صحا القلب لولا نسمة ٌ تتخطر
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
صحا القلب لولا نسمة ٌ تتخطر | ولمعة ُ برق بالغضا تتسعّر |
وذكر جبين البابلية إذ بدا | هلال الدجى والشيء بالشيء يذكر |
سقى الله أكناف الغضا سائل الحيا | وإن كنت أسقى أدمعاً تتحدر |
وعيشاً نضا عنه الزمانُ بياضه | وخلفه في الرأس يزهو ويزهر |
تغير ذاك اللون مع من أحبه | ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغير |
و كان الصبي ليلاً وكنت كحالمٍ | فيا أسفي والشيبُ كالصبح يسفر |
يعللني تحت العمامة كتمه | فيعتاد قلبي حسرة حين أحسر |
و ينكرني ليلي وما خلت أنه | إذا وضع المرء العمامة َ ينكر |
ألا في سبيل الله صوم عن الصبي | وقلب على عهد الحسان مفطر |
تذكرت أوطانَ الوصالِ فأشهبٌ | من الدمع في ميدان خدي وأحمر |
إذا لم تفض عيني العقيق فلا رأت | منازله بالوصل تبهى وتبهر |
و إن لم تواصل غادة السفح مقلتي | فلا عادها عيشٌ بمغناه أخضر |
ليالي تجني الحسن في أوجه الدمى | وتجني على أجسامها حين تنظر |
يؤثر في خد المليحة لحظها | وإن كان في ميثاقها لا يؤثر |
رأيت الصبي مما يكفر للفتى | ذنوباً اذا كان المشيب يكفر |
إذا حل مبيضّ المشيب بعارضٍ | فما هو الا للمدامعِ ممطر |
كأني لم أتبع صبي وصبابة | خليع عذارٍ حيثما همت أعذر |
و لم أطرق الحي الخصيب زمانه | يقابلني زهرٌ لديه ومزهر |
و غيداء أما جفنها فمونث | كليلٌ وأما لحظها فمذكَّر |
يروقك جمعُ الحسن في لحظاتها | على أنه بالجفنِ جمعٌ مكسر |
من الغيد تحتف الظبا بحجابها | ولكنها كالبدر في الماء يظهر |
يشفّ وراء المشرفية خدها | كما شفَّ من دون الزجاجة مسكر |
و لا عيبَ فيها غير سحر جفونها | وأحبب بها سحارة حين تسحر |
إذا جردت من بردها فهي عبلة ٌ | وان جرَّدت ألحاظها فهي عنبر |
إذا خطرت في الروض طاب كلاهما | فلم يذرِ من أزهى وأشهى وأعطر |
خليلي كم روضٍ نزلت فناءه | وفيه ربيعٌ للنزيل وجعفر |
و فارقته والطير صافرة ٌ به | وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
إلى أعينٍ بالماء نضاخة الصفا | اذا سدَّ منها مسخرٌ جاش منخر |
نداماي من خودٍ وراح وقينة | ثلاث شخوصٍ كاعبات ومعصر |
قضيت لبانات الشبيبة والهوى | وطوَّلت حتى آن أني أقصر |
و رب طموح العزم ادماء جسرة | يظل بها عزمي على البيد يجسر |
طوت بذراعي وخدها شقة الفلا | وكفّ الثريا في دجى الليل يشبر |
ومد جناحي ظلها آلقُ الضحى | فشدت كما شد النعام المنفر |
بصم الحصى ترمي الحداة كأنما | تغار على محبوبها حين يذكر |
إذا ما حروف العيس خطت بقفرة ٍ | غدت موضع العنوانِ والعيس أسطر |
فلله حرفٌ لاترام كأنها | لوشك السرى حرف لدى البيد مضمر |
تخطت بنا أرض الشام إلى حمى | به روضة ريا الجنان ومنبر |
إلى حرم الأمن المنيع جواره | اذا ظلت الأصوات بالروع تجأر |
إلى من هو التبر الخلاص لناقدٍ | غداة الثنا والصفوة المتخير |
نبيٌّ أتم الله صورة فخره | وآدم في فخاره يتصور |
نظيم العلى والافق ما مد طرسه | ولا الزهر الا والكواكب تنثر |
و لا لعصا الجوزاء في الشهب آية | مجرّ الدجى من تحتها يتفجر |
نبي له مجد قديم وسؤدد | صميمٌ وأخبارٌ تجل وتخبر |
تحزم جبريل لخدمة وحيه | وأقبل عيسى بالبشارة يجهر |
فمن ذا يضاهيه وجبريل خادمٌ | لمقدمه العالي وعيسى مبشر |
تهاوي لمأتاه النجوم كأنها | تشافه بالخدّ الثري وتعفر |
و ينضب طام من بحيرة ساوة | ولم لا وقد فاضت بكفيه أبحر |
نبي له الحوضان هذا أصابعٌ | تفيض وهذا في القيامة كوثر |
و عن جاهه الناران هذي بفارس | تبوخ وهذي في غدٍ حين نحشر |
اذا ما تشفعنا به كف غيظها | وقالت عبارات الصراط لنا اعبروا |
تنقل نوراً بين أصلاب سادة | فلله منه في سما الفضل نير |
به أيد الطهر الخليلي فانتحت | يداه على الأصنام تغزو وتكسر |
و من أجله جيء الذبيحان بالفدى | وصين دمٌ بين الدماء مطهر |
وردت جيوش الفيل عن دار قومه | فلله نصلٌ قبل ما سلّ ينصر |
و لما أراد الله إظهار دينه | بدا قمراً والشرك كالليل يكفر |
فجلى الدجى واستوثق الدين واضحاً | وقام بنصر الله داعٍ مظفر |
بخوف السطا بالرعب ينصر والظبا | وداني الحيافي اليسر والعسر يهمر |
عزائم من لا يختشي يوم غزوه | ردى ً وعطاً من ليس للفقر يحذر |
علا عن محاكاة الغمام لفضله | وكيف يحاكيه الخديم المسخر |
يظلله وقت المسير وتارة | يشير اليه بالبنان فيمطر |
ألم تر أن القطر في الغيم فارسٌ | اذا برزت آلاؤه يتقطر |
هو البحر فياض الموارد للورى | ولكنه العذبُ الذي لا يكدّر |
فمن لي بلفظ جوهري قصائد | تنظم حتى يمدح البحرَ جوهر |
و هيهات أن تحصى بتقدير مادحٍ | مناقبُ في الذكر الحكيم تقرر |
اذا شعراء الذكر قامت بمدحه | فما قدرُ ماتنشي الأنام وتشعر |
نبي زكا أصلاً وفرعاً واقبلت | اليه أصولٌ في الثرى تتجرر |
و خاطبه وحش المهامة آنساً | اليه وما عن ذلك الحسن منفر |
له راحة ٌ فيها على البأس والندى | دلائلُ حتى في الجماد تؤثر |
فبينا العصا فيها وريقُ قضيبها | اذا هو مشحوذُ الغرارين أبتر |
كذا فليكن في شكرها وصفاتها | يدٌ بينَ أوصاف النبيين تشكر |
سخت ومحت شكوى قتادة فاغتدت | بها العينُ تجري إذ بها العين تجبر |
لعمري لقد سارت صفات محمدٍ | كذاك النجوم الزاهرات تسير |
أرى معجز الرسل انطوى بانطوائهم | ومعجزه حتى القيامة ينشر |
كبير فخار الذكر في الخلق كلما | تلا قارئٌ أو قيل الله أكبر |
هو المرتفي السبع الطباق إلى مدى ً | لجبريل عنه موقفٌ متأخر |
هو الثابت العليا على كل مرسل | بحيث له في حضرة القدس محضر |
هو المصطفى والمقتفى لا مناره | يحط ولا أنواره تتكوّر |
إليك رسول الله مدت مطالبي | على أنها أضحت على الغور تقصر |
خلقت شفيعاً للانام مشفعاً | فرجواك في الدارين أجدى وأجدر |
ولي حالتا دنيا وأخرى أراهما | يمران بي في عيشة ٍ تتمرر |
حياة ولكن بين ذلٍ وغربة ٍ | فلا العز يستجلي ولا البين يفتر |
و عزم إلى الأخرى يهم نهوضه | ولكنه بالذنب كالظهر موقر |
تصبرت في هذا وذاك كأنني | من العجز والبوسى قتيلٌ مصبر |
و ها أنا ذا أبلغت عذري قاصداً | وأيقنت أن النجح لا يتعذر |
عليك صلاة الله في كل منزل | تعبر عن سرّ الجنان وتعبر |
و آلك والصحب الذين عليهمُ | تحل حبا مدحٍ ويعقد خنصر |
بجاهك عند الله أقبلت لائذاً | فكثرت حاجاتي وجاهك أكثر |
و نظمت شعري فيك تزهى قصيدة ٌ | على كل ذي بيتٍ من الشعر يعمر |
معظمة المعنى يكرر لفظها | فيحلو نباتيّ الكلامِ المكرر |
دنت من صفات الفضل منك وانها | لتفضل ما قالته طيُّ وبحتر |
و ما ضرها اذ كان نشر نسيمها | رخآء اذا ما لم يكن فيه صرصر |