هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هو البَرُّ في بحرٍ، وإن سكَنَ البَرّا، | إذا هو جاءَ الخيرَ لم يَعْدَمِ الشرّا |
وهل تظفَرُ الدّنيا عليّ بمِنّةٍ، | وما ساءَ فيها النّفسَ أضْعافُ ما سرّا |
يُلاقي حليفُ العيشِ ما هوَ كارِهٌ، | ولو لم يكُنْ إلاّ الهواجرَ والقُرّا |
نوائبُ منها عمّتِ الكهلَ، والفتى، | وطفلَ الوَرى، والشيخَ، والعبدَ، والحرّا |
إذا وُصلَتْ، بالجسم، رُوحٌ، فإنّها | وجُثمانها تَصلَى الشّدائدَ والضّرّا |
بدا فرحٌ مِنْ مُعْرِسٍ، أفما درى | بما اختارَ مِنْ سُوءِ الفِعالِ، وما جرّا؟ |
سعَى آدَمُ جَدُّ البريةِ في أذًى | لذرّيّةٍ، في ظهْرِه، تُشبِهُ الذَّرّا |
تلا النّاسُ، في النّكراءِ، نهجَ أبيهمُ، | وغُرَّ بنُوهُ، في الحياةِ، كما غُرّا |
يقولُ الغُواةُ: الخِضرُ حيٌّ، عليهِمُ | عفاءٌ، نعم ليلٌ، منَ الفتنِ، اخضرّا |
ولو صدقُوا، ما انفَكّ في شرّ حالةٍ | يُعاني بها الأسفارَ، أشعَثَ، مُغبرّا |
ولكنّ مَنْ أعطاهُمُ الخبرَ افترى، | وأُلفيَ مثلَ السيِّد، أجمَعَ وافترّا |
جَنى قائلٌ بالمَينِ، يطلُبُ ثروةً، | ويُعذَرُ فيهِ مَنْ تَكَذّبَ مَضطرّا |
خُذا الآنَ فيما نحنُ فيهِ، وخلّيا | غداً، فهو لم يَقْدُمْ، وأمسِ، فقد مرّا |
لنفْسيَ ما أطْعَمْتُ، لم يَدْرِ آكلٌ، | سوايَ، أحُلْواً، جازَ في الفم، أم مُرّا |
ومن شِيَمِ الإنس العُقُوقُ، وجاهلٌ | مُحاوِلُ بِرٍّ عندَ مَنْ أكلَ البُرّا |
عجبتُ لهذي الشّمسِ، يمضي نهارُنا، | إذا غَرَبَتْ، حتى إذا طَلَعتْ كَرّا |
لها ناظِرٌ لم يَدْرِ ما سِنَةُ الكَرى، | ولا ذُرّ، مُذ قالَ المليكُ له: ذُرّا |
وساعاتُنا، كالخيل، تجري إلى مدًى، | حوالكَ، دُهماً، لا محجَّلةً، غُرّا |
نعيمٌ طما عند امرىءٍ، ومسخَّرٌ | له، بمجالِ الحُوتِ يلتمِسُ الدُّرّا |
سوايَ الذي أرْعى السّوامَ، وساقَه، | وبالجَدّ، لا بالسّعيِ، أحتلبُ الدَّرّا |
ومن ذا الذي يَنضو لِباسَ بَقائِهِ | نَقيَّ بياضٍ، لم يُدَنِّسْ له زِرّا؟ |