ألا طرقتنا هند والركب هجع
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
ألا طرقتنا هند والركب هجع | وطاف لها مني خيال مروع |
عجبت لها أني سرت فتعسفت | ظلام الدجى والليل أعبس أسفع |
فأني اهتدت للركب والركب معرس | بحيث يظل الطير والوحش ترتع |
وعهدي بها ترتاع من صوت وطئها | ومن فيها بين المقاصير تجزع |
فقلت لها يا هند أهلا ومرحبا | وبت بها من ليلتي اتمتع |
بضم وتقبيل على غير رقبة | وطيب وعناق ليس فيه تمنع |
ألاحظ منها الوجه كالشمس تطلع | والثم منها الثغر كالمسك يسطع |
وأرشف من فيها رضابا كأنه | معتقه راح بماء تشعشع |
فيا طيب ليل بت فيه ممتعا | إلى أن بدا وجه من الصبح يشنع |
فقمت حزينا آكل الكف حسرة | وأعلم أن قد كنت في النوم أخدع |
أما ترحمي يا هند صبا متيما | وكاد اشتياقا قلبه يتقطع |
يبيت وقد قرت بوصلك عينه | ويضحي وما في نظرة منك يطمع |
فيا ليت شعري هل لوامق | سبيل وإلا هل عن الحب مرجع |
بلى في هوى آل النبي محمد | لمثلي تعل عن هواك ومقنع |
إلا إنما العبد الذي هو مؤمن | يقينا هو المرء الذي يتشيع |
إذا أنا لم أهو النبي وآله | فمن غيرهم لي في القيامة يشفع |
ومن يسقني ريا من الحوض شربة | هنالك إلا الأصلع الرأس انزع |
ومن قائل للنار إذ ما وردتها | ذري ذا وجل الناس في النار وقع |
ومن بلواء الحمد ثم يظلني | سواه وشمس الحشر في الوجه تلذع |
علي وصي المصطفى ووزيره | وناصره والبيض بالبيض تقرع |
وأكرم خلق الله صنو محمد | ومن ليس عن فضل إذا عد يدفع |
ومن معه صلى وصام لربه | وللات قوم ساجدون وركع |
فذاك أمير المؤمنين ومن له | فضائل ما كادت لخلق تجمع |
هو الخاطر المختال يمشي بسيفه | إلى أهل بدر والأسنة تنزع |
وقد زفت الحرب العوان إليهم | عليها حلي من قواضب تلمع |
فجاشت لها نفس الشجاع مخافة | وقصر عنها الفارس المتسرع |
وأحجم عنها المسلمون ولم يكن | ليثبت إلا رابط الجأش أروع |
مشى باذلا للموت في الله نفسه | وأيده الله ما شاء يصنع |
هناك برى هام الكماة بصارم | له من سيوف الهند ما مس يقطع |
وفي خيبر فاسأل به آل خيبر | أمن ضربهم بالسيف هل كان يشبع |
ألم يرد فيها مرحبا فارس الوغى | صريعا لجنبيه ذئاب وأضبع |
أما فتح الحصن المشيد بناؤه | وقد كاع عنه قبل ذلك تبع |
ومن قلعت يمنى يديه رتاجه | وقد قصرت عنه أكف وأذرع |
ومن ذا سبى منه حصانا كريمة | يذب همام القوم عنها ويدفع |
فقر رسول الله عينا بقربها | وقد طمعت منها نفوس تطلع |
ومن ذا له قال النبي محمد | غداة تبوك حين قالوا وشنعوا |
فغم أمير المؤمنين مقالهم | وكادت أماقيه من الحزن تدمع |
فقام رسول الله منهم مبلغا | لهم فضله لو كان ذلك ينجع |
فقال علي فاعلموا من نبيكم | كهارون من موسى فكفوا وأقلعوا |
ومن ذا لهم في يوم خم إقامه | وقال لهم فيه مقالا فأجمعوا |
فقال فمن قد كنت مولاه منكم | فهذا له مولى يطاع ويسمع |
ومن حملته الريح فوق سحابة | بقدرة رب قدر من شاء يرفع |
ومر بأصحاب الرقيم مسلما | فردوا من الكهف السلام فاسمعوا |
ومن فجر الصخر الأصم لجنده | ففاض معينا منه للقوم ينبع |
ومن لصلاة العصر عند غروبها | ترد له الشمس بيضاء تلمع |
فصلى صلاة العصر ثم انثنت له | تسير كسير البرق والبرق مسرع |
فيا لائمي في حبهم كف إنني | بحب أمير المؤمنين لمولع |
ولا دنت إلا حب آل محمد | ولا شيء منه في القيامة أنفع |
إذا العدل والتوحيد كانا وحبه | بقلبي فإني العابد المتطوع |
أنا السيد القوال فيهم مدائحا | تمر بقلب الناصبين فتصدع |
وفي يوم بدر حين بارز شيبة | بعضب حسام والأسنة تلمع |
فبادره بالسيف حتى أذاقه | حمام المنايا والمنيات تركع |
وصيره نهبا لذئب وقشعم | عليه من الغربان سود وأبقع |
وفي يوم جاء المشركون بجمعهم | وعمرو بن عبد في الحديد مقنع |
فجد له شلوا صريعا لوجهه | رهينا بقاع حوله الضبع تخمع |
وأهلكهم ربي وردوا بغيظهم | كما أهلكت عاد الطغاة وتبع |
وفي خاصف النعل البيان وعبرة | لمعتبر إذ قال والنعل ترقع |
لأصحابه في مجمع إن منكم | وأنفسكم شوقا إليه تطلع |
إماما على تأويله غير جائر | يقاتل بعدي لا يضل ويهلع |
فقال أبو بكر أنا هو قال لا | فقال أبو حفص أنا هو فاسفع |
فقال لهم لا لا ولكنه أخي | وخاصف نعلي فأعرفوه المرقع |
وفي طائر جاءت به أم أيمن | بيان لمن بالحق يرضى ويقنع |
فقال إلهي آت عبدك بالذي | تحب وحب الله أعلى وأرفع |
ليأكل من هذا معي ويناله | فجاء علي من يصد ويمنع |
فقال له أن النبي ورده | على حاجة فارجع وكل ليرجع |
فعاد ثلاثا كل ذاك يرده | فأهوى بتأييد إلى الباب يقرع |
فأسمعه القرع الوصي لبابه | فقال له أدخل بعدما كاد يرجع |
وقال له يشكو وقد جئت مرة | وأخرى وأخرى كل ذلك أدفع |
فسر رسول الله أكل وصيه | وأنف الذي لا يشتهي ذاك يجدع |
وقال له ما أن يحبك صادق | من الناس إلا من إلا مؤمن متورع |
ويقلاك إلا كافر ومنافق | يفارق في الحق الأنام ويخلع |
فلما قضى وحي النبي دعا له | ولم يك صلى العصر والشمس تنزع |
فردت عليه الشمس بعد غروبها | فصار لها في أول الليل مطلع |
وأسكنه في مسجد الطهر وحده | وزوجه والله من شاء يرفع |
مجاوره فيه الوصي وغيره | وأبوابهم في مسجد الطهر شرع |
فقال لهم سدوا عن الله صادقا | فضنوا بها عن سدها وتمنعوا |
فقام رجال يذكرون قرابة | وما ثم فيما يبتغي القوم مطمع |
فعاتبه في ذاك منهم معاتب | وكان له عما وللعم موضع |
فقال له أخرجت عمك كارها | وأسكنت هذا أن عمك يجزع |
فقال له يا عم ما أنا بالذي | فعلت بكم هذا بل الله فاقنعوا |
وقد كان في يوم الحدائق عبرة | وقول رسول الله والعين تدمع |
فقال علي مم تبكي فقال من | ضغائن قوم شرهم أتوقع |
عليك وقد يبدونها بعد ميتتي | فماذا هديت الله في ذاك يصنع |
وفي يوم ناجاه النبي محمد | يسر إليه ما يريد ويطلع |
فقالوا أطال اليوم نجوى ابن عمه | مناجاته بغي وللبغي مصرع |
فقال لهم لست الغداة انتجيته | بل الله ناجاه فلم يتورعوا |
فأبصر دينارا طريحا فلم يزل | مشيرا به كفا ينادي ويسمع |
فمال به والليل يغشى سواده | وقد هم أهل السوق أن يتصدعوا |
إلى بيع سمح اليدين مبارك | توسم فيه الخير والخير يتبع |
فقال له بعني طعاما فباعه | فقال لك الدينار والحب أجمع |
فلا ذلك الدينار أحمى تبره | ولا الحب مما كان في الأرض يزرع |
فبايعه جبريل والضيف أحمد | فثم تناهى الخير والبر أجمع |
وفي أهل نجران عشية أقبلوا | إليه وحجوا بالمسيح فأبدعوا |
وردوا عليه القول كفرا وكذبوا | وقد سمعوا ما قال فيه وأورعوا |
فقال تعالوا ندع أبناءنا معا | وأبناءكم ثم النساء فأجمعوا |
وأنفسنا ندعو وأنفسكم معا | ليجمعنا فيه من الأصل مجمع |
فقالوا نعم فأجمع نباهلك بكرة | وللقوم فيه شرة وتسرع |
فجاءوا وجاء المصطفى وابن عمه | وفاطم والسبطان كي يتضرعوا |
إلى الله في الوقت الذي كان بينهم | فلما رأوهم أحجموا وتضعضعوا |
فقال له مه يا بريدة لا تقل | فإن برغمي في علي تتبع كذا |
فمني علي يا بريدة لم يزل | وإني كذا منه على الحق نطبع |
وليكم بعدي علي فايقنوا | وقائعه بعد الوقيعة تسرع |
بتوبته مستعجلا خاب أنه | بسب علي في لظى يتدرع |