نبهتهُ فقام مشبوحَ العضدْ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
نبهتهُ فقام مشبوحَ العضدْ | أغلبُ لوسيمَ الهوانَ ما رقدْ |
في يده مذروبة ٌ مزيدة ٌ | و درعه سابغة ٌ من اللبدْ |
إذا غدا لم يحتشمْ هاجرة ً | و إن سرى لم يخ من ليلٍ بردْ |
إن همّ لم يحبسْ على مشورة ٍ | و إن غدا لسفرٍ لم يستعدْ |
لكلّ باغي قنصٍ طريدة ٌ | تنفرُ منه وله كلُّ الطردْ |
هبَّ بلبيك وقد دعوته | مكتفيا بقوله إلى الأبدْ |
و خيرُ من ساندَ ظهري أسدٌ | أو رجلٌ في صدره قلبُ أسدْ |
و قال في لهاة ِ أيّ خطرٍ | تقذفُ بي وعرض ما أيَّ بلدْ |
و ما الذي رابك قلتُ حاجة ٌ | في أفقِ المجدِ فقام فصعدْ |
يسبقني سعيا لما أريده | حتى لقد أدرك بي ما لم أردْ |
فردينْ إلاّ صارمين اعتنقا | و ضامرينْ وردا أين قددْ |
تضمرُ أحشاءُ الدياجي والفلا | منى ومنه جسدين بجسدْ |
كأنّ إثرينا إذا ما أصبحا | على الثرى مسحبُ رمح أو مسدْ |
حتى بلغتُ مسرحَ العزّ به | بأول الشوط وأقرب الأمدْ |
و ربَّ عزمٍ قبلها ركبتهُ | ففتُّ أن أظلمَ أو أن أضطهد |
و غارة ٍ من الكلامِ شنها | على اللئامِ كلُّ معنى ً مطردْ |
شهدتها مغامراً وكنت بال | حضّ عليها غائبا كمن شهدْ |
و لذة ٍ صرفتُ وجهي كرما | عنها وفيها رغبة ٌ لمن زهدْ |
لم يعتلقني بأثامٍ حبلها | و لم ينلني عارها ولم يكدْ |
و حلة ٍ طرقتُ من أبياتها | أمنعها بابا وأعلاها عمدْ |
و الحيّ إما خالفٌ أو حاضرٌ | خيطُ الكرى بجفنهِ قد انعقدْ |
و ليس إلا بالنباح حرسٌ | لهم وإلا مقلة النارِ رصدْ |
فبتُّ أستقري الحديثَ وحده | و غيرهُ لولا العفافُ لي معدّْ |
و دون إرهابيَ حدٌّ صارمٌ | عانقته ومقولٌ منه أحدّْ |
و كم بذاتِ الرمل من نافرة ٍ | بغير أشراك الشبابِ لم تصدْ |
أحسنُ من بذلِ هواها منعها | و من وصالِ الغانياتِ ما تصدّْ |
نوميَ محفوظٌ إذا ما زرتها | و موضعي إن غبتُ عنه مفتقدْ |
يعجبُ قلبي مطلها لطول ما | يكرُّ بي المطلُ إليها ويردّ |
لله أحبابٌ وفيتُ لهمُ | بما استحقوا من أسى ً ومن كمدْ |
لم يكفهم شقوة ُ عيني بعدهم | حتى استعانوا بالدموع والسهدْ |
مضوا بجمات الحياة معهم | و عولوا بشفتى على الثمدْ |
صحبتُ قوما بعدهم حبالهم | سحيلة ُ الفتل رخيات العقدْ |
و ما على من كدهُ حرُّ الظما | إذا رأى الماءَ الأجاجَ فوردْ |
يضربُ قومٌ في وجوهِ إبلي | و قد كفاهم أنها عنهم حيدْ |
لا تعجل الكومَ إلى ذيادها | فهي قماحٌ عنكمُ لو لم تذدْ |
ما للبخيل يتحامى جانبي | متى رآني عاكفا على النقدْ |
يسترُ عنيّ القعبَ دافَ حنظلا | فيه وقد أمرَّ في فيَّ الشهدْ |
ما أبصرَ الدهرَ بما أريده | لو كان في الحكم عليّ يفتصدْ |
أنولني منزلة ً بين الغني | و الفقرِ لم يبخلْ بها ولم يجدْ |
و شرُّ أقسامك حظٌّ وسطٌ | أرعنُ لم تخملُ به ولم تسدْ |
أغرى الليالي بيَ أنيَ عارفٌ | بالسهل من أخلاقهنَّ والنكدْ |
و أنني أقدحُ في صروفها | بعزمة ٍ تضيءُ لي على البعدْ |
تطلعني على اليقين ظنتي | كأنّ يومي مخبري بسرَّ غدْ |
يا بائعي مرتخصا بثمني | سوف يذمّ مستعيضُ ما حمدْ |
مثلي نضارا ضنت الكفُّ به | لو كان في الناس بصيرٌ ينتقدْ |
قد فطنتْ لحظها مطالبي | و أبصرتْ عيني الضلالَ والرشدْ |
و قد علمتُ أيَّ برق أمتري | مزنته وأيَّ بحرٍ أستمدّْ |
و وسعتْ أيدي بني أيوبَ لي | و بشرهم ملء المنى ما لا وودّْ |
فما أبالي وهمُ الباقون لي | من ذا فنى في الناس أو من ذا نفدْ |
و لا أروم الرزقَ من غيرهمُ | و إنما أطلبُ من حيث أجدْ |
المانعون بالجوار والحمى | و الناهضون بالعديد والعددْ |
و الغامرون المحلَ من جودهمُ | بكلّ كفًّ ذاب في عامٍ جمدْ |
و الضاربون في اليفاع والذرى | إذا بيوتُ الذلَّ عاذتْ بالوهدْ |
تضيء تحت الليل أحسابهمُ | لضيفهم إن حاجبُ النار خمدْ |
مدوا إلى الحاجات من ألسنهم | ذوابلا منذ استقامت لم تمدْ |
لا تتقيها هامة ٌ بمغفرٍ | و لا يداريها عن الجسم الزردْ |
تبهر في الأسماع كلَّ جائفٍ | إذا استقامت لحمة الجرح فسدْ |
تعرفوا بالمجد حتى سافرت | أخبارهم بطيبهِ وهم قعدْ |
و اختلفوا لا أخطأتْ بسهمها | أمنية ٌ صوبَ نداهم تعتمدْ |
و أفسدوا الدنيا على أبنائها | فما ترى مثلهمُ فيمن تلدْ |
همْ ما همُ أصلا ومن فروعهم | أبلجُ أربي طارفاً على التلدْ |
و فيَ بمجدِ قومهِ محمدٌ | فبرهم وربما عقَّ الولدْ |
و بانَ من بينهمُ بهمة ٍ | خلة ُ كلّ سؤددٍ منها تسدّْ |
تمَّ وبدرُ التمَّ بعدُ ناقصٌ | و زاد والبحرُ المحيطُ لم يزدْ |
و دبر الدنيا برأي واحدٍ | يأنفُ أن يشركه فيها أحدْ |
تراه وهو في الجميع واحدا | و البدرُ في حفل النجوم منفردْ |
إذا استشار لم يزد بصيرة ً | و لا يلوم رأيه إذا استبدّْ |
حتى لقد أصبح باتحاده | يتيمة َ الدهر وبيضة َ البلدْ |
قام فنال المكرماتِ متعبا | و فاز بالراحة مخفوضٌ قعدْ |
و خامَ عن حمل الحقوق معشرٌ | فلم يرعه حملها ولم يؤد |
و لو درى النائمُ أيَّ قدمٍ | يحرزها الساهر لاشتاق السهدْ |
و ربما برح بالعين الكرى | و كانت الراحة داءً للجسدْ |
تسلمتْ من القذى أخلاقهُ | و الماءُ يقذى بالسقاء والزبدْ |
و انتظم القلوبَ سلكُ وده | فما يرى من لا يحبّ ويودْ |
لا رفقَ الغيظُ بقلبٍ محفظٍ | عليك إن لم يقل الشعرَ اعتقدْ |
جاراك يرجو أن يكون لاحقا | سومُ السحوق فات أن يجنى َ بيدْ |
ينقاد للذلة طوعَ نسبٍ | حيرانَ في الأحساب أعمى لم يقدْ |
يدين بالبخل إذا سيلَ فإن | أخطأ يوما بنوالٍ لم يعدْ |
مدّ بحبلِ شره فانفصمت | أسبابهُ وأنت بالخير تمدّْ |
فكلما جاز مدى جاوزته | مقاربا للمجد من حيث بعدْ |
بك اعتلقتُ ويدي وحشية ٌ | و ضمّ أنسي شملهُ وهو بددْ |
و ارتاض مني لك خلقٌ قامصٌ | لم يدر قبلُ ما العطاءُ والصفدْ |
ملكتَ قلبي شعفا فما وفى | بقدرِ وجدي بك صبري والجلدْ |
حتى حواني أولا فأولا | و واحدٌ أولُ ألفٍ في العددْ |
كم أيكة ٍ أنبتها جودك لي | تربُ ثراها طيبٌ والماءُ عدّْ |
و كلما صوح منها غصنٌ | عاد بها جودك غضاتٍ جددْ |
قد ملأتْ أوعيتي ثمارها | فقدك إن ردَّ عبابَ السيلِ قدْ |
لم تبق فيَّ خلة ٌ تسدها | و إنما الخلة ُ بالمال تسدّْ |
لي فيك من كلّ فقيدٍ خلفٌ | فابقَ فما يضرني منْ أفتقدْ |
إذا السنانُ سلمتْ طريرة ً | علياهُ فلتمضِ الأنابيبُ قصدْ |
و اضرب بسهمٍ في العلاء فائزٍ | من يدِ عمرٍ فائزٍ لا يقتصدْ |
تنفضُ عنك الحادثاتُ شعبا | حيثُ التهاني حافلاتٌ تحتشدْ |
كلّ صباحٍ شمسُ إقبالك في | فتوقهِ مفتنة ٌ شمسَ الأبدْ |
جذلانَ بين مادحٍ وحاسدٍ | فموجباتُ المدح يوجبن الحسدْ |