سقاك وحياك الحيا أيها القبر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سقاك وحياك الحيا أيها القبر | وفاضت على مغناك أدمعه الغزر |
وزارت ثراك الطهر سحبٌ وفية | لدى المحل حتى يجمع الطهر والطهر |
تجود بسقياها على جدث العلى | وان كان في أرجائه البحر والبر |
امام تقى ً للملك في رأيه هدى | وصدر عليً لله في أمره سر |
فقدناه مشكور المساعي منزهاً | عن الوزر ان أودى بذي تربة وزر |
فلهفي على آرائه البيض أحوجت | اليها الرماح السمر والعذب الصفر |
ولهفي على أقلامه السود اوحشت | اليها السيوف الحمر والنعم الخضر |
سلام على الانشاء بعد فراقه | سلام امرىء ٍ أمسى لأدمعه نثر |
عليك ابن فضل الله شقت جيوبها | فضائل في طيّ البلاد لها نشر |
رحلت فألقى رحله كل قاصد | وقطع من أسبابه بعدك الشعر |
وكانت بك الأوقات فجراً ولا دجى | فأمست دجى لما انقضيت ولا فجر |
وليس بقفر ما سكنت وانما | أرى كل مغنى ً لست فيه هو القفر |
مضيت غنياً عن سواك موقراً | وللدين والدنيا اليك إذا فقر |
كأنك لم تنفع ولياً ولم تضر | عدوًّا ولم تحمدك في أزمة ٍ سفرُ |
ولم بغز ذو الأملاك مغمدة الظبا | بجيش من الآراء يقدمه النصر |
ولم تنضَ في الأعداء كتباً جلية ً | سواء بها صف الكتيبة والسطر |
ولم تخف أسرار الملوك اذا ارتمت | اليك ولم يفسح لمقدمك الصدر |
ولم تلق أعباء الأمور ولم يجل | يراعاً ولم يذعن لك النهيُ والأمر |
بلى كنت تحمي الناس من كيد دهرهم | فكادك موتورٌ وقد يدرك الوتر |
جزيت عن الاسلام خيراً فطالما | خبا شررٌ عنه بعزمك أو شر |
أفاض الدجى حزناً لباسَ حداده | عليك وحارت في مطالعها الزّهر |
ولم لا وقد أحييت ذاك تهجداً | وكم كثرت هاتيك أوصافك الغرّ |
وكم قاصدٍ يبكي عليك وقاصدٍ | فهذا له بشرٌ وهذا له أجر |
فلا يبعدنك الله من مترحلٍ | له العزة ُ القعساء والسؤدد الدثر |
يودّ العدى لو بلغوا ما بلغته | وكان لهم من عمرك العشر لا الشطر |
عزاءً عليه اليوم يحيى ببيته | وصبراً صلاح الدين قد صلح الصبر |
ألا إنها الأيام من شأنها الرّضا | اذا احتكمت يوماً ومن شأنها الغدر |
وما الناس إلا راحلٌ إثر راحلٍ | إذا ما انقضى عصرٌ بدا بعده عصر |
تبدت لدى البيدا مطايا قبورهم | ليعلمَ أهلُ العقل أنهم سفرُ |
عجائب تعيي الناظرين وحكمة ٌ | ممنعة ٌ قد زل من دونها الفكر |
وغاية أهل البحث والفحص قولهم | هو الرزق يمضي وقته وهو العمر |
بحقك قل لي أين من طار ذكره | فأصبح في كل البقاع له وكرُ |
وأين ابن فضل الله ذو الرتب التي | عنت لسناها الشمس أو قصر البدر |
مضى وبحقّ أن يقال له مضى | فقد كان عضباً في الأمور له إثر |
سقى عهده المشكور عنا ولا غدا | معانيه عفوٌ لابكيٌّ ولا نزر |
وأكرم به من صائمٍ متخشعٍ | تولى فأمسى في الجنان له فطر |