ما مر ذكرك خاطراً في خاطري
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما مر ذكرك خاطراً في خاطري | إلا استباح الشوق هتك سرائري |
وتصببت وجداً عليك نواظر | باتت بليل من جفائك ساهر |
بلغ الهوى مني فإن أحببت صل | أولا فدتك حشاشتي ونواظري |
قسماً بحسنك لم أصادق زاجراً | إلا وحسنك كان عنه زاجري |
أو ما كفاك من الذي لاقيته | وله كساني الذل بين معاشري |
وضنى يكاد يشف عن طي الحشا | حتى حشيت به افتضاح ضمائري |
أخذت عيونك من فؤادي موثقا | وعلي عهد هواك لست بغادر |
كن كيف شئت تجد محبك مثلما | تهوى على الحالين غير مغاير |
صبري عليك بما اردت مطاوع | أبداً ولكن عنك لست بصابر |
عذبت قلبي بالصدور وأن يكن | لك فيه بعض رضى فدونك سائري |
وأضعت عمري بالدلال وحبذا | أن صح عندك مطمع في الآخر |
كثر التقول بيننا وتحدثوا | يا هاجري حاشاك أنك هاجري |
وأطال فيك معنفي فعذرته | وعساك في كلفي فديتك عاذري |
حسبي رضاك إذا مننت بزورة | يدري المزور بها رقيق الزائر |
مالأت أيامي فقبح وجهها | جور الخطوب وكنت أحسن جائر |
بي يا وقاك الله كل ملمة | أمسي بها جلدي كجرف هائر |
غير يدير بها الحكيم لحاظه | فترده عنها بطرف حائر |
بكرت إلي الحادثات فلم أزل | منهن بين نواجذ وأظافر |
وتألفت عندي الهموم ففرقت | هممي وما برح القضاء مساوري |
نزلت بي الدنيا على اربابها | فأفضت بين موارد ومصادر |
وبلوت من أهل الزمان سرائراً | هي مصرع الساهي ومنجى الساهر |
فسمعت حتى لست أحمد مسمعي | ونظرت حتى لست أحمد ناظري |
والعين أذى للبصير وربما | سلم الضرير وكان عين العاثر |
يا من يطارحني المودة غائباً | إيه وقاك الله شر الحاضر |
خلق يمر بها الكريم ووجهه | في أعين النظار أغرب سافر |
من كل خناس إذا استقبلته | فإذا انقلبت رنا بمقلة شاذر |
ولقد رأيت فما رأيت أشد من | مرأي العزيز على حسود صاغر |
ومن المهانة أن تقابل هيناً | يقلاك إلا بابتسامة ساخر |
وبم اعتداد الأدعياء وجهدهم | سرد الدعاوي وهي أضعف ناصر |
كذب الغبي أيبتغي درك العلى | بفؤاد مزهو ومنطق هاذر |
أم يحسب الرتب المحسد فضلها | عدة بوصل من حبيب هاجر |
كلا قد انحسر الحجاب وإنما | أبصار قوم في حجاب ساتر |
وكذاك بعض الجهل يستر بعضه | فآعذر إذا خفيت كرام مآثر |
وبمهجتي من ليس يبرح طيفه | تحت الظلام مسامري ومحاوري |
سبقت صنائعه إلي ولطقه | وهو السبوق بكل فضل باهر |
قد أذهلت لبي الخطوب بوقعها | عنه وكان على ذهولي ذاكري |
فعرفت عجزي فيه غير مكذب | وعرفت فضل علاه غير مكابر |
ذمم ظفرت بها لديه وأنها | إرث قديم من أجل ذخائري |
تلك المواثق ما برحن وهكذا | كان الوفاء لديه خير أواصري |
اللوذعي الفاضل القطب الذي | ملكت يداه الفضل دون مناظر |
أدب حكى زهر الربى وشمائل | رقت فكانت كالنسيم السائر |
ومناقب تتلو مدائحها على | أكباد أهل الغي سورة فاطر |
وأرى الزناد إذا جرت أقلامه | أرت البصائر أي لمح باصر |
يجلو القوافي في الطروس كأنها | غيد جلاها الحبر تحت غدائر |
وله الفصول المحكمات كأنها | شذرات در فصلت بجواهر |
ولرب زائرة جعلت محلها | قلبي وإن باتت مناط الناظر |
عربية النفثات وافت تنجلي | بفصاحة البادي وظرف الحاضر |
بسمت فما كذبت حين رأيتها | بسم الثغور عن الجمان الناضر |
وتلت علي حديثه فوجدت ما | يجد الطروب لذكر دهر عابر |
يا نائياً أيان أعرض ذكره | ترك الفؤاد على جناحي طائر |
لك ذمة عندي وإن عز اللقا | تبقى على مر الزمان الغابر |
هي موثق الأخرى فدونك عقدها | والله في القلبين أفضل ناظر |