شمل الهدى والملك عم شتاته
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
شمل الهدى والملك عم شتاته | والدهر ساء وأقلعت حسناته |
أين الذي مذ لم يزل مخشية | مرجوة رهباته وهباته |
أين الذي كانت له طاعاتنا | مبذولة ولربه طاعاته |
بالله أين الناصر الملك الذي | لله خالصة صفت نياته |
أين الذي ما زال سلطانا لنا | يرجى نداه وتتقى سطواته |
أين الذي شرف الزمان بفضله | وسمت على الفضلاء تشريفاته |
أين الذي عنت الفرنج لبأسه | ذلا ومنها أدركت ثاراته |
أغلال أعناق العدا أسيافه | أطواق أجياد الورى مناته |
لم يجد تدبير الطبيب وكم وكم | أجدت لطب الدهر تدبيراته |
من في الجهاد صفاحه ما أغمدت | بالنصر حتى أغمدت صفحاته |
من في صدور الكفر صدر قناته | حتى توارت بالصياح قناته |
لذ المتاعب في الجهاد ولم تكن | مذ عاش قط لذاته لذاته |
مسعودة غدواته محمودة | روحاته ميمونة ضحواته |
في نصرة الإسلام يسهر دائما | ليطول في روض الجنان سنانه |
لا تحسبوه مات شخص واحد | فممات كل العالمين مماته |
ملك عن الإسلام كان محاميا | أبدا إذا ما أسلمته حماته |
قد أظلمت مذ غاب عنا دوره | لما خلت من بدره داراته |
دفن السماح فليس تنشر بعدما | أودى إلى يوم النشور رفاته |
الدين بعد أبي المظفر يوسف | أقوت قراه وأقفرت ساحاته |
جبل تضعضع من تضعضع ركنه | أركاننا وتهدنا هداته |
ما كنت أعلم أن طودا شامخا | يهوي ولا تهوي بنا مهواته |
ما كنت أعلم أن بحرا طاميا | فينا يطم وتنتهي زخراته |
بحر خلا من وارديه ولم تزل | محفوفة بوفوده حافاته |
من لليتامى والأرامل راحم | متعطف مفضوضة صدقاته |
لو كان في عصر النبي لأنزلت | في ذكره من ذكره آياته |
فعلى صلاح الدين يوسف دائما | رضوان رب العرش بل صلواته |
لضريحه سقيا السحاب فإن يغب | تحضر لرحمة ربه سقيانه |
وكعادة البيت المقدس يحزن البيت | الحرام عليه بل عرفاته |
من للثغور وقد عداها حفظه | من للجهاد ولم تعد عاداته |
بكت الصوارم والصواهل إذ خلت | من سلها وركوبها غزواته |
وبسيفه صدأ لحزن مصابه | إذ ليس يشفى بعده صدياته |
يا وحشتا للبيض في أغمادها | لا تنتضيها للوغى عزماته |
يا وحشة الإسلام يوم تمكنت | في كل قلب مؤمن روعاته |
يا حسرتا من بأس راحته الذي | يقضى الزمان وما انقضت حسراته |
ملأت مهابته البلاد فإنه | أسد وإن بلاده غاباته |
ما كان أسرع عصره لما انقضى | فكأنما سنواته ساعاته |
لم أنس يوم السبت وهو لما به | يبدي السبات وقد بدت غشياته |
والبشر منه تبلجت أنواره | والوجه منه تلألأت سبحاته |
ويقول لله المهيمن حكمة | في مرضة حصلت بها مرضاته |
وقف الملوك على انتظار ركوبه | لهم ففيم تأخرت ركباته |
كانوا وقوفا أمس تحت ركابه | واليوم هم حول السرير مشاته |
وممالك الآفاق ساعية له | فمتى تجيء يفتحهن سعاته |
هذي مناشير الممالك تقتضي | توقيعه فيها فأين دواته |
قد كان وعدك في الربيع بجمعها | هذا الربيع وقد دنا ميقاته |
والجند في الديوان جدد عرضه | وإذا أمرت تجددت نفقاته |
والقدس طامحة إليك عيونه | عجل فقد طمحت إليه عداته |
والغرب منتظر طلوعك نحوه | حتى تفيء إلى هداك بغاته |
والشرق يرجو غرب عزمك ماضيا | في ملكه حتى تطيع عصاته |
مغرى بإسداء الجميل كأنما | فرضت عليه كالصلاة صلاته |
هل للملوك مضاؤه في موقف | شدت على أعدائه شداته |
وإذا الملوك سعوا وقصر سعيهم | رجحت وقد نجحت به مسعاته |
كم جاءه التوفيق في وقعاته | من كان بالتوفيق توقيعاته |
يا راعيا للدين حين تمكنت | منه الذئاب وأسلمته رعاته |
ما كان ضرك لو أقمت مراعيا | دينا تولى مذ رحلت ولاته |
أضجرت منا أم أنفت فلم تكن | ممن تصاب لشدة ضجراته |
أرضيت تحت الأرض يا من لم يزل | فوق السماء علية درجاته |
فارقت ملكا غير باق متعبا | ووصلت ملكا باقيا راحاته |
أعزز على عيني برؤية بهجة الدنيا | ووجهك لا ترى بهجاته |
أبني صلاح الدين إن أباكم | ما زال يأبى ما الكرام أباته |
لا تقتدوا إلا بسنة فضله | لتطيب في مهد النعيم سناته |
وردوا موارد عدله وسماحه | لترد عن نهج الشمات شماته |
ولئن هوى جبل لقد بنيت لنا | ببنيه من هضباته ذرواته |
وبفضل أفضله وعز عزيره | وظهور ظاهره لنا سرواته |
الأفضل الملك الذي ظهرت على الدنيا | بزهر جلاله جلواته |
والدين بالملك العزيز عماده | عثمان حالية لنا حالاته |
والملك غازي الظاهر العالي الذي | صحت لإظهار العلى مغزاته |
ولنا بسيف الدين أظهر نصره | بالعادل الملك المطهر ذاته |