قدمت كالسيف إلى غمده
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
قدمت كالسيف إلى غمده | واليمن موقوف على حده |
قد أثرت فيك ليالي السرى | ما أثر السيف بإفرنده |
وعدت مشكور الثنا والسنا | كذاك عودُ البدر في سعده |
لله ما أسعدها طلعة ً | يجيبها الوابل من مهده |
نعم وما أيمنها عزمة | سلمها الرأي إلى رشده |
عزم فتى صورة أخلاصه | في البرّ قد أفضت الى حمده |
ماضرَّ ركباً كان بدراً له | أن لا يراعي النجم في قصده |
كأنني أبصر بين الفلا | حماهُ يستدعي إلى رفده |
مخيماً تنثر ألطافه | نثر سقيطِ الوبلِ من عقده |
يستمسك العافي باطنابه | فليسَ يحتاجُ الى وده |
و ماجد حث ركاب السرى | حث الرجا الساري الى قصده |
أهلة تحمل بدر العلى | لله ما تحملُ من مجده |
هوادج تحملها من سرى | فواقع الآل على مده |
حتى قضيت النسك من بعدما | قضيت نسك الجود في وفده |
يرنو اليك الحجر المجتلى | ياأيها العين بمسوده |
أعظم به من حجر للهدى | كأنه خالٌ على خده |
هذا وفي جلق وجد عشت | طوارق الحزن الى وقده |
هانَ حماها منذ فارقته | ما أهون الغاب بلا أسده |
و مزق الروض بها كلّ ما | حاكت خيوط الودق من برده |
شوقاً إلى مرتحل أقسمت | لا تبسم الأزهار من بعده |
فالعام مثل اليوم في قربه | واليوم مثل العام في بعده |
حتى اذا عاد إلى صرحها | قام الى الغصن على قده |
و أقبلت تلثم آثاره | تلك الشفاه الحمر عن ورده |
أبلج مارد إليها الحيا | الا بشمّ الآس في رده |
ليثٌ وغيثٌ في سطاً أو لهاً | فاحذره يا طالب واستجده |
يروق مثل السيف في صفحه | وربما راعك في حده |
فالأمن كل الأمن في لينه | والخوف كل الخوف في شده |
مهابة الزهد وعزّ التقى | قد كفيا الواحد في جنده |
تغفيه في الليل سهام الدجى | وأنصل الادمع عن حشده |
لا يطمع الطالبُ في شأوهِ | وانما يطمعُ في رفده |
رفد أراد الغيثُ تشبيهه | فعد ذاك الفعل من برده |
يعطي ويملينا معني الثنا | فالمدح والإرفاد من عنده |
حقاً لقد أنجبتمو يا بني | شيبانَ في المجد وفي ولده |
مناسبٌ غرٌّ لها رونقٌ | أبصرت عقد الدرّ في نضده |
أواخر نمّ بها أولٌ | ومجمع لم يغن عن فرده |
كما تلا التنزيل مستقبل المح | راب والاتمام في حمده |
سجاهُ حبّ العفوِ حتى لقد | كاد الفتى يذنب عن عمده |
و مرّ في المجد إلى غاية ٍ | ما حظّ حاكيها سوى كدّه |
ذو قلم يجني الغنى والقنا | من سمه الجاري ومن شهده |
يقدح في أفق العلى زنده | وليس من يقدح في زنده |
يا سيدا إن أشكُ دهراً له | كأنما أشكو أذى عبده |
ماذا جنى بعدك من صرفه | لنازح أوحشَ من فقده |
حتى اذا هبّ نسيمُ اللقا | قام الرجا يستنّ من لحده |
أهلاً بفياضِ الندى لم يقل | مادحه أحسن من ضده |
الهى قريضي عن غزالِ النقا | تغزلاً فيه وعن هنده |
فلم أصف من طاح من أجلها | وأجله قلبيَ في وجده |
أغيد ذو ردف وخصر فكم | في غوره أصبو وفي نجده |
يجرح أجفاني وأرنو له | كأنني أقتص من خده |
يا ليته لي بالجفا موعداً | لانه يكذبُ في وعده |
و غادة مذ عقدت صدغها | ما خرج العاشق عن عقده |
كأنها إذ خضبت غيّبت | في دمعيَ الكفّ الى زنده |
دع ذا وعد للقول في معشرٍ | غرٍّ وفي غيرهم عده |
لولا بنو العطار لم ينتشق | عرف ندى يربو على نده |
لا توحش العلياء من نسلهم | ولا ترى الشنعاء من فقده |
يكاد سفرٌ ضمّ أخبارهم | من طربٍ يخرج من جلده |