ومطروفة العينين قد قدت الصبا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وَمَطْرُوفَةِ العَيْنَينِ قد قُدْتُ الصِّبا، | تُقادُ إلى أخْرَى لَذِيذٍ شَمِيمُهَا |
وَكَيْفَ بعَيْني وَالتي طُرِفَتْ بهَا | لهَا حِينَ ألْقَاهَا يَمُوتُ سُجُومُهَا |
وَدَوّيّةٌ نَاءٍ مِنَ الخِمْسِ مَاؤهَا، | تَقَمَّسُ في طَافي السّرَابِ أرُومُهَا |
وَلَيْلَةِ أسْرَابٍ نُزُولٍ مِنَ القَطَا | يُثَارُ بِألِحْي المُرْقِلاتِ جُثُومُهَا |
أثرْتُ بِا جُونَ القَطا حِينَ عَسكرَتْ | على الأرْضِ دَيّورٌ تَداعى خُصُومُهَا |
كأنّ حديثَ الدّارِجاتِ مِنَ القَطَا | تَراطُنُ أنْبَاطٍ تَلاقَتْ ورُومُهَا |
بمُستَأنِسٍ بالقَفْرِ فَرْدٍ تَقاذَفَتْ | على الأرْضِ دَيمُوماتُها وَحُزُومُهَا |
كأنّ رِجالَ الدّاعِرِيّةِ تَحْتَهَا، | قِلاصُ نَعَامٍ يَنْتَحِيهَا ظَليمُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ لِلْمَهَارِي طَوِيلَةٍ، | وَأيّامُهَا اللاتي طِوَالٌ حُسُومُهَا |
أقَمْتُ بهَا أعْنَاقَ غيدٍ، كَأنّها | سُكَارَى تُفَدّى تَارَةً، وَتَلُومُهَا |
وَسَوْداءَ مِنْ لَيْلِ التَّمامِ اعتَسَفتُها | إلى أنْ تَجَلّى عَنْ بَياضٍ هُدومُهَا |
كَأنّ بِها مَوصُولَتَينِ طَعَنْتُهَا | بِأعْنَاقِ أطْلاحٍ دَوَامٍ كُلُومُهَا |
أقَمْتُ لَهَا أعْناقَ لازِقَةِ الذُّرَى، | إلى أنْ تَجَلّى بِالبَيَاضِ بَهِيمُهَا |
وَمَا جُشّمَ الأظْهَارَ مِثلُ شِمِلّةٍ، | وَحَامِلَةٍ للهَمّ مَاضٍ صَرِيمُهَا |
تَخَوّنَهَا تَهْجِيرُ كُلِّ وَدِيقَةٍ، | إلى أنْ أتَتْ مُخَّ السُّلامَى شُحومُهَا |
وَهاجِرَةٍ كَلّفْتُ نَفْسِي وَنَاقَتي، | من المُنضِجاتِ اللّحمِ نِيّاً سُمومُها |
فَهُنّ شِفَاءُ الهَمّ، إذْ جاءَ طارِقاً | لَدَى البَدَوَاتِ المُسْمَهِرِّ عَزِيمُهَا |
وَحَمرَاءُ مِنْ لَيْلِ الشّتاءِ قَتلتُها | منَ القَرّ، يَأبَى كَلبُها لا يُرِيحُهَا |
يَعَضّ عَلى النّارِ الّذينَ يَلُونَهَا، | إذا كانَ ثَوْبَ الكلبِ منها جَحيمُهَا |
جَعلتُ لحَافَ القَرّ للمُبتَغي القِرَى، | بضَرْبَةِ سَاقٍ قَدْ أُفِرَّ صَمِيمُهَا |
أنَخْنَا ثَلاثاً تَحتَ ضَامِنَةِ القِرَى، | مِنَ الغَلْي يَسْمُو بالمَحالِ هَزِيمُهَا |
فَلَيْتَ أمِيرَ المُؤمِنينَ قدِ انْتَهَتْ | إلَيهِ مِنَ الصُّهْبِ المَهارِي رَسِيمُهَا |
عَلَيها امرُؤٌ لا يَنقُضُ اللّيلُ عَزْمَهُ، | وَلا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلاّ حَميمُهَا |
بِذِعْلِبَةٍ مَا مَسّ إلاّ مُنَاخُها | لِنصْفِ صَلاةٍ، وَهيَ دامٍ رَثيمُهَا |
لهَا الأرْضُ إلاّ أرْبَعٌ ثِفنَاتُهَا، | إذا اللّيْلَةُ السّوداءُ نَاداهُ بُومُهَا |
وَلا يَقْتُلُ اللّيْلَ المُبَيَّتَ هَمُّهُ | مِنَ الصّهْبِ بالرُّكْبَانِ إلاّ كُتومُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ قَدْ حَمَلْتُ ثَقِيلَهَا | عَلى رَحْلِ مِذْعانٍ بَطيءٍ سُؤومُها |
خَبَطْتُ بهَا الظَلماءَ، حتى أضَاءَهَا | عَمُودُ ضِيَاءٍ بالبَيَاضِ يَضِيمُهَا |
وَلَيْلَةِ لَيْلٍ مُرْجَحِنٍّ ظَلامُهَا، | سَوَاءٌ عَلَيْنَا طَلْقُهَا وَغُيُومُهَا |
كَأنّ بهَا الأيّامَ وَاللّيْلَ وُصِّلا | وَظَلْمَاءَ مُسْوَدٌّ عَلَيْهَا بَهِيمُهَا |
إذا مَا رَجَوْنَا ضَوْءهَا اعتكَرَتْ لهَا | شَآمِيّةُ الألْوَانِ ضَوْءٌ بَرِيمُهَا |
فَذلِكَ من لَيلِ الطِّوَالِ إذا التَقَتْ | عَلَيْنَا بهِ ظَلْمَاؤهُ وَعُتُومُهَا |
إذا قُلْتُ للحُرّاسِ هَلْ لَيْلَتي دنتْ | من الصّبْحِ أوْ كانَتْ جُنوحاً نجُومُهَا |
يَقُولُونَ: ما يَنْزِلْنَ إلاّ تَنَزُّلاً | بَطِيئاً، وَمُسْوَدّاً عَلَيْنَا أدِيمُهَا |
فَلَيْتَ مَكَانَ الأرْبَعِينَ الّتي لهَا | بِسَاقَيّ آثارٌ مُبِينٌ وَشُومُهَا |
أخا نَجْدَةٍ عندي أخُوهُ فجَعتُهُ | بهِ، وَالمَنَايَا جَانِيَاتٌ حُتُومُهَا |
فَنَازَلَني بِالسَّيْفِ عَنْهُ وَدُونَهُ | مع السيْفِ حِضْبُ الأرْضِ بادٍ شكيمُها |