يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يَتحارَبُ الطّبعُ الذي مُزجَتْ بهِ | مُهَجُ الأنامِ، وعَقلُهم، فِيفلُّهُ |
ويَظَلُّ يَنظرُ، ما سَناهُ بنافعٍ، | كالشّمسِ يَسترُها الغَمامُ وظِلّه |
حتى إذا حَضَرَ الحِمامُ، تَبَيّنوا | أنّ الذي فَعَلوهُ جَهلٌ كلّه |
والعقلُ في مَعنى العِقالِ ولَفظِهِ | فالخَيرُ يَعقلُ، والسّفاهُ يحلّه |
وتَغرّبُ الشرّيرِ يُوجبُ حَتفَهُ، | مثلُ الوِجارِ، إذا تَسَحّبَ صِلّه |
ولزومُهُ الأوطانَ أبقَى للرّدَى، | كالسِّيد يُسترُ، في الضّراءِ، أزلّه |
والنّفسُ آِلفَةُ الحَياةِ، فدَمعُها | يجري، لذكرِ فِراقِها، مُنْهَلّه |
ما خُلّةٌ بأغرّ منها، والفتى | يَبكي، إذا ركبَ الصّريمةَ خِلّه |
لا تُحجَزُ الأقدارُ، وهيَ كثيرةٌ، | كالغَيثِ وابِلُهُ يَصُوبُ وطَلّه |
ومن الجنودِ، على الكميّ، جَوادُهُ، | وحُسامُهُ، وسِنانُهُ، ومِتَلّه |
ميّزْ، إذا انكَلّ الغَمامُ، وميضَه، | فالبرقُ يُخبرُ أينَ يَسْقُطُ كلّه |
ولقدْ علمتُ، فما أسفتُ لفائتٍ، | أنّ البَقيّةَ من مدايَ أقَلّه |
والبَرُّ يلتَمسُ الحَلالَ، ولم أجِدْ | هذا الورى، إلاّ فقيداً حِلّه |
يُمسي، وقد ملّ البَقاءَ، ويَغتَدي، | وله رَجاءٌ فيهِ ليسَ يَمَلّه |
فاحفظْ أخاكَ، وإنْ تَبَيّنَ أنّهُ | بالي الوَدادِ، ضَعيفُهُ مُختَلّه |
فالغِمدُ يذعَرُ، في اللّقاءِ، كَهامُه؛ | والسيف لم يُبدِ الخَبيئَةَ سَلّه |
والبُرْدُ يكفيكَ العيونَ دريسُه | والعُضوُ يَنفَعُ، في الخطوبِ، أشلّه |
والعمرُ لا يَدري الحَكيمُ: أكُثْرهُ | خيرٌ له متغبَّراً، أم قُلّه |
لا تَهزأنْ بالشّيخ، كم من ليلَةٍ | جازَتْ به كالبَدرِ، يحسنُ دَلّه |
أيّامَ يُهتَكُ، في البطالةِ، سترُه، | كالطِّرْفِ مُزّقَ، في التمرّحِ، جُلّه |
شرُّ الزّمانِ زمانُ أشيَبَ دالفٍ، | وصِباهُ أنفَسُ وقتهِ وأجَلّه |
ما لي! أيَفهمُ سامعيّ نَصيحتي، | فأبِيت أنهَلُ مُصغِياً، وأعُلّه؟ |
يجري بفارِسِهِ الطِّمِرُّ مُؤجَّلاً، | وإذا انقضى أجلٌ، فليس يُقِلّه |
والفَقرُ بَكرٌ تَرْتقيهِ شَذاتُهُ؛ | واليُسرُ عَوْدٌ ما تَسَوّرَ عَلّه |
أجتابُ شَهراً أوّلاً؛ فأُبيدُهُ، | ويجيءُ ثانٍ، بعدَهُ، فأُهِلّه |
يُمسي، على حدّ المُهَنّدِ، أخمَصي، | فترى اليَسيرَ من، من الأمورِ، يُزلّه |
والنّاس جائرُ مسلكٍ مُسترشدٌ، | وأخٌ، على غيرِ الطّريقِ، يدلّه |