صدودكِ يالمياء عني ولا البعدُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
صدودكِ يالمياء عني ولا البعدُ | إذا لم يكن من واحدٍ منهما بدّ |
بروحي من لمياءَ عطفٌ إذا زها | على الغصن قال الغصن ما أنا والقدّ |
وعنقٌ قد استحسنتُ دمعي لأجلها | وفي العنقِ الحسناء يستحسن العقد |
من العرب إلا أنَّ بين جفونها | أحدّ شبا مما يجرّده الهند |
على مثلها يعصى العذول وانما | يطاعُ على أمثالها الشوق والوجد |
عزيزٌ على العذال عني صرفها | وللقلب في دينار وجنتها نقد |
أعذالنا مهلاً فقد بانَ حمقكم | وقد زاد حتى ما لحمقكم حد |
وقلتم قبيحٌ عندنا العشق بالفتى | ومن أنتم حتى يكون لكم عندُ |
سمحتُ بروحي للحسان فما لكم | وما لي وما هذا التعسف والجهد |
وثغرٌ يتيم الدرّ سلّمَ مهجتي | فأتلفها من قبل ما ثبت الرّشد |
هو البرد الأشهى لغلة هائمٍ | أو الطلع أو نورُ الأقاحي أو الشهد |
ومرشفه المنّ الذي لا يشو به | سلوّي أو الرَّاح الشمول أو النهد |
عهدت الليالي حلوة ً بارتشافه | وهنَّ الليالي لا يدوم لها عهد |
فلا ابتسم البرق الذي كان بالحمى | غداة َ تفرقنا ولا قهقهة الرَّعد |
تولت شموس الحيّ عنه ففي العلى | سناها وفي أكباد عشاقها الوقد |
وكم ذابحٍ للصبّ يومَ تحملوا | بأخبية غنى بها للسرى سعد |
فيا قلبُ جهداً في التحرق بعدهم | وهذا لعمري جهدُ من لا لهُ جهدُ |
ويادَ معُ فض وجداً بذكر خدودهم | فإنك ماء الوردِ إن ذهب الورد |
رعى الله دهراً كنت فارسَ لهوه | أروح الى وصلِ الأحبة ِ أو أغدو |
جوادي من الكاسات في حلبة الهنا | كميتٌ وإلا من صدور المها نهد |
وفي عضدي بدر الجمالِ موسدٌ | وقد قدحت للراح في خده زندُ |
وعيشي مأمون الطباق الذي أرى | فلا الشعرُ مبيضٌ ولا الحال مسود |
زمان تولى بالشبيبة ِ وانقضى | وفي فيَّ طعمٌ من مجاجته بعدُ |
يزول وما زالت مذاقته الصبى | و يبلى وما تبلى روائحه البردُ |
له أبداً مني التذكر والأسى | و للأفضل الملكِ القصائدُ والقصدُ |
بكم آلَ أيوبٍ غنينا عن الورى | فلم نجد الأمداح فيهم ولم يجدوا |
أتينا لمغناكم تجاراً وإنما | بضائعنا الآمالُ تعرضُ والحمدُ |
فنفقتمُ سوق الثنا بضنائع | معجلة للوفد من سبقها وفد |
ورشّم جناح الآملين وطوقت | رقابٌ بنعماكم فلا غروَ أن تشدو |
سقى تربة َ الملك المؤيد وابلٌ | وفيٌّ على عهد المعالي له عهد |
لقد صدقتنا في الزمان وعوده | وشيمة ُ إسماعيل أن يصدق الوعد |
وولى وقد أوصى بنا الملك الذي | أبرَّ على جمع العلى شخصه الفرد |
فما لبني أيوبَ ندٌّ من الورى | وما في بني أيوب عندي له ندّ |
مليكٌ له في الملك أصلٌ ومكسبٌ | وحظّ فنعم الجدّ والجدُّ والجدّ |
حوته العلى قبل الحجور وهزهُ | حديث الثنا من قبل ما هزه المهد |
وغذته للعلياء قبلَ لبانهِ | لباناً لها من مثله مخضَ الزبدُ |
فجاءَ كما ترضى السيادة والعلى | وحيداً على أبوابه للورى حشدُ |
رعى خلقه ربُّ العباد وخلقه | فحسّنَ ما يخفى لديه وما يبدو |
ألم ترني يممتُ كعبة بيته | لحجّ ولائي لا سواعٌ ولا ودّ |
علقتُ بحبلٍ من حبالِ محمد | أمنتُ به من طارقِ الدهرِ أن يعدو |
ويممت مغناه بركب مدائح | يسيل بها غورٌ ويطفو بها نجد |
من اللاء أجدى كثرها فتكاثرت | لديَّ بها الأتباعُ والأصلُ والولدُ |
وأعجبني المرعى الخصيب ببابه | فحالي به الأهنى وعيشي به الرغد |
أيا ملكاً لولا حماهُ وجودهُ | لما ملح المرعى ولا عذبَ الوردٌ |
تجمع في علياك كلّ مفرق | من الوصف حتى الضد يظهره الضدّ |
فقربك والعليا وحلمك والسطا | وحزمك والجدوى وملكك والزهد |
وعنك استفاد الناسُ مدحاً بمثله | على الشب يشدو أوعلى الركب اذ يحدو |
فدونكها مني على البعد غادة ً | يظل عبيداً وهو من خلفها عبدُ |
على أنها تحتك منك بناقدٍ | يرجى له نقدٌ ويخشى له نقد |
عريق العلى ألفاظه كد روعهِ | غدا والوغى والسلم بحكمه سرد |
حمى الله من ريبِ الحوادثِ ملكهُ | ولا زال للأقدار من حوله جند |
هو الكافلُ الدنيا بأنعمه فما | يحس لمفقودٍ بأيامه فقد |
وإني وإن أخرت سعياً لأرتجي | عوائد من نعماه تسعى بها البرد |
إذا المرء لم يشدد إلى الغيث رحله | أتى نحو مغناه حيَا الغيث يشتد |
وماأنا إلا العبدُ ما في رجائه | ولا ظنهِ عيبٌ ولا يمكن الرد |