تنبه لما أن رأى شيبه فجرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تنبه لما أن رأى شيبه فجرا | فنزه عن عاداته الشعر والشعرا |
وأعرض عن أغزاله وغزاله | فلا قامة ٌ سمرا ولا وجنة ٌ حمرا |
ولا مقلة ٌ نجلاءُ يحرس لحظها | لمى ً فأقول السيف قد حرس الثغرا |
ولا مرشفٌ ماءَ الحياة ِ حسبته | ولا نبتُ خدٍ كنت أحسبه الخضرا |
ولا قهوة ٌ أستغفر الله تجتلى | ومن عجبٍ أن قد حلا منه ما مرا |
وكانت كما لا يقتضي العقل غرة ً | فحنك ذاك الشيب ذاك الفتى الغرا |
وذكرني فقدَ الأحبة مرجعي | اليهم وترحالي فلم أستطع صبرا |
أحباء ساروا قبلنا لمنازلٍ | فيا صاحبي رحلى قفا نبك من ذكرى |
كأنهمُ لم يركبوا ظهر سابح | ولا ركبوا في يوم مكرمة ٍ ظهرا |
ولا بسطوا يمنى ببذلِ رغيبة ٍ | ولا أوجدوا من بعد جائحة ٍ يسرا |
لنا عبرة ٌ فيهم تنبه مقلة ً | ولو أرشدت كانت له مقلة غبرا |
لقد غرّت الدنيا بخدعة حربها | فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى |
حمى الله من عين الزمان وأهله | لنا ملكاً قد أحرز الذكر والأجرا |
ترجى لدنياها الملوك واننا | لنرجوه للدنيا ملاذاً وللأخرى |
مليكٌ سمت عيناه للنسك والعلى | فكانت قليلاً من دجى الليل ما تكرى |
وأعذرَ في هجر التنعم نفسه | وقال للاحيه لعلّ لها عذر |
على حين أعطاف الشبيبة لدنة ٌ | وروضتنا في الملك أو نفسها خضرا |
ومازال طهر الفعل حتى تشبهت | فعال رعاياه فكان يرى طهرا |
ليهن بني أيوب أن محمداً | بنى لهمُ في كل صالحة ٍ ذكرا |
وبرّ البرايا عدله ونواله | فلا عدموا من شخصه البرّ والبحرا |
وفي الناس من حاز الممالك جنة ً | ولكن جنان الخلد مملكة ٌ أخرى |
أيا ملكاً نمسي اذا الدهر مظلم | نراقب من لألاء غرته الفجرا |
بقيت لنا تعلو عن الشعر رتبة | نعم وعلى هام السماكين والشعرى |
وتذكرنا عهدَ الشهيدِ ودهره | سقى الغيث عنا ذلك العهد والدهرا |