برغميَ أن غاض الندى بكماله
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
برغميَ أن غاض الندى بكماله | فلم يبق الا زورة من خياله |
والا دموع من جفون كأنها | تردّ على مثواه فيض نواله |
أسفت لبدرٍ بانَ عنه محمد | فبان بمعنى حسنه وجماله |
وولى كما ولى السحاب مودعاً | وفي كل روضٍ نفحة من سجاله |
وزال وقد أبقى جواهر بحره | ومات وقد أحيى مناقبَ آله |
ألا في سبيل الله مصرع ماجد | تزيلت العلياء مثل زواله |
فقدناه فياض المكارم واللهى | يشفّ ضياء المجد بين خلاله |
لئن قصرت أيدي الحوادث بعده | لعهدي بها مغلولة بنكاله |
بروحيَ وصاح الصفات كأنما | طبعن دراري الحسن بعد خصاله |
أما والذي أنشأ أياديه والحيا | لقد فقد الظمآن صفو زلاله |
وقد زال من أفق الأثير عن الورى | سنا كوكبٍ تسهو السها لمناله |
فمن للعلى يهدي سبيل رشادها | ومن للرجا يمحو ظلام ضلاله |
و من ليراع قد أفاض مداده | وجرّ من الأطراس ذيل خياله |
و من لخطوط غاب بدر كمالها | فهلاّ فداه الخط بابن هلاله |
و من لمعانٍ في المهارق تجتلى | بحلي وجوه الخود بين حجاله |
إلى الله اشكو يوم فقدك انه | رمى كل عقل ناشطٍ بعقاله |
و قوس من ثقل الرزية أظهراً | فلا غرو أن أصمى الحشا بنباله |
بكاك فقير رافع لك قصة | نصبت على التمييز كسرة حاله |
و ممتدح لهفان يسألك الغنى | أجرت معاني مدحه بسؤاله |
و مطلب كان ارتحالك قبله | فعطلت الأيام شدّ رحاله |
و عصر حلا جملت مرآه برهة | وخلفته ينعي أتمّ رجاله |
كأنك لم تنهض باعباء دولة | تكلف سعي الدهر فوق احتماله |
كأنك لم تحمل يراعاً تمرها | وتعضدها في سلمه وصياله |
و من عجب مقدار فرع يراعة | وقد وسع الدنيا بفيء نواله |
كأنك لم تبسط بنان مؤمل | يمين غوادي المزن دون شماله |
و ما هي الاهمة لك أنفذت | وصاة رسول الله عند بلاله |
فأنفقت ما أحرزت بالبذل ذخره | وما ذخر مال المرء غير ابتذاله |
عزاء العلى عن راحل بيد الردى | وكلّ مقيم مؤذن بارتحاله |
و ما الدهر الاخيط فجر وليله | يجران من شخص الفتى بانتقاله |
و اني وان احسنت سلوة فاقدٍ | لمضمر شجوٍ مثخن بنصاله |
أينفذ عني الحزن بعد محمد | وما استنفذت كفي نوافل ماله |
أأنسى له في كل جدب غمائماً | تحثّ على رغم الحيا ومطاله |
أأنسى له في كل درج قلائداً | منظمة من رفده ومقاله |
سأبكيه ما لاح الظلام بظلمه | وابكيه ما ناخ الحمام بضاله |
و ما أنا الا بالجميل مطوق | أولى أسى لا كنت أن لم أواله |
صدحت له بالمدح عند لقائه | وهذا أوان النوح عند زواله |