قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قد أصبحتْ، ونُعاتُها نُعّاتُها، | وكذلك الدّنيا تَخيبُ سُعاتُها |
كرّارةٌ أحزانُها، ضرّارةٌ | سُكّانَها، مَرّارَةٌ ساعاتُها |
نامتْ دُعاةُ الدّولتينِ فضاعتا، | وهي المنيّةُ لا تَخيبُ دُعاتُها |
ذَرْها، وتلك نصيحةٌ معروفةٌ، | عَظُمتْ منافعُها وقلّ وُعاتُها |
لا تتبعَنّ الغانياتِ مُماشياً، | إنّ الغَواني جَمّةٌ تَبِعاتُها |
وإذا اطّلعْنَ من المَناظر فالهُدى | أن لا تَراكَ، الدّهرَ، مُطّلِعاتُها |
واحذَرْ مقالَ النّاسِ: إنّك بينها | سِرحانُ ضآنٍ حين غاب رعاتُها |
ودَعِ القراءة إنْ ظنَنتَ جَهيرَها، | ذكرَتْ به الحاجاتِ مستمعاتُها |
فالصوتُ هدرُ الفحل تؤنسُ رِكزَه | أُلاّفُهُ، فتُجيبُ مُمتَنِعاتُها |
أوْلى من البيض الأوانسِ، بالعُلا، | قُلُصٌ تجوبُ الليلَ مدّرعاتُها |
جُمِعتْ جسومٌ من غرائزَ أربعٍ، | وتفرّقتْ من بعدُ مجتَمعاتُها |
وهي النفوسُ، إذا تُمَيِّزُ بينها، | فأعزُّها في العيشِ مُقتنِعاتُها |
ومتى طرَدْتَ أمورَها بقياسِها، | فأحقُّها بمَذلّةٍ طَمِعاتُها |
وكأنّ آمالَ الفتى وحتوفَه | فِئتانِ، تهزأُ منه مُصطَرِعاتُها |
أوقاتُ عاجلةٍ كأنّ مُضيّها | ومْضُ البُروقِ، خواطفاً لمعاتُها |
ويخالفُ الأيّامَ حُكمٌ واقِعٌ | فيها، ومثلُ سُبوتها جُمُعاتُها |
كم أُوقدَتْ لشُموعِها صُبْحِيّةٌ | في الليلِ ثُمَّ أُطفئَتْ شمَعاتُها |
فمتى يُنبَّهُ من رُقادٍ، مُهلِكِ، | مَن قد أضرّ، بعينهِ، هَجعَاتُها |
وترادفَتْ هذي الجّدوبُ، ولم تلُحْ | غَرّاءُ، تبغي الرّوضَ منتجِعاتُها |
وكأنّ تسبيحاً هديلُ حمامةٍ، | في مجدِ ربكَ أُلّفتْ سَجَعَاتُها |
من يغتبِطْ بمعيشةٍ، فأمامَه | نُوَبٌ، تُطيلُ، عناءَهُ، فجعاتها |
وإذا رجَعتَ إلى النُّهى فذواهب | الأيامِ، غيرَ مؤمَّلٍ رجَعاتها |
تَهوى السلامةَ والقبورُ مضاجِعٌ | سلَبت عن اليَقَظات مضطجِعاتها |
دنياكَ مشبهةُ السّرابِ، فلا تَزُلْ | برزينِ حلمِكَ موشكاً خُدَعاتها |
رَقشاءُ فيها ليلها ونهارها، | تلكَ الضّئيلةُ، شأنها لسعاتها |
وتَرِثُّ أغراضُ الشبابِ وينطوي | إبّانُها، فتنيبُ مُرتدعاتها |
ويُنهنِهُ الرجلُ الحصيفُ بسنّه | أوطارَهُ، فتضيقُ مُتّسِعاتها |
وتقارعت شوس الخطوب فكُشّفت، | عن مَهلَكِ الحيوانِ، مقترعاتها |
تستعذبُ المهجاتُ وِرْدَ بَقائها، | فتَلذُّهُ، وتُغِصُّها جُرعاتها |
وتَظَلُّ حباتُ القلوبِ زَرائعاً، | كالأرض، والصّهواتُ مُزدرعاتها |
إن كان قد عتمَ الظّلامُ، فطالما | مَتَعَ النهارُ فماوَنَتْ مُتعاتُها |
نُظمتْ قصائدُ من أذى، مَثلاتُها | أمثالُها، فاتتكَ منتزعاتُها |
وتُعينُ أسبابَ الحياة وينتهي | أمدٌ لها، فتَخون منقطعاتها |
فاخفِض حديثَك للمحدّثِ جاهداً، | فذميمةُ الأصواتِ مُرْتفعاتها |
مُهجٌ تخافُ من الرّدى، ولعلّهُ، | إن جاء، تأمنُ صولةً هلِعاتُها |
أوْ ما تفيقُ، من الغرام، بفاركِ | مشهورةٍ، مع غيرنا وقعاتها |
نفسٌ تُرَقِّعُ أمرها، حتى إذا | أجَلٌ توَرّدَ، أُعجِزَتْ رُقعاتُها |
وترى الصلاةَ، على الغويّ، ثقيلةً، | مثلَ الهِضابِ تؤودُهُ ركعاتها |
وتُضِلُّ أفعالُ الشّرور جناتَها، | وتفوزُ بالخيراتِ مصطنعاتُها |
ومحاسنُ الدوَل،التي غُرّتْ بها، | حالتْ، فقبلَ حِسانها شِنعاتُها |
والنارُ، إن قرّبتْ كفَّكَ، مرةً، | منها، ثنتْ عن قبضِها لذعاتُها |
ولعلّ عكساً، في الليالي، كائنٌ، | فتعودَ، في الشَّرَقاتِ، متّضِعاتُها |