أزال عن الوجه الجميل قناعه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أزال عن الوجه الجميل قناعه | وأظهر فينا علمه واطلاعه |
فزالت جميع الكائنات حقيقة | وصار افتراق الكل عندي اجتماعه |
مليح له منه عليه شواهد | متى أمر المضنى بأمر أطاعه |
وما الكل إلا فيه مضنى جماله | ولا شر لا عصيان فاسكن رباعه |
هو الخير محض الخير والشر فرضه | وتقديره للعقل بان فراعه |
بدا ينجلي للكل في كل صورة | ولا صورة إلا أراها اختراعه |
وعن صور الأكوان فهو منزه | وإن كان فيها قد أبان ارتفاعه |
هو الشمس أضحى والجميع ظله | هو البدر أمسى كل شيء شعاعه |
متى اجتمع الإنسان يوما بغيره | وصدق غيرا كان ذاك وداعه |
ولا رؤية الإله تلك رؤية | وكل سماع صار عندي سماعه |
هو الظاهر المعروف في كل ظاهر | هو الباطن المجهول يخفى شياعه |
رأيت عيوني المبصرات عيونه | وأدركت باعي في التناول باعه |
ووصف بوصف واحد ضرب واحد | وذات بذات واكتفيت نزاعه |
دنا فتدلى فالتقينا فلم أكن | وكان علس ما كان يبدي التماعه |
وقلب قلبي في سواه ولا سوى | زمانا أراني مكره وخداعه |
إلى أن تصافينا على الود وانمحت | رسوم جهول فيه قاسى طباعه |
وأشهدني ظلمي فشاهدت ظلمتي | تجلى جمال للعقول أشاعه |
وبالعدل منه في أظهر نوره | تجلى جلال سر قلبي أذاعه |
فأعطى فؤادي بالذي هو آخذ | علوم كمال قد قرأت رقاعه |
صدقت فكرر ذكره يا محدثي | فإن جبان القرب صار شجاعه |
وأروى بماء العلم منه عطاشه | وأشبع بالتحقيق فيه جياعه |
وقام فأغنى عن قيام قيامه | بإيمان صدق عنده ما أضاعه |
وعرج رفيقي فالمعالم أشرقت | بمن قد وجدنا في الرحال متاعه |
وصرنا ملوكا في رعايا صفاته | به وفتحنا بالغناء قلاعه |
ولا تلتفت للحاسدين فإنهم | يقاسون من حبل الوداد انقطاعه |
وهم في العمى عنه فلا يبصرونه | وهل تشبه الثيران فيه سباعه |
وسامح ولا تعتب فحرمانهم كفى | بهم غضبا منه فصاروا رعاعه |
وما في يديهم غير دعوى وعندهم | سراب شراب لا يزالون قاعه |
رأوه فتاهوا فيه واندهشوا به | وكل يعاني وده وسواعه |
ولو شاء أبدى في فناهم وجوده | وأسمعهم بالنفخ فيهم يراعه |
وإلا فبالتسليم للحق من ذوي | درايته فازوا فنالوا استماعه |
ولكنه عن كل ما هو فاعل | فليس بمسؤول لترجو دفاعه |
فمن شاء أعطاه على رغم غيره | ومن شاء بالحرمان أبدى امتناعه |