أفي مثلها تنبو أياديك عن مثلي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أفي مثلها تنبو أياديك عن مثلي | وهذي الأماني فيك جامعة الشمل |
وقد أوفت الدنيا بعهدك واقتضت | وفاءك ألا زلت تعلي وتستعلي |
وقد أمن المقدار ما كنت أتقي | وأرخصت الأيام ما كنت أستغلي |
وأذعن صرف الدهر سمعا وطاعة | لما فهت من قول وأمضيت من فعل |
وناديت بالإنعام في الأرض فالتقت | بيمناك أشتات الطرائق والسبل |
وحلت بك الآمال في عدد الدبى | فوافت أياد منك في عدد الرمل |
وهذا مقامي منذ تسع وأربع | رجائي في قيد وحظي في غل |
كأني لم أحلل ذراك ولم أقم | مناخ العطايا فيك مرتهن الرحل |
وأغض عن البرق الذي شيم للحيا | وأعقد بحبل منك بين الورى حبلي |
ولم أدخر من راحتيك وسائلا | رضيت بها كفئا عن المال والأهل |
ولم تصفني خلقا أرق من الهوى | ولم تولني نعمى ألذ من الوصل |
ولم تثن عني في مواطن جمة | سيوفا حدادا قد سللن على قتلي |
ولم أطو سن الإكتهال محاكما | إليك خطوبا شيبت مفرق الطفل |
وكنت ومفتاح الرغائب ضائع | ملاذي فهذا بابها ضائع القفل |
وكم مرتقى وعر جذبت بساعدي | إليه فقد أفسحت بالأفيح السهل |
وأنهار راح في رياض أنيقة | موطأة الأكناف للنهل والعل |
حرام على وردي حمى دون مرتعي | وقد برحت في الناس بالطيب الحل |
وقد شفني رشف الثمار أواجنا | وأنضى ركابي مجذب المرتع المحل |
وإن عجيبا أن عزك موئلي | وأكظم أنفاسي على غصص الذل |
وأني من ظلمي بعدلك عائذ | وكم مطلب أسلمته في يدي عدل |
وأني في أفياء ظلك أشتكي | شكية موسى إذ تولى إلى الظل |
ففي حكمك الماضي وسلطانك العدل | تمر لي الدنيا وطعمي لها محل |
وتقلب لي ظهر المجن تجنيا | فموتي بما يحيى وموتي بما يسلي |
ألم ترني يوم الرهان مبرزا | أمام الألى جاءوا إلى الحظ من قبلي |
فكم بات هذا الملك مني معرسا | بفتانة بكر وبت على الثكل |
وأثقلت أوقار الركاب جواهرا | على ثمن يعدو به محول النمل |
وها أنذا ما إن أموت من الأسى | بوقر على وقر وثقل على ثقل |
ولي الندى أصبحت في دولة الندى | كأني عدو البخل في دولة البخلأ |
يقتل أخفى اليأس أحيى مطالبي | ليالي جل الوعد عن ريبة المطل |
وأبدي للسع الدبر وجهي منازعا | وقد فاز غيري سالما بجنى النحل |
ومولى يخر البأس والحمد ساجدا | إلى سيفه الماضي ونائله الجزل |
سريع إلى داعي الندى وشفيعه | وبحر عطاياه أصم عن العذل |
تذكرني في ساعة العلم والنهى | وأنسيني في ساعة الجود والبذل |
وبوأني في قصره أعل منزل | وحظي ملقى يستغيث من السفل |
فأكسوله الأيام من حر ما أشي | وأملأ سمع الدهر من سحر ما أملي |
أواصل آناء الأصائل بالضحى | وزادي من جهدي وراحلتي رجلي |
إذا أحفت الفرسان غر جياده | خصفت بوجهي ما تمزق من نعلي |
وإن أقبلوا والمسك يندى عليهم | أتيت وقد ضمخت مسكا من الوحل |
وإن شغلوا لهوا بأنعم كفه | فخدمته لهوي وطاعته شغلي |
أقر عيون الشامتين وليتني | أبرد ما تطوي الضلوع من الغل |
أمر بهم ألقى الثرى وكأنما | فؤادي من أحداقهم غرض النبل |
إذا الأسد الضرغام أنفذ مقتلي | فما فزعي إلا إلى الأرقم الصل |
وإن ذاب حر الوجه من حر نارهم | فما مستغاثي منه إلا إلى المهل |
ومن شيمة الماء القراح وإن صفا | إذا اضطرمت من تحته النار أن يغلي |
ولا وزر إلا وزير له يد | تمل على أيدي الربيع فيستملي |
أبا الأصبغ المعني هل أنت مصرخي | وهل أنت لي مغن وهل أنت لي معل |
وهل ملك الإنعام والجود عائد | بإحسان ما يولي على حسن ما أبلي |
وهل لرياض الملك في نفحة الصبا | وهل لسماء المجد في كوكب النبل |
وحتى متى أعطي الزمان مقادتي | وقد قبضت كفي على قائم النصل |
وناديت من عليا الوزارة ناصرا | يرى خاطفات الشهب تمشي على رسل |
فلا يغبط الأعداء ما طل من دمي | ولا يهنئ الأيام ما فات من ذحلي |
عسى مجد عيسى أن ينوء ببارق | يسح حيا الإفضال في روضة الفضل |
فيابن سعيد هل لسعدك كرة | على الهمة العلياء في الأفق الغفلب |
طوت زفرات البث حتى لقد أنى | لذات مخاض أن تطرق بالحمل |
مطالب أبقى الدهر منها مظالما | تناديك بالشكوى وتدعوك للفضل |
وكل عليها شاهد غير شاهد | وليس لها حاشاك من حكيم عدل |
أيحتقب الركبان شرقا ومغربا | غرائب أنفاسي وألقاك في الرجل |
وينتقل الشرب الندامى بدائعي | وهيهات لي من لذة الشرب والنقل |
وضيف بحيث الطير تدعى إلى القرى | يضيق به رحب المباءة والنزل |
طو ووجوه الأرض خصب ومطعم | وعيمان والجلمود يفهق بالرسل |
وحران أوفى ظمء تسع وأربع | بحيث تلاقى دافق البحر والوبل |
وسيف يقد البيض والزغف مقدما | يروح بلا غمد ويغدو بلا صقل |
وذو غرة معروفة السبق في المدى | وقد قرح التحجيل من حلق الشكل |
ودوحة علم في السماء غصونها | ترف بلا سقيا سوى بغش الطل |