سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سُبحانَ ربّكَ! هل يزولُ، كغيرِه، | شرَفُ النّجومِ وسؤدَدُ الأقمارِ؟ |
فكأنّ من خَلَقَ النّفوسَ رأى لها | ظُلماً، فعاجَلَها بسوءِ دَمارِ |
ما سَرّني بقَناعةٍ أُوتيتُها، | في العَيشِ، مُلكا غالبٍ وذِمارِ |
ومنَ المَعاشِر مَنْ يكونُ ثَراؤهُ | مَهْرَ البَغيّ، وبُسرَةَ الخمّار |
والشرُّ مُشتَهَرُ المكانِ معرَّفٌ؛ | والخَيرُ يُلمَحُ من وراءِ خِمار |
ويُقامِرُ الإنسانُ، طولَ حَياتهِ، | قَدَراً تَمَنّعَ من رضاً بقمار |
خَفْ من تَوَدُّ، كما تخافُ مُعادياً، | وتَمارَ فيمَنْ ليسَ فيهِ تماري |
فالرُّزءُ يَبعَثُهُ القريبُ، وما درى | مُضَرٌ بما تجني يَدا أنمار |
يَغدو الفَتى، والخَيلُ ملْكُ يَمينِه، | وكأنّهُ غادٍ بلُبّ حِمار |
فإذا ملَكتَ الأرضَ، فاحمِ تُرابها | منْ غَرْسِهِ شجَراً بغيرِ ثمار |
إن قَلّتِ السّمراءُ عندك، بُرهةً، | فاجزأ بمحضٍ، مرّةً، وسِمار |
وقد ادّعَى مَنْ ليسَ يَثبُتُ قولُه، | عِظمَ الجسومِ، وبَسطَةَ الأعْمار |
ما كابرٌ إلاّ كآخرَ غابرٍ؛ | والحَقُّ يُعلَمُ وجهُهُ بأمارِ |
وتغَنّتِ الدّنيا بصوتٍ واحدٍ؛ | لا تُحسِنُ الرّبداءُ غير زمار |
ومن المجرّبُ، والمَدى مُتَطاولٌ | عُدّتْ كواكِبُهُ من الأغمار |
وشربتُ كأساً، في الشّبيبة، سادراً، | فوجَدتُ بعدَ الشّيْبِ فَرطَ خُمار |
ما بالُ هذا اللّيل طالَ، وقد يُرى | مُتَقاصراً عن جلسَةِ السُّمّار؟ |
أترومُ فجراً كالحُسامِ، ودونَهُ | نجمٌ أقامَ، تمكُّنَ المِسمار؟ |
تَلقَى الفتى كالرّيح، إنْ أوْدَعتَهُ | سِرّاً أُذيعَ، فصارَ كالمِزمار |
ما زالَ مُلكُ اللَّهِ يَظهَرُ دائباً، | إذْ آدَمٌ وبَنوهُ في الإضمار |
فامنَعْ ذمارَكَ، إن قدَرتَ، فإنّني | عَدَتِ الخُطوبُ، فما حميتُ ذماري |
تَقفو الظّعائنُ من نُوَيرَةَ أجْمرَت | أجمالَها، سَحَراً، لرمي جِمار |
وعُدِدْتَ من عُمّارِ مكّةَ، بعدما | كنتَ المَريدَ، يُعَدُّ في العُمّار |
فليُغنِ عن لُبسِ الشُّفوفِ نَسائجاً | بالتّبرِ، لُبسُكَ رَثّةَ الأطمار |