إني لأغنى الناس عن عصبية
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إني لأغنى الناس عن عصبية | ما الحق مفتقر إلى متعصب |
ومخاتل بالكيد يهتك شخصه | وضح النهار فيحتمي بالغيهب |
ما كان أبصرني بكف أذاته | لو كنت أحسن رقية للعقرب |
يا طالبا ذلي بجامح غيه | أو ما سمعت بعزآل مسيب |
الحافظين ذمارهم في جارهم | والعاقدين ذمامهم للأجنبي |
والراكبين من الظبي في بارق | والنازلين من القنا في مضرب |
والحانين الحاتمين من الندى | ما شاع في العربي والمستعرب |
قوم إذا استبقوا على أحسابهم | جلبوا لعز الدين أكرم منسب |
ملك تواصله الفضائل رغبة | في مجده من أبعدين وأقرب |
جمع القلوب على محبة ملكه | ما عنده من رأفة وتحيب |
فإذا يقاس بخيل قيس خيله | عدت معد وأعربت عن يعرب |
سيف إذا ابتسمت مضارب سيفه | أيقنت أن البرق ليس بخلب |
يأتم في ليل الوغى بسنانه | أرأيت شمسا تستضيء بكوكب |
إن كنت غرا من حقيقة بأسه | فاسأل بها غرر العتاق الشرب |
كالليث ترتجل الثناء وفوده | يوم السلام على أغر محجب |
مستمطر النعمى يشف حياؤه | عن شيمة ذهب ووجه مذهب |
حرم المعالي من يلذ بفنائه | يحلل به بين الصفا والأخشب |
يا ابن المعاقل من عقيل والأولى | رجموا الكواكب شركة في المنصب |
أمتك أمات الثناء لواحقا | ابكارها عن قرع فكر منجب |
من كل ثاوية تبيت على السرى | كالنجم بين مشرق ومغرب |
إن حميت فوذيلة في صعدة | أو قوضت فعقيلة في ربرب |
شامت من الشام الفرات وجاورت | في دوسر جار الغرام الصيب |
حلت بملك المالكي فصافحت | ما شئت من أهل هناك ومرحب |
حيث المناقب في المواهب والفضائل | في الفواضل والعلى في المكسب |
وكذا إذا لم تلف إلا طالبا | رفد الرجال فكن شريف المطلب |
أضحى بك الأضحى المهنا ضاحكا | يفتر عن ثغر الزمان الأشنب |
لا قوضت أبدا خيام سروره | إلا وهديك فيه هدي مقرب |
وإذا المناسب صرحت ثمراتها | عنها فأنت الطيب ابن الطيب |
أنت الذي ما اعتادني إحسانه | إلا صفحت عن الزمان المذنب |
سقى الله بالزوراء من جانب الغرب | مها وردت عين الحياة من القلب |
عفائف إلا عن معاقرة الهوى | ضعائف إلا في مغالبة الصب |
عقائل تخشاها عقيل بن عامر | كواعب لا تعطي الذمام على كعب |
إذا جاذبتهن البوادي مزية | من الحسن شبهن البراقع بالنقب |
تظلمت من أجفانهن إلى النوى | سفاها وهل يعدي البعاد على القرب |
ولما دنا التوديع قلت لصاحبي | حنانيك سربي عن ملاحظة السرب |
إذا كانت الأحداق نوعا من الظبى | فلا شك أن اللحظ ضرب من الضرب |
هبوني تعسفت الفراق ضلاله | فأصبحت في شعب وقلبي في شعب |
فإني إذا ناديت يا صبر منجدا | خذلت ولبى إن دعا حرقه لبي |
تقضى زماني بين بين وهجرة | فحتام لا يصحو فؤادي من حب |
وأهوى الذي أهوى له البدر ساجدا | ألست ترى في وجهه أثر الترب |
وأعجب ما في خمر عينيه أنها | تضاعف سكري كلما قللت شربي |
إذا لم يكن في الحب عندي زيارة | ترجى فما فضل الزيارة عن غب |
وما زال عوادي يقولون من به | وأكتمهم حتى سألتهم من بي |
فصرت إذا ما هزني الشوق هزة | أحلت عذولي في الغرام على صحبي |
وعند الصبا منها حديث كأنه | إذا سار بين الشرب ريحانة الشرب |
تنم عليه نفحة بابلية | نمت من ثناياها إلى البارد العذب |
تراح لها الأرواح حتى تظنها | نسيم جمال الدين هب على الركب |
سروا عاقدي الآمال بهمة | بها وضعوا أثقالهم في ذرى الشهب |