صفا لك شِربُ العيشِ غيرَ مُثَرَّبِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
صفا لك شِربُ العيشِ غيرَ مُثَرَّبِ | ولا زلتَ تسمو بين بدرٍ وكوكَبِ |
تُدبّرُ أمرَ المُلكِ غيرَ مُعنَّفٍ | وتُؤثرُ أمرَ اللَّهِ غيرَ مؤنبِ |
وتَجبي إلى السلطان أوفى خَراجِهِ | وتكسبُ حمدَ الناسِ من خيرِ مكسَبِ |
أحين أَسرتُ الدهرَ بعد عُتوّهِ | وفلَّلتُ منه كلَّ نابٍ ومخلبِ |
فأصبحتُ مَكفياً همُومي مُزايلاً | غمومي مُوقًّى كُلَّ سوءٍ ومَعطبِ |
ولم يبقَ لي إلا تمنِّي بقائِهِ | على الدهرِ ما أرستْ قواعدُ كبكبِ |
تهضّمُني أنثى وتَغصِبُ جَهرة ً | عقَاري وفي هاتيك أعجبُ مَعْجبِ |
لقد أَذكرتْني لامرىء ِ القيس قولَه | فإنك لم يَغْلبك مثلُ مُغلَّبِ |
وما قَهْرُ أنثى قِرنَ جِدٍّ ولم تكن | لتقهر إلا قِرنَ هزل وملعبِ |
عرفنا لها غَصْبَ الغَرير حُقوقَهُ | فما غضبُها حقَّ الحكيم المُدرّب |
لها كلُّ سلطانٍ على قلبِ أمردٍ | ولم تُعط سلطاناً على قلب أشيبِ |
إليكم شكاتي آلَ وهب ولم تكن | لتَصمِدَ إلاَّ للوزير المهذبِ |
لعمري لقد أَعطيتُمُ العدل حقَّهُ | فلا يتجاوزْهُ ولا يتعتبِ |
له أن يَذُبَّ الليثَ عن ظلم ثعلبٍ | وليس له إذلالُ ليثٍ لثعلبِ |
أجِرْني وزيرَ الدين والملك إنني | إليك بحقي هاربٌ كلّ مَهْربِ |
توثّبَ خَصمٌ واهنُ الركن والقُوى | على أيِّدِ الأركان لم يتَوثّبِ |
هو النُّكرُ من وجهين غَصبٌ وبدعة ٌ | وفي النكر من وجهين موضعُ مَعْتبِ |
وكم غَضبتْ للحقّ منك سجية ٌ | تؤدّبُ بالتنكير من لم يُؤدَّبِ |
فلا تسلمني للأعادي وقولهم | ألا من رأى صقراً فريسة َ أرنبِ |
أريد ارتجاعَ الدار لي كيف خَيَّلتْ | بحُكمٍ مُمَرٍّ أو بلطفٍ مُسبَّبِ |
وإن انتزاعَ الحقّ من كفّ غاصبٍ | وقد نَشَبتْ أظفارُهُ كلَّ مَنْشبِ |
لَخُطَّة ُ فَصْلٍ من سديدٍ قضاؤُهُ | وخُطَّة ُ فضلٍ من كريمِ المُرَكَّبِ |
وإن انتظامَ الفصلِ والفضلِ في يدٍ | لشيءٌ إلى السادات جِدُّ مُحبَّبِ |
فرأيك في تيسير أمري بعَزْمة ٍ | كوقعة ِ مسنونِ الغرارين مِقْضَبِ |
وتاللَّه لا أرضى بردّ ظُلامتي | إلى أن أرى لي ألفَ عبدٍ ومركَبِ |
وقد ساءني أَنِّي مُحبٌّ مُقرَّبٌ | وأَنْ ليس لي إذنُ المحبّ المقربِ |
فماليَ في قلبِ الوزير مُرتَّباً | وفي داره حيرانَ غيرَ مرتبِ |
ولا بد لي من رتبة ٍ تُرغمُ العدا | وتسهيل إذنٍ بين أهل ومَرْحبِ |
ولو لم أؤمّلْ منك ذاك وضِعْفَهُ | ذهبتُ من التأميل في غير مذهَب |
فلا ينكرنّ المنكرون تسحّبي | فلولا الجَنابُ السّهلُ لم أتسحبِ |
أتيتُكَ لم أقصِدْ إلى غير مَقصِدٍ | بأمري ولم أرغبْ إلى غير مَرغَب |
ولي منك آمالٌ عريضٌ مُرادُها | وواللَّهِ لا كانتْ مطامعَ أشعبِ |
فإن أنتَ صدَّقت الرجاءَ ببُغيتي | فكم من رجاءٍ فيك غيرِ مكذَّبِ |
وقد صدّق اللَّهُ الرجاءَ وإنما | طلبتُ مزبدَ الخيرِ من خيرِ مَطْلبِ |
وعِشْ عيشَ مغشيِّ الفِناءِ مُحجَّبٍ | جَدا كفِّه في الناس غيرُ محجبِ |