سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سرى والدجى كالصدر بالهم ملآن | خيالٌ بقلبي منه كالشهب أشجان |
فنفرٌ عن طرفي الكرى وأعاد لي | رسيس غرام وانقضى وهو غضبان |
على حين لم ينضب من النجم قطرة | ولا فاض في الظلماء للفجر طوفان |
ولا شفق الإصباح ماء وقهوة | ولا الطير في دوح على العود مرنان |
يخيل لي طيفُ المليحة حسنها | لو أن الكرى فيه على الحسن إحسان |
بروحي من شطت فحجبت النوى | شقائق خدَّيها وأقفر نعمان |
كأن لم يكن نعمان للغيد منبتاً | فيا حبذا قضبٌ لديه وكثبان |
ويا حبذا قضبٌ من البان حملها | لذي الثغر تفاح وذي الضم رمان |
وكم قيل في البستان غصنٌ وهذه | معاطفها تجلى وفي الغصن بستان |
وغيداء أما ردفها فهو مشبع | رويّ وأما خصرها فهو عريان |
وما كنت أدري قبل فتك جفونها | بأن السيوف المشرفية أجفان |
و من عجب محض الأعاريب جاده | تجوع على غلاته وهو شبعان |
و أعجب من ذا أن في فمها الطلا | وإني الى تلك المليحة نشوان |
لي الله قلباً لا يزال تهيجه | الى الحب أوطارٌ قدُمن وأوطان |
أجيراننا بالشعب سقياً لعهدكم | وان كان عهداً حظنا منه أشجان |
و لا زال عقد المزن دراً بداركم | يفصله من قادح الشوق مرجان |
تذكرني الأشواق فيكم غزالة | تفرّ حياً منها الى البيد غزلان |
فتاة رأى اللاحي عليها مدامعي | فقال رياضٌ قلت إنَّ وغدران |
فبعت لها روحي أتم تبايعٍ | فيا حبذا لم ذا تفرق أبدانُ |
ولم أنس مسرى شمسها وهي طلعة | يحف بها شهب الوغى وهو خرصان |
إذا هب تلقاء الهوادج سحرة ً | هواءٌ حثا في وجهه الترب غبران |
يذبّ كما ذبّ ابن يحيى عن العلى | فلا الانس دان من حماها ولا الجان |
أعم الورى جوداً وأبرع منطقاً | فقل في سحاب الجود تزجيه سحبان |
ففي صدره الدهناء حلماً إذا اجتنى | وكفاه سيحانٌ علينا وجيجان |
يجود وقد أرسى الوقار بعطفه | كما دفع السيل العرمرم ثهلان |
و يقضي على أمواله فيمينه | وأكسياسه للمال نعش وأكفان |
ندى متبعٌ بالمال جاهاً كما همى | على منبع السلسال أو طف هتّان |
إذا جاد بالوجناء كالبيت حاتم | فمن جود مولانا قلاعٌ وبلدان |
و من جود مولانا ناعلاً ومناصبٌ | وعلمٌ لنظام الثناء وتبيان |
ولا عيب في نعمائه غير أنها | لأعناق أحرار البرية أثمان |
و لا عيب أيضاً في بديع كلامه | سوى أنه بالحسن للناس فتّان |
خطاب كذوب الشهد في فم ذائقٍ | ولكنه في مهجة الضد خطبانُ |
رقيق فما الصهبا لديه ذكية | وجزل فما الرمح المدرب ملسان |
مضى وبدا عبد الرحيم وأحمد | فلله آثارٌ كرُمنَ وأعيان |
و لله من لفظ ابن يحيى وفضله | علينا مدا الأيام روحٌ وريحان |
وزيرٌ له الحسنى صفاتٌ وكاتبٌ | عليه لأوضاع السيادة عنوان |
محيط الندى بالعالمين كأنما | له الأرض دارٌ والبرية ضيفان |
و كافل أمر الملك حتى كأنما | هو الروح والملك المحرك جثمان |
و بالغها في مرتقى المجد رتبة ً | تلظى ولم يظفر بها قبلُ كيوان |
له قلم يجدي ويردى به العدى | فلله طعام اليراعة طعّانُ |
تعلم سطو الأسد في كرم الحيا | زمان سقته السحب والدار حفان |
إذا قال صاغ الدر لفظاً وأنعماً | كما شهدت أجياد قوم وأذهان |
فأسطره نحو الدراري سلالمٌ | والا فنحو الدر في البحر أشطان |
و ياربّ جيش نقعه ونضالهُ | دخان تراعيه الوحوش ونيران |
تظل به العقبان آلفة القنا | كأنهما ورقُ الحمائم والبان |
كأن الثرى خد من الدم مشرق | إذا ما التقى الصفان والخيل خيلان |
تلقف ذاك النضو جمع سلاحه | كما في اليد البيضاء للقف ثعبان |
يصرفه البحر الذي البحر كفه | وأنمله أنهار رزقٍ وخلجان |
من القوم حلوا محل آفاق دولة | فهم في سماء العز والرأي شهبان |
ألم ترهم كالشهب لما علموا حموا | ولما حموا ضاؤوا ولما أضوا رانوا |
لعدلهمُ صلح الضراغم والظبا | وبين الندى والوفر عبسٌ وذبيان |
يرجح ما بين الكواكب فضلهم | ومن أجل هذا للكواكب ميزان |
جمعتم بني الفاروق ما افترق العلى | ونظمتمو أحوالها وهي شدّان |
لعمري لقد طبتم وطابت محاتدٌ | وطابت لكم يا زبدة الفضل ألبان |
و حسبك يا فرع السيادة والعلى | فنونٌ أضاءت في الفخاروأفنان |
تجمع في أوصافك اللطف والسطا | كأنك في أثنائنا حرّ نيسان |
و سرّ وقد أحيت محياك آخذاً | كتاب العلى بل سرّ جدك عدنان |
رأتك نظير العين في الناس دولة | على رأسها من صوغ لفظك تيجان |
لقد شاءَ ربّ تفضيل قدرهم | كأنك فيهم يا أخا العين إنسان |
و إنك يا عين الملوك شهابهم | إذا زاغ في أفق المهالك شيطان |
و إنك للبحر الذي كله وفاً | وكل حصى شطيه في النقد عقيان |
بدأت بخير طال دون تمامه | لحظي وللأيام عدوٌ وعدوان |
و دافعني الديوان عن متوفرٍ | ولي فيك يا أوفى الخليقة ديوان |
فقم في ذرى العليا قيام عناية | سيمضي بها أزمان ذكرٍ وأزمان |
و دونك مني كل مشرقة الثنا | لها الأفق مغنى والأهلة جيران |
منظمة من كلّ بيت بودّكم | ففي كلّ بيت للموالاة سلمان |
ولا عيب فيها غير راحة نظمها | وحاسدها ذاك المنكل تعبان |
يحاول نظماً مع مثاقيل نظمه | كأنّ يراعاً في الأنامل قبّان |