إنّي لَمِنْ آلِ حوّاءَ، الذينَ همُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إنّي لَمِنْ آلِ حوّاءَ، الذينَ همُ | ثِقلٌ على الأرضِ، غانيها وعافيها |
جاروا على حَيوانِ البَرّ، ثمّ عدَوا | على البحارِ، فغالَ الصَّيدُ ما فيها |
لم يُقنِعِ الحيَّ منها ما تَقَنّصَهُ، | حتى أجازَ أُناسٌ أكلَ طافيها |
كم دُرّةٍ قصدُوها في مَواطِنها، | لعلّ كَفّاً، بمِقدارٍ، تُوافيها |
فاستخدموا اللجّةَ الخضراء، تحملهم | سفائنٌ، بَينَ أمواجٍ تُنافيها |
والطيرَ جمعاءَ: ضُعفاها وجارحَها، | حتى العُقابَ، التي حَدّتْ أشافيها |
ينافقونَ، وما جَرّ النّفاقُ لهمْ | خيراً، فعَثرَتُهمْ مُعْيٍ تَلافيها |
إنّ الظّواهرَ لم تُشبِهْ بواطِنَها | مثلَ القَوادِمِ خانَتها خوافيها |
دُنياكَ تُوجَدُ أيّامُ السّرور بها، | مثلَ القصيدةِ، لم تُذكَرْ قَوافيها |
وما وفَتْ لخَليلٍ في مُعاشرَةٍ، | ولا طَمِعنا لخِلٍّ في تَوافيها |
أُمٌّ لنا، ما فَتِئْنا عائبينَ لها، | فاشتَطّ لاحٍ لَحَاها في تَجافيها |
ومَن يُطيقُ ورودَ الآجناتِ بها، | وقد تُشَرِّقُ، تاراتٍ، بصافيها؟ |
والنّفسُ هَشّتْ إلى آسٍ يُطَبِّبُها، | ولم تَهَشّ إلى رَبٍّ يُعافيها |
حَلّتْ بدارٍ، فظَنّتْ أنّها وطَنٌ | لها، ومالكُ تلكَ الدّارِ نافيها |
آمالُنا في الثرَيّا، مِن تَطاوُلِها، | وحِلمُنا في رِياحِ الطّيشِ هافيها |
تُقِلُّ أجسامَنا الغَبراءُ ثمّ إلى | بِلًى تَصِيرُ، فتسفيها سوافيها |
فَيا بني آدمَ الأغمارَ، ويْبَكُمُ! | نُفُوسُكم لم تمكَّنْ من تَصافيها |
سِرْتمْ على الماءِ في الحاجاتِ آوِنةً، | أمَا قَنِعتُمْ بسَيرٍ في فَيافيها؟ |
تخاذَلَ الناسُ، فارتاحتْ عُداتُهمُ، | إنّ المَعاشِرَ يُرْديها تَقافيها |
والنّفسُ لم يُلفَ عَنها، مغنياً، بدنٌ، | إنّ المَراجِلَ نَصّتْها أثافيها |
يعرى الكريمُ، فيعرى بعد مُذهبةٍ | صَفراءَ، لا يَهجُرُ الصّحراءَ ضافيها |
رحْلٌ على ناقةٍ عفراءَ منْ عُمُرٍ، | فقَدْ سرَيْتَ لغاياتٍ توافيها |
وما علافيُّها إلاّ يُجِدُّ لها | ذمّاً على فيَّ، أو ذَمّاً على فيها |
هذي الحَياةُ، إذا ما الدّهرُ خَرّقها، | فَما بنانُ أخي صُنعٍ بِرافيها |
والموتُ داءُ البرايا، لا يُفارِقُها؛ | ولا يؤمَّلُ أنّ اللَّهَ شافيها |
وليسَ فارِسُها إلاّ كَراجِلها، | وقد يُرى مُحتَذيها مثلَ حافيها |