نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ | وأين ينجو منّيَ الهاربُ |
أبعدَ إحرازِك أيمانَنا | هاربْتَنا واعتذر الحاجبُ |
يا واقباً بالأمس في بيتهِ | ما وقبَ المِخراقُ يا واقبُ |
يا عجباً إذ ذاك من حالة ٍ | دافِعُنا فيها هو الجاذِبُ |
حقّاً لقد أولَيتَنَا جَفوة ً | يُمحِلُ منها البلدُ العاشبُ |
انظُر بعين العدلِ تُبْصرْ بها | أنك عن منهاجِه ناكبُ |
سالمتَ أضداداً فحاربتنا | وذاك منك العَجَبُ العاجبُ |
أحَرْبُنا حين أسَغْتَ الشَّجا | وحِزْبُنا إذ ضافَك الحازبُ |
هِيبَتْ لقومٍ شرَّة ٌ فاحْتبُوا | ولم يَهَبْ شِرَّتَنا هائبُ |
وانصاعت الدعوة ُ تِلْقاءهُم | وصابَ فيهم مُزنُها الصائبُ |
لا بِدْعَ إن الحرب مرقوبة ٌ | والسِّلمَ لا يرقُبُه راقبُ |
هذا على أنك ذو شيمة ٍ | يُدرُّها الماسحُ لا العاصبُ |
لا زلتَ مَنْ لا سَيْفُهُ ناكلٌ | قِدْماً ومن لا بحرُه ناضبُ |
يا حَسْرتا للسارِقي يومِنا | ولم يُصبهم مِخلَبٌ خالبُ |
ما غرَّهم منا ونحن الأُولى | لم يُرَ في سلطانهم خاربُ |
إن لم يُقيدونا بها مثلها | فالشعر حُرٌّ إن نَجَوْا سائبُ |
بل ليتَ شِعري عنك في أمسنا | والظنُّ عن غيبِ الفتى ثاقبُ |
هل قلتَ أخطأتم رماياكُمُ | لا يلتقي الشارقُ والغاربُ |
لَهْفي وقد جاءَتْكَ جفَّالة ٌ | كلٌّ مُغِذٌّ ساغِبٌ لاغبُ |
ألاَّ يُلاقوك فَتَلْقى بهم | أكْلَ يتامى ما لهم كاسبُ |
من كلِّ شَحْذانِ الْحشا فَهِمُ | يأكل ما لا يحسِبُ الحاسبُ |
فكَّاهُ كالعصرين من دهره | كلاهما في شأنه دائبُ |
ذي مِعْدة ٍ ثعلُبها لاحِس | وتارة ً أرنبُها ضاغب |
تعلوهُ حُمَّى شَرَهٍ نافضٌ | لكن حُمى هَضْمهِ صالبُ |
كأنما الفرُّوج في كفَّهِ | فريسة ٌ ضِرغامها داربُ |
وإن غدا الشَّبوطُ قِرْناً لهم | فخدُّ شَبُّوطِهمُ التَّارب |
أقسمتُ لو أنك لاقيتَهُم | نابَك من أضراسهم نائبُ |
أبشرْ بكرٍّ عاجلٍ إنني | بالثَّأْرِ في أمثالها طالبُ |
لا تحسَبنِّي عنك في غَفْلة ٍ | عَوْدِي وشيكٌ أيها الصاحبُ |
قلتُ لصحبي حين راوغْتَهم | لا تحزنوا قد يشهدُ الغائبُ |
سيصنعُ اللَّهُ لنا في غدٍ | إن كان أكْدَى يومُنا الخائبُ |
كُرُّوا على الشيخ بتطفيلة ٍ | عن عَزْمة ٍ كوكبُها ثاقبُ |
وإن زَواهُ عنكُمُ جانبٌ | فلا يَفُتْكُمُ ذلك الجانبُ |
جُوسُوا عليه الأرضَ واستَخْبروا | حتى يروحَ الخبرُ العازبُ |
لا تَنْجُوَنْ منكم فَراريجُهُ | لا وَهَبَ المُنْجي لها الواهبُ |
لا تُفْلِتَنْ منكمُ شَبَابيطُهُ | لا أفلتَ الطَّامي ولا الراسبُ |
جُدُّوا فقد جَدَّ بكم لاعباً | وقد يَجُدُّ الرجلُ اللاعبُ |
ولْيَكُن الكرُّ على غِرَّة ٍ | والصيدُ في مأمنه ساربُ |
مقالة ُ قمتُ بها خاطباً | وقد يُصيبُ الغُرة َ الخاطبُ |
فاعتَزَمَ القومُ على غارة ٍ | ساندَ فيها الراجلَ الراكبُ |
يَهْدي أبو عثمان كُرودُوسَها | هَداك ذاك الطاعنُ الضاربُ |
يُرْقِلُ والرَّايَة ُ في كفِّه | قد حَفَّها الرامحُ والناشبُ |
والقومُ لاقَوْكَ فاعدِدْ لهم | ما يَرْتضي الآكِلُ والشاربُ |
يَسِّرْ فراريجَكَ مَقرونة ً | بها شَبابيطُكَ ياكاتبُ |
تلك التي مَخْبَرُها ناعمٌ | تلك التي منظرُها شاحبُ |
واذكُر بقلبٍ غيرِ مُسْتَوْهلٍ | يعروهُ من ذِكْر القِرى ناخبُ |
أنَّك من جيران قُطْربُّلٍ | وعندك اللَّقحَة ُ والحالبُ |
فاسْقِ حليبَ الكَرْم شُرَّابَهُ | إذ ليس من شأنهمُ الرائبُ |
أحضِرْهُمُ البكْرَ التي ما اصطلت | ناراً فكلٌّ خاطبٌ راغبُ |
ليس التي يَخْطُبها المُتَّقي | بل التي يخطبها الشاذبُ |
تلك التي ما بايتَتْ راهباً | إلا جفا قِنْدِيله الراهبُ |
تلك التي ليس لها مُشْبهٌ | في الكأس إلا الذهبُ الذائبُ |
أو أمُّها الكبرى التي لم يزل | للّيل من طلعتها جائبُ |
حَقَّقَها بالشمس أن رُبِّيَتْ | في حِجْرها والشَّبَهُ الغالبُ |
فهي ابنة ُ الكَرْمِ وما إن يُرى | إلا التي الشمسُ لها ناسِبُ |
أعجِبْ بتلك البِكْرِ محجوبة ً | مكروبة ً يُجْلَى بها الكاربُ |
مغلوبة ً في الدَّن مسلوبة ً | لها انتصارٌ غالب سالبُ |
بينا تُرى في الزِّقِ مسحوبة ً | إذ حَكَمَتْ أن يُسحب الساحبُ |
تَقتصُّ من واترها صرْعة ً | ليس لها باكٍ ولا نادبُ |
إلاَّ حَمَامُ الأيَك في أيكِهِ | أو عازفٌ للشَّرب أو قاصبُ |
ذاتُ نسيم مسكُهُ فائحٌ | وذاتُ لونٍ ورْسهُ خاضبُ |
هاتيك هاتيك على مثلها | حامَ ولابَ الحائمُ اللائبُ |
والنُّقْلُ والريحانُ من شأنهم | فلا يَعِبْ فقدَها عائبُ |
ولا تنمْ عن نرجسٍ مُؤْنسٍ | يضحكُ عنه الزَّمَنُ القاطبُ |
ريحانُ رُوحٍ مُنْهِبٍ عطره | والرَّوْحُ إذ ذاك هو الناهبُ |
لم يلفح الصيفُ له صفحة ً | ولا سقاه عُودُهُ الشاسبُ |
قد ناصبَ الوردَ فمِنْ قولهِ | لا يلتقي الشِّيعيُّ والناصبُ |
وزَخْرِفِ البيتَ كما زُخرفتْ | روضة ُ حَزْنٍ جادها هاضبُ |
واجلُبْ لهم حَسناءَ في شدوها | لكلِّ ما سرَهُمُ جالبُ |
مُحسنة ً ليست بخطَّاءة | طائرُها الهادِلُ لا الناعبُ |
بيضاءَ خَوْداً رِدْفُها ناهدٌ | غيداءَ رُوداً ثديُها كاعبُ |
مملوكة ً بالسيف مَغْصوبة ً | لها دلالٌ مالِكٌ غاصبُ |
تَستوهِبُ الجيد إذا أَتلعتْ | من ظبية ٍ أَفْزَعها طالبُ |
كأنَّ من عُولجَ من سِحرها | زجاجة ٌ يشعبُها شاعبُ |
نعيمُ من نادمها دائمٌ | وبَرْحُ من فارقَها واصبُ |
كأنها والبيتُ مُستضحِكٌ | والعودُ في قَبْضتها صاخبُ |
أدْمانة ٌ تَنْزِبُ في روضة ٍ | جاوَبها خِشْفٌ لها نازبُ |
واصبُبْ عليهم تُحفاً جَمَّة ً | يُحْمَى بهنَّ الموعدُ الكاذبُ |
ولا يكنْ فيما يُعانَى لهم | ضِيقٌ ولا ما يَخْشِبُ الخاشبُ |
فما رأَيْنا مَرْتعاً مُجْدِباً | إلا وفيه راتعٌ جادبُ |
واغْرَمْ لهم من بعد ذا كُلِّه | ما نفل الملاَّحُ والقاربُ |
وتُبْ من الذنب الذي جئتَهُ | فقد يُقالُ المذنبُ التائبُ |
كيما يقولوا حين تُرضيهمُ | يا حبذا المُنهزمُ التائبُ |
وإن رَجَوْا أخرى فمن قولهم | أفْلَحَ هذا الغائب الآئبُ |
أعتِبْ بيومٍ صالحٍ فيهمُ | ليس على أمثاله عاتبُ |
ولا يكن يوماً إذا ما انقضى | صِيحَ به لا رَجَعَ الذاهبُ |
إلاّ يكن ذاك لهم واجباً | فإن تطفيلَهُمُ واجبُ |
عَجِّلْ لهم ذاك ولا تَهْجُهم | ولا يَثِبْ منك بهم واثبُ |
فليس من يأدِبُ إخوانَهُ | مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ |
أخْلَفنا نِوْؤُك موعدَهُ | فلا تصبنا ريحُك الحاصبُ |
حاشاك أن يلقاك مُستمِطر | ومُزْنُكَ الصاعق لا الصائبُ |
أو فادْعُهُمْ ثم اهْجُهم راشداً | وأنت أنت الجابر الحاربُ |
كي يذكروا من مأْرِبٍ معهداً | إنْ غرِقت في سيلها مأرِبُ |
دع عنك خبط الجور في أمرنا | فقد أضاء السّنَن اللاّحب |
لا تُطعمنَّا لحمك المتَّقَى | فليس مما يأكل الساغبُ |
وكيف أكلُ الناسِ لحمَ امرىء | مِقْوَلُهُ صَمْصَامَة ٌ قاضبُ |
واعلم بأنَّ الناسَ من طينة ٍ | يصدق في الثلب لها الثالبُ |
لولا عِلاجُ الناسِ أخلاقَهُم | إذاً لفاح الجمأُ اللازبُ |
ومن غدا مثلك في مجده | حُمِّل ما لا يحمل الصاقبُ |
فقاتِل الشُّح بجند النّدى | يُنْصَرْ عليه إلبُكَ الآلب |
واغرَمْ حُطاماً واغتنمْ سمعة ً | فالزادُ ماضٍ والثّنا راتبُ |
هذا مزاح يا أخي كُلُّهُ | لشانئيك الشجَبُ الشاجبُ |
فاستصلحِ المالَ فمن دونِهِ | أُسْدٌ عليها الأشَبُ الآشبُ |
إن الإخاء المصطفى بيننا | ليس له من غيره شائبُ |
أقسمتُ والحق له فضلُهُ | إذا التَقَى المحتجُّ والشاغبُ |
إنك ممّا يجتني المجتني | ولستَ ممّا يحطِبُ الحاطبُ |
فاعمَرْ من النعماء في دولة ٍ | منصورة ٍ ليس لها قالبُ |