أبكيك للحسنين الخلق والخُلق
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبكيك للحسنين الخلق والخُلق | كما بكى الروض صوب العارض الغدق |
تبكيك رقة لفظي في مهارقها | يا غصن فاسمع بكاء الورق في الورق |
وما أوفيك يا عبد الرحيم وإن | بكت لك العين بعد الماء بالعلق |
ما زال مبيضّ دمعي داعياً لدمي | حتى بكيت ظلال الحسن بالشفق |
وخددت فوق خدي للبكا طرق | حتى رويت حديث الحزن عن طرق |
يا ساكن اللحد مسرور المقام به | أرقد هنيئاً فإني دائم الأرق |
وإن تعرض لي في الليل طيف كرى | فلا تشقني وغيري سالياً فشق |
صح الوداد لقلبي والأسى فلذا | أبكيك بالبحر لا أبكيك بالملق |
بنيّ لولاك ما استعذبت ورد بكا | ولا أنست بتسهيد ولا أرق |
ليصنع الدمع والتسهيد ما صنعا | فإن ذلك محمول على الحدق |
بنيّ لا وجبينٍ تحت طرته | لم يخل حزنك لا صبحي ولا غسقي |
يهيّج الليل ناراً فيك أنكرها | فإن صدقت فقلبي ليلة الصدق |
ويجلب الصبح لي مما آساء به | بياض شعر فيا فرقي ويا فرَقي |
بنيّ إن تسق كاسات الحمام فكم | مليك حسن كما شاء الزمان سقي |
بنيّ ان الردى كأس على أممٍ | ما بين مصطبح منها ومغتبق |
وللهلال على الأعمار قاطبة | فترٍ يحاول منها كل مختنق |
والعمر ميدان سبق والحمام له | مدى وكل الورى جارٍ على طلق |
مارد سيف الردى سيفُ ابن ذي يزن | ولا نجا تبع في الزعف والخلق |
ولا أحتمي عنه ذو سنداد في شرف | ولا اختفت دونه الزباء في نفق |
كم نائح كالصدى مثلي على ولدٍ | يقول واحرقي إن قلت واحرقي |
ولا كمثلي في حزن فجعتُ به | لكن أعلق صبري فيه بالعلق |
أدنيت للطرف قبراً أنت ساكنه | عسى أساعد في شجوي وفي قلقي |
بالرغم ان بات يدر الأفق معتلياً | وبات بدريَ مدفوناً على الطرق |
كأنني لم أغن الليل من طرب | ليل الحمى بات بدري فيك معتنقي |
يا ترب كم من فتور قد نثرت بها | أعضاء حسن كمثل اللؤلؤ النسق |
وكم تركت بها كفاً بلا عضد | وقد توسدها رأس بلا عنق |
آهاً لها حسرات لو رميت بها | ثهلانَ خلّ حصاة القلب لم يطق |
وأوجهاً كخلاص التبر قد جليت | على الحمام عليها لؤلؤ العرق |
كانت رياضاً لمستجلٍ فما تركت | منها الليالي سوى ذكر لمنتشق |
بنيّ ليتك لم تعرف ولاءك في | حبي فرحت بدمعي شاكيَ الغرق |
وليت نجمك لم يشرق على سحري | وليت برقك لم يومض على أفقي |
ما كان أقصر أوقات بك استرقت | فليت عمريَ مقطوعٌ على السرق |
ما كان أهداك في السن الصغير الى | فضل تجمع فيه كل مفترق |
فإن يغب منك عن جفني عطارده | فقد رسيت بفكر فيه محترق |
مضيت حيث بقايا العمر تضعف لي | واطول حزني مما قد مضى وبقي |
لا أهملتك عيونُ السحب هاملة | ولا بعينيك ما يلقى الحشا ولقي |
فما أظنك ترضى حالة نعمت | وأن قلبي بنيران الهموم شقي |
قد أخلقت جسدي أيدي الأسى فمتى | للأرض ترمي بهذا الملبسِ الخلق |