بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا | أقسمتُ باللَّه لقد أنجبا |
ثلاثة ٌ تُشرقُ أنوارُها | لا بُدِّلتْ من مَشرقٍ مَغربا |
بدرٌ وشمس أبَوَا مُشتَرٍ | ما نازعتْ شَرْواهُ أمٌّ أبا |
قد قلتُ إذ بُشِّرتُ بالمُشتري | قولَ امرىء ٍ لم يَخْشَ أن يُكذَبا |
يا آل بِشرٍ أبشروا كلّكُمْ | فقد وَلَدْتُمْ مَطلباً مهرَبا |
تبارك اللَّهُ وسبحانَهُ | أيَّ شهابٍ منكُمْ أثقبا |
إن طابَ أو طِبْتُمْ فما أَبعدتْ | فروعُ مجدٍ أَشبهتْ منصبا |
ولا عجيبٌ لا ولا منْكَرٌ | أن تلِدوا الأَطْيَبَ فالأطيبا |
أصبحتُم واللَّهُ يُبقيكُمُ | مُنجَعَ الحُرِّ إذا أجدبا |
مهما انتقصناهُ إذا زدتُمُ | منْ نِعَمِ اللَّهِ فلن يُحْسَبا |
أنتم أناسٌ بأياديكُمُ | يَستغفرُ الدهرُ إذا أذنبا |
فلْيشكرِ الدهرُ لكم إِنّهُ | أرضَى بكم من بعدما أغضبا |
إذا جَنى الدهرُ على أهلِهِ | وزاد في عِدَّتِكُم أَعتُبا |
إنَّ أبا العباس إلاَّ يكُنْ | أَرَّخَ بالفُلجِ فقد شَبّبا |
قد بيَّضَ الأوجُه بابنٍ لَهُ | قالتْ له آمالُنا مرحبا |
وذاك مِفتاحٌ لإقبالِكُمْ | كذا قضى اللَّهُ ولن يُغْلَبا |
وقد تفاءلتُ له زاجراً | كُنيتَهُ لا زاجراً ثعلباً |
إني تأملتُ لَهُ كُنية ً | إذا بدا مقلوبُها أعجبا |
يصوغها العكسُ أبا سابعٍ | وذاك فأَلٌ لم يعد مَعْطبا |
بل ذاك فألٌ صامنٌ سبعة ً | مثل الصقور استشرفت أرنبا |
يأتون من صلبِ فتى ً ماجدٍ | لا كذَّب اللَّهُ ولا خيبا |
وقد أتاه منهمُ واحدٌ | فلينتظرْ ستة ً غُيَّبا |
في مدة ٍ تعمُرها نعمة | يجعلها اللَّه له تُرْتُبا |
حتى نراهُ جاساً بينهم | أجلَّ من رَضوى ومن كَبْكَبا |
كالبدرِ وافى الأرضَ في نُورِهِ | بين نجومٍ سبعة ٍ فاحتبى |
يُعدي على الدهر إذا ما اعتدى | ويؤمنُ الناسَ إذا استرهبا |
وليشكرِ الناجمُ عن هذه | فإنها من بعضِ ما بوَّبا |
أسدَى وألحمتُ أخٌ لم أزل | أحمدُ ما سدَّى وما سبَّبا |
واسعدْ أبا العباس مُستوهِباً | من ملكٍ أعطاهُ ما استوهبا |
عَمِرتَ والمولودَ حتى ترى | أولادَهُ خلفكُما موكبا |
من فتية ٍ مثلِ أسودِ الشّرى | وصبية ٍ تحسبُهُمْ ربربا |
دونكموها يا بني مَرثدٍ | لا تعدَموا أمثالَها مكسبا |
يا رُبَّ جِدٍّ لكم في العلى | قد جعل المالَ لكم ملعبا |
لا سَلَبَ اللَّهُ سرابيلَكُمْ | من هذه النُّعمى ولن تُسلبا |
وادَّرِعوا من عُرْفكم جُنّة ً | تَفُلُّ نابَ الدهرِ والمِخلبا |
قلتُ لباغيكم وراجيكُم | ما أبعدَ الغيثَ وما أقربا |
سما فأعلى عن يدٍ ملمساً | منه وأدنَى من فمٍ مشربا |
كم سبسبٍ جابَ مديحٌ لكم | ما جاب من إحسانكم سبسبا |
بل خاض روضاً بين غدرانِهِ | يُرضيه إن صعَّد أو صَوَّبا |
قد قلتُ قولاً فيكُم مُعْجباً | أن لم أكنْ ذا حُمُقٍ مُعجبا |
قَلَّلتُهُ فيكم وهذَّبتُهُ | عمداً وما قلَّلَ من هذَّبا |
ومثلُكُمْ خُصَّ بأمثالِهِ | ومثلُكُمْ عن مثلِهِ ثَوَّبا |
وَلي لديكم صاحبٌ فاضلٌ | أُحِبُّ أن يُرعى وأن يُصحبا |
مبارَكُ الطائرِ ميمونُهُ | حدَّثني عن ذاك من جرّبا |
بل عندكم من يُمنهِ شاهدٌ | قد أفصحَ القولَ وقد أعربا |
جاء فجاءت معه غُرَّة ٌ | يُقَبِّلُ الناسُ بها كوكبا |
يا حبذا بُشرى ابنُ عمَّارِكُمْ | ما أحسن العُقبى التي أعقبا |
كان بشيراً بفتى ً منكُمْ | بل بربيعٍ منكُم أَخْصبا |
وما أرى اللَّه امرأً وجهَهُ | إلا أراهُ ولداً طيّبا |
قلت لحُسَّادٍ له أَلهِبوا | أو أطفئوا جمرَكُم الملهبا |
إن أبا العباس مستصحِبٌ | يَرضى أبا العباس مُستصحَبا |
لكنّ في الشيخ عُزَيرية ً | قد تركَتْهُ شَرساً مُشغبا |
فاشددْ أبا العباس كفاً بهِ | فقد ثَقفتَ المخْطَبَ المِحرَبا |
كلِّم به مُلِّيتَهُ مِقْولاً | وازحَمْ به مُلّئته مَنْكِبا |
حاول به أمرأ وقلِّب به | أمراً تجده حُوَّلاً قُلَّبا |
باقِعَة ً إن أنت خاطبتَهُ | أَعرَبَ أو فاكهتَهُ أغربا |
يصلح للجدِّ وما هَزْلُهُ | بدون ما يُحظى وما يُجتبى |
أدَّبَهُ الدهْرُ بتصريفهِ | فأحسنَ التأديبَ إذ أدَّبا |
وظرفُهُ نُورٌ لآدابِهِ | إذ لم ينوِّرْ كلُّ مَنْ أعشبا |
تُقصِّرُ الدهرَ أحاديثُهُ | وتُعجِبُ الأمردَ والأشيبا |
وقد غدا يشكُر نُعماكُمُ | في كلِّ وادٍ موجِزاً مطنبا |
ولم يحاولْ مُستزادي له | ولم يجِد في فعلكم مَعْتبا |
لكن بدأتُ القولَ مستوهباً | فيه لحسنِ الرأي مُستَجلِبا |
صُونوهُ لي واوعَوهُ لي واملأُوا | يديه لي لا بل بما استوجَبا |
ذاك نصيبي من عطاياكُمُ | إن حكَم الحقُّ بأن أُنصَبا |
دع ذا وجاوزْهُ إلى غيرِهِ | يا أكرمَ السادة ِ مُستعتَبا |
كم موعدٍ منك وكم موعد | أَكدى ولستَ البارقَ الخُلَّبَا |
أأمستِ الحيتانُ في ذمّة ٍ | أم أصبحتْ من يَمِّها هُرَّبا |
حظي من الأسبوع لا تَنْسَهُ | ولا يكونَنْ سهميَ الأخيبا |
لا يُخطئنِّي منك لَوزينَجٌ | إذا بدا أعجبَ أو عجّبا |
لم تُغلِق الشهوة ُ أبوابَها | إلا أبتْ زُلفاهُ أن يُحجَبا |
لو شاء أن يذهب في صخرة ٍ | لسهَّل الطِّيب لَهُ مذهبا |
يدور بالنفخة ِ في جامِهِ | دَوْراً ترى الدُّهنَ له لولبا |
عاونَ فيه منظرٌ مخبراً | مستحسَنٌ ساعَد مُستعذبا |
كالحَسَن المُحسِنِ في شَدوهِ | تمَّ فأضحى مَطرباً مَضرَبا |
مُستكثَفُ الحشوِ ولكنهُ | أرقٌّ قشْراً من نسيم الصَّبا |
كأنما قُدَّتْ جلابيبُه | من أعينِ القطرِ الذي قُبّبا |
يُخالُ من رِقّة ِ خرشائِه | شاركَ في الأجنحة الجُنْدَبا |
لو أنه صُوِّرَ من خُبزِهِ | ثغرٌ لكان الواضحَ الأشنبا |
من كل بيضاءَ يُحبُّ الفتى | أن يجعلَ الكفَّ لها مركبا |
مدهونة ٍ زرقاءَ مدفونة ٍ | شهباءَ تحكي الأزرق الأشهبا |
مَلَذُّ عينٍ وفمٍ حُسِّنتْ | وطُيِّبتْ حتى صبا من صبا |
ذِيقَ لها اللوزُ فلا مُرَّة ٌ | مرّتْ على الذائق إلا أبى |
وانتقدَ السُّكَّرَ نُقَّادُهُ | وشاوروا في نقده المُذهبا |
فلا إذا العينُ رأتها نَبَتْ | ولا إذا الضِّرس علاها نبا |
لا تُنكروا الإدلالَ من وامقٍ | وجَّهَ تلقاءكُمُ المطلبا |
إنِّي تسحبتُ على طَوْلكم | بَدءاً فما استخشَنْتُه مَسحبا |
فليُنصفِ الوُدَّ فتى ً ماجدٌ | أضحى التقاضي معه متعبا |
كأنه لم يدرِ أنَّ العلا | تُزْري على العُرف إذا أنصبا |
يا رُبَّ معروفٍ له قيمة ٌ | كُدِّرَ صافيهِ بأنْ يُطلبا |
تَبَرُّعُ التحفة ِ زَيْنٌ لها | وعيبُها الفاحشُ أن تُخْطبا |
وعزة ُ المعروف في ذُلِّه | وذلة ُ العُرف إذا استَصْعَبَا |