اللَّهُ يُعْبَدُ | عُرَامٌ زَعيمٌ بالهُدَى أوْ فَبِالرَّدَى |
إذا ما اعْتَدَى قوْمٌ عن القصْد عُنَّدُ | قِرى ً مِنْ مليٍّ بالقِرى حِينَ يُبْتَغَى |
كِلاَ نُزُلَيْهِ اللَّذُّ والكُرْه مُحْمَدُ | عَتيدٌ لَديْهِ الخَيرُ والشرُّ لامْرىء ٍ |
بَغَى أوْ بَغَى خيراً ولَلْخَيْرُ أَعْتَدُ | صموتٌ بِلاَ عيَّ له من بلائه |
نَوَاطِقُ تَسْتَدْعِي الرَّجَاءَ وتَزْأدُ | كَفَى الوعْدَ والإِبعَادَ بالقوْلِ نَفْسَهُ |
بأفْعَالِهِ والفِعْل للفِعْل أشْهَدُ | إذا اقْتُفِرَتْ آثارُهُ فَعَدُوُّهُ |
وموْلاَهُ مَوْعُودٌ هُنَاك ومُوعَدُ | عزيزٌ غَدا فوْقَ الَّتَودُّدِ عِزُّهُ |
وإحْسَانُه في ظلِّه يَتَوَدَّدُ | يَغُضُّ عن السؤَّالِ من طَرْفِ عَيْنه |
لِكَيْلاَ يَرَى الأحْرَارَ كيْفَ تُعَبَّدُ | ويُطْرِقُ إطْراقَ الذَّليل وإنه |
هُنَاكَ لَسَامِي نَاظِرِ العيْنِ أصْيَدُ | إذا مَنَّ لم يَمْنُنْ بِمَنٍّ يَمُنُّهُ |
وقال لنفسي أيُّها الناسُ أمْهَدُ | وكل امْتِنَانٍ لا يُمَنُّ فإنه |
أخفُّ مناطاً في الرقاب وأوْكَدُ | تَجَاوَزَ أن يسْتأْنف المجدَ بالنَّدى |
وفي كل ما اسْتَرْفدتَهُ فهُوَ أجْودُ | ومن لمْ يَزِدْ في مجده بذْلُ مالِهِ |
وجادَ به فَهْو الجَوَادُ المقلَّدُ | ترى نَائلاً من نَائلٍ ثم ينتهيأبَيْنَ ضُلوعي جَمْرة ٌ تتوقَّدُ |
على ما مضى أَمْ حسرَة ٌ تتجدَّدُ | خليليَّ ما بعد الشَّبابِ رَزِيَّة ٌ |
يُجَمُّ لها ماء الشؤون ويُعْتَدُ | فلا تَلْحَيَا إن فاض دمْعٌ لفقده |
فَقَلَّ له بحر من الدمع يُثْمدُ | ولا تعجبا لِلْجَلْدِ يبكي فربّما |
تفطَّر عن عينٍ من الماء جَلْمدُ | شبابُ الفتى مجلودُه وعزاؤه |
فكيف وأنَّى بعده يتجلدُ | وفَقْدُ الشَّبابِ الموتُ يوجد طعْمُهُ |
صُراحاً وطعمُ الموتِ بالموتِ يُفْقدُ | رُزِئتُ شبابي عَوْدة ً بعد بَدْأة ٍ |
وَهُنَّ الرزايا بادئاتٌ وعُوَّدُ | سُلِبتُ سوادَ العارضَيْن وقبلُهُ |
بياضَهما المحمودَ إذ أنا أمْردُ | وبُدِّلْتُ من ذاك البياض وحسنِه |
بياضاً ذميماً لا يزال يُسَوَّد | لَشتَّان ما بين البياضَيْن مُعْجِبٌ |
أنيق ومَشْنُوءٌ إلى العين أنكدُ | تضاحك في أفنان رأسي ولحيتي |
وأقبحُ ضَحَّاكَيْن شَيْبٌ وأدْردُ | وكنتُ جِلاءً للعيون من القذى |
فقد جعلَتْ تقذَي بشيبي وتَرقدُ | هي الأعين النُّجْل التي كنتَ تشتكي |
مواقِعَها في القلب والرأسُ أسودُ | فما لك تأسَى الآن لما رأيتها |
وقد جعلتْ مَرْمى سِوَاكَ تَعَمَّدُ | تَشَكَّى إذا ما أقصدتْكَ سهامُها |
وتأسَى إذا نكَّبْنَ عنك وتَكْمدُ | كذلك تلك النَّبْلُ من وقعت به |
ومن صُرِفَت عنه من القوم مُقْصَدُ | إذا عَدَلْت عنا وجدنا عُدُولها |
كموقعها في القلب بل هو أَجهدُ | تَنكَّبُ عنا مرة فكأنما |
مُنَكِّبُهَا عنا إلينا مُسَدِّدُ | كفى حَزَناً أن الشباب مُعَجَّلٌ |
قصيرُ الليالي والمَشِيبَ مخلَّدُ | إذا حَلَّ جَارَى المرء شأْوَ حياته |
إلى أن يضمَّ المرءَ والشيبَ مَلْحَدُ | أرى الدهرَ أجْرَى ليله ونهاره |
بعدلٍ فلا هذا ولا ذاك سَرْمدُ | وجارَ على ليلِ الشباب فَضَامَهُ |
نهارُ مشيب سَرْمدٌ ليس يَنْفَدُ | وعزاك عن ليل الشباب معاشرٌ |
فقالوا نهارُ الشيب أهدى وأرشدُ | وكان نهارُ المرء أهْدَى لسعيه |
ولكنَّ ظلَّ الليل أنْدَى وأبردُ | أأيَّامَ لَهْوِي هل مَواضيكِ عُوَّدٌ |
وهل لشباب ضل بالأمس مُنْشَدُ | أقول وقد شابتْ شَوَاتِي وَقَوَّسَتْ |
قناتي وأضْحَت كِدْنِتي تَتَخدَّدُ | ودبَّ كَلاَلٌ في عظامي أدَبَّني |
جَنِيبَ العصا أَنأَدُّ أو أتَأَيَّدُ | وبُورِك طرفي فالشَّخَاصُ حياله |
قَرَائن من أدنى مدى ً وَهْيَ فُرَّدُ | ولَّذَّتْ أحاديثي الرجالُ وأعرضتْ |
سُليمى وريَّا عن حديثي ومَهْدَدُ | وبُدِّل إعجابُ الغواني تعجُّباً |
فهنَّ رَوانٍ يَعْتَبِرْن وصُدَّدُ | لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها |
يكون بكاءُ الطفل ساعة َ يُولَدُ | وإلا فما يبكيه منها وإنها |
لأفْسَحُ ممَّا كان فيه وأرْغَدُ | إذا أبصرَ الدنيا اسْتَهلَّ كأنه |
بما سوف يلقى من أذاها يُهَدَّدُ | وللنفس أحْوال تظلُّ كأنها |
تشاهِد فيها كلَّ غيب سيُشهَدُ | رَزَحْتُ على مر الليالي وَكرِّهَا |
وهل عن فَنَاءٍ من فناءَيْن عُنْدَدُ | مَحَارُ الفتى شيخوخة أو منيِّة ٌ |
ومرجوعُ وهَّاج المصابيح رِمْدَدُ | وقد أغتدِي للوحش والوحشُ هُجَّدٌ |
ولو نَذِرَتْ بي لم تبت وهي هُجَّدُ | فيشقَى بيَ الثورُ القَصِيُّ مكانهُ |
بحيث يراعيه الأَصَلُّ الخَفَيْدَدُ | ترى كل ركَّاع على مَرْتَع |
يخرُّ لرمحي ساجداً بل يُسَجَّدُ | إذا غازَلته بالصريم نِعَاجُه |
كما غازلتْ زِيراً أوانسُ خُرَّدُ | أمَرْتُ به رمحاً غيُوراً فخاضهُ |
ذَليقاً كما شَكَّ النَّقيلة مِسْرَدُ | فَخَرَّ لَرَوْقَيْهِ صريعاً تخالُهُ |
يُعَصْفَر من تامُورِهِ أَو يُفَرْصَدُ | كأَن سِناني حين وافاه كَوْكَبٌ |
أصيب به قِطْعٌ من المُزْن أَقهدُ | وقد أشرب الكأس الغريضَ مِزاجُها |
على ما تغناه الغريضُ ومعبدُ | يطوف بها لِلشَّرْب أبيضُ مُخْطَفٌ |
يجود له بالراح أسودُ أكْبَدُ | بِمَوْلِيَّة ٍ خضراء يُنْغَمُ وسْطَها |
ويُهْدَلُ في أرجَائها ويُهَدْهَدُ | إذا شئْتُ راقتْ ناظريَّ نظائر |
بمُصطبَحي والأدْمُ حولِيَ رُوَّدُ | وَصِيفٌ وإبريقٌ ودُومٌ ومُرشقٌ |
على شرف كلُّ الثلاثة أجْيَدُ | وأنجبُ ما ولَّدت منه مسرة ً |
إذا ما بَنَاتُ الصَّدْر ظلت توَلَّدُ | حديثُ نتَاج من بني المزن أمُّهُ |
مُعَنَّسَة ٌ مما تُعَتِّق صَرخَدُ | وبيضاءُ يخبو دُرُّها من بياضها |
ويذكو له ياقوتها والزبرجدُ | لها سُنَّة ٌ كالشمس تبرز تارة |
وطوراً يواريها صَبيرٌ منضَّدُ | إذا ما التقى السُّكران سُكرا شبابها |
وأكوابِها كادت من اللين تُعقَدُ | لهوتُ بها ليلاً قصيراً طويلُه |
وماليَ إلاَّ كفُّها مُتَوَسَّدُ | وكم مثلِها من ظبية ٍ قد تَفيأَتْ |
ظلالي وأغصانُ الشبيبة مُيَّدُ | لعبتُ بأولى الدهر فاغْتَال شِرَّتي |
بأخرى حَقُودٍ والجرائمُ تُحْقَدُ | فصبراً على ما اشْتَدَّ منه فإنَّمَا |
يقوم لما يشتد من يَتَشدَّدُ | وما الدهر إلا كابنه فيه بُكْرَة ٌ |
وهاجِرَة ٌ مسمومة الجو صَيْخدُ | تذيق الفتى طوْرَى رخاء وشدة |
حوادثُه والحولُ بالحول يُطْرَدُ | وعزَّى أناساً أن كل حديقة ٍ |
وإن أغْدَفَتْ أفنانُها ستخضَّدُ | ومالي عزاء عن شبابي علمتُه |
سوى أنني من بعده لا أُخَلَّدُ | وأن مَشِيبي واعدٌ بلَحَاقه |
وإنْ قال قوم إنه يَتَوَعَّدُ | على أن في المأْمول من فضل صاعد |
عزاءً جميلاً بل شباباً يجدَّدُ | ستظهر نُعْماه عليّ فأغتدِي |
وغصنُ شبابي ليّنُ المتنِ أغْيَدُ | وتَصْطَادُ لي جدواه ما كنتُ صائداً |
بشرخ الشباب الغَضِّ بل هي أصْيدُ | وأفضلُ ما صِيدَتْ به العِينُ كالدُّمَى |
مُهُورٌ وأثْمَانٌ من العين تُنْقدُ | وهل يستوي رامٍ مرامِيهِ لَحْظُهُ |
ورامٍ مراميه لُجَيْنُ وعَسْجَدُ | وما أملي في المَذْحجِيِّ بِمُنْتَهٍ |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (ابن الرومي) . |