بين أهل الجحود والتكذيب
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بين أهل الجحود والتكذيب | كل أمر من الأمور عجيب |
تركوا ريبة بأهل ارتباب | واستربوا في أمر كل أريب |
كثر الإفتراء منهم جهارا | ولهم فيه غاية التشبيب |
وله بينهم إدارة كأس | مزجته حلاوة التقريب |
كم سمعنا منهم قبيحة قذف | أوصلوها بالعار والتعييب |
طعنوا بالتوهمات علينا | في أمور بدت لكل لبيب |
واستخفوا بنا على سوء ظن | ثم عادوا باللوم والتأنيب |
أنكروا رؤية الملاح وألغوا | بالتساوي ما بين ظبي وذيب |
وأرادوا إبطال رؤية فرق | في الورى بين يابس ورطيب |
كل ذا من ذا من كثافة الطبع فيهم | وقصور العقل الخبيث السليب |
ولهم قبح نية في سواهم | أوصلتهم غدا إلى التعذيب |
طال ما أهلك المهيمن منهم | جسدا من ضلاله في لهيب |
وأكب الإله في النار نفسا | نشأت بالنفاق في تقليب |
وابتلاهم ربي بكل بلاء | عل أن يرجعوا بقلب منيب |
وعليهم من الرزايا توالت | ظلمات كوابل في الصبيب |
فأصروا واستكبروا بنفوس | لم تخف من رب إليها قريب |
لا اتعاظ ولا اعتبار بشيء | عندهم في شهادة ومغيب |
وهم العمي عن سواء سبيل | لا يبالون بالبصير الرقيب |
أهملوا النفس ثم في الغير هموا | بكثير التنقير والتنقيب |
كلما نبهوا على الحق ناموا | عنه بالاضطرار والتغليب |
بعدت شقة الكمال عليهم | فتسلوا عن ذاك بالتكذيب |
قمت فيهم معلما حسب جهدي | ناصحا بين سائل ومجيب |
داعيا للهدى بإخلاص قلب | وكلام فصل وصدر رحيب |
حافظا مع كبيرهم وصغير | حرمات الوداد بالترحيب |
فرأوني بوصفهم ورموني | بالذي فيه هم من التركيب |
زعموا أن حذفهم كاشف عن | خبث أمري فاستقبحوا نفخ طيبي |
قلبوني وغيروني لديهم | وعلى الناس أعجموا تعريبي |
ألحدوا في صفات مدحي ومالوا | عن صوابي وأبعدوا تقريبي |
فعلوا مثل فعل أهل اعتزال | في كلام المهيمن المستجيب |
حيث قالوا فيه بأغراض نفس | يتقالون كل روض خصيب |
جعلوه مذاهبا بعقول | دب فيها الوسواس أي دبيب |
وأحالوه باطلا وهو حق | ظاهر الحكم عند كل نجيب |
كل هذا وليس يخفي أذاني | بالهدى بينهم ولا تثويبي |
وأنا الشمس لا تراني عيون | عميت عن جمال وجه حبيبي |
فإذا رمتني فسر مثل سيرى | لا تصافح كفي بكف خضيب |
كن معي لي مقلدا أو توقف | دائما لا تخض مع المستغيب |
لم أكلفك أن ترى حسن حالي | في البرايا وأن تكون نسيبي |
أو على النصر لي أراك مقيما | أو بدنياك أن تزيد نصيبي |
إنما الجود منك جود ذباب | كف جهدا من الأذى عن لسيب |
يا نفوسا يستنبطون المعاني | من قبيح الكلام بالترتيب |
إن تكونوا في السوء أهل اجتهاد | أهله بين مخطئ ومصيب وأراكم مصممين على ما فيه أنتم بغير ما تثريب |
أتساوون كل أبيض عرض | في المعالي بأسود غربيب هب عليكم تلوح مشتبهات أنفس القوم وهي في تهذيب |
ما استطعتم بالذوق أن تفرقوا ما | بين فرث ورائق من حليب |
ما نفوس قد أسلمت كنفوس | عابدات من الهوى للصليب |
رب ناس لهم جسوم رجال | ونفوس خلت من التأديب |
وعقول بالوهم تنقاد طوعا | للهوى والضلال قود الجنيب |
من أتاهم بعلمهم جحدوه | كيف من جاءهم بعلم غريب بادروا بالوقوع في أهل بدر ثم أضحى وقوعهم في القليب |
أنكروا الكشف في الطريق وقالوا | كل هذا تخيلات المريب فتراهم للشر في تهوين وتراهم للخير في تصعيب |
أنطقوا كل بومة بهواهم | وأرادوا السكوت للعندليب |
حاولوا يطفئون بالزور نوري | ويذلون عز قدري المهيب |
فرأوا من عناية الله بي ما | أصبحوا منه في أسى ونحيب |
وإلى الله قد توسلت فيهم | وعليهم رب العباد حسيبي |