هو البين حتى ما تأنى الحزائق
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هُوَ البَينُ حتى ما تَأنّى الحَزائِقُ | ويا قَلْبُ حتى أنْتَ مِمّن أُفارِقُ |
وَقَفْنا ومِمّا زادَ بَثّاً وُقُوفُنَا | فَرِيقَيْ هَوًى منّا مَشُوقٌ وشائِقُ |
وقد صارَتِ الأجفانُ قَرْحى منَ البُكا | وصارَتْ بهاراً في الخدودِ الشّقائقُ |
على ذا مضَى النّاسُ اجتماعٌ وفُرْقَةٌ | ومَيْتٌ ومَوْلُودٌ وقالٍ ووامِقُ |
تَغَيّرَ حَالي واللّيالي بحالِها | وشِبْتُ وما شابَ الزّمانُ الغُرانِقُ |
سَلِ البِيدَ أينَ الجِنّ منّا بجَوْزِها | وعن ذي المَهاري أينَ منها النَّقانِقُ |
ولَيْلٍ دَجوجيٍّ كَأنّا جَلَتْ لَنا | مُحَيّاكَ فيهِ فاهْتَدَيْنا السَّمالِقُ |
فما زالَ لَوْلا نُورُ وَجهِكَ جِنحُهُ | ولا جابهَا الرُّكْبانُ لوْلا الأيانِقُ |
وهَزٌّ أطارَ النّوْمَ حتى كَأنّني | من السُّكرِ في الغَرْزَينِ ثوْبٌ شُبارِقُ |
شدَوْا بابنِ إسحقَ الحُسينِ فصافحتْ | ذَفارِيَها كِيرانُها والنَّمارِقُ |
بمَنْ تَقشَعرّ الأرْضُ خوفاً إذا مشَى | عليها وتَرْتَجّ الجبالُ الشّواهِقُ |
فتًى كالسّحابِ الجونِ يُخشَى ويُرْتَجى | يُرَجّى الحَيا منها وتُخشَى الصّواعقُ |
ولَكِنّها تَمْضِي وهذا مُخَيِّمٌ | وتَكذبُ أحياناً وذا الدّهرَ صادِقُ |
تَخَلّى منَ الدّنْيا ليُنْسَى فَما خلتْ | مَغارِبُها مِنْ ذِكْرِهِ وَالمَشارِقُ |
غَذا الهِنْدُوانيّاتِ بالهَامِ والطُّلَى | فَهُنّ مَدارِيها وهُنّ المَخانِقُ |
تَشَقَّقُ مِنهُنّ الجُيوبُ إذا غَزا | وتُخضَبُ منهنّ اللّحَى والمَفارِقُ |
يُجَنَّبُها مَنْ حَتْفُهُ عنهُ غافِلٌ | ويَصلى بها مَن نَفسُهُ منهُ طالِقُ |
يُحاجَى به ما ناطِقٌ وهْوَ ساكِتٌ | يُرَى ساكتاً والسّيفُ عن فيه ناطِقُ |
نَكِرْتُكَ حتى طالَ منكَ تَعَجّبي | ولا عَجَبٌ من حُسنِ ما الله خالِقُ |
كأنّكَ في الإعطاءِ للمَالِ مُبغِضٌ | وفي كلّ حَرْبٍ للمَنيّةِ عَاشِقُ |
ألا قَلّما تَبْقَى علَى ما بَدا لَهَا | وحَلّ بهَا مِنْكَ القَنَا والسّوابِقُ |
خَفِ الله وَاسْتُرْ ذا الجَمالَ ببُرْقعٍ | فإنْ لُحتَ ذابتْ في الخدورِ العواتقُ |
سَيُحيي بكَ السُّمّارُ ما لاحَ كوْكبٌ | ويَحدو بكَ السُّفّارُ ما ذرّ شارِقُ |
فَما تَرْزُقُ الأقدارُ من أنتَ حارِمٌ | ولا تَحْرِمُ الأقدارُ مَن أنتَ رازِقُ |
ولا تَفْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ راتِقٌ | ولا تَرْتُقُ الأيّامُ ما أنْتَ فاتِقُ |
لكَ الخَيرُ غَيري رامَ من غيرك الغنى | وغَيري بغَيرِ اللاذِقيّةِ لاحِقُ |
هيَ الغَرضُ الأقصَى ورُؤيَتُكَ المنى | ومَنزِلُكَ الدّنْيا وأنْتَ الخَلائِقُ |