إذا المرء لم يحقن دما لابن عمه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذَا المَرْءُ لمُ يَحْقُنْ دَماً لابن عَمّهِ | بمَخْلُولَةٍ مِنْ مَالِهِ أوْ بمُقْحَمِ |
فَلَيْسَ بذي حَقٍّ يُهَابُ لحَقّهِ، | وَلا ذي حَريمٍ تَتّقِيهِ لمَحْرَمِ |
فَخَلّ عن الحَيّاتِ إنْ نَهَدَتْ لهُ، | وَلا تَدْعُوَنْ يَوْماً بهِ عندَ مُعظَمِ |
أبَى حَكَمٌ مِنْ مَالِهِ أنْ يُعِينَنَا | على حَلّ حَبْلِ الأبْيَضِيّ بدِرْهَمِ |
وَقُلْتُ لَهُ: مَوْلاكَ يَدْعُو يَقودُهُ | إلَيْكَ، بحَبْلٍ، ثائِرٌ غَيرُ مُنعِمِ |
بكَى بَينَ ظَهْرَيْ رَهْطِهِ بَعدَما دعا | ذَوي المُخّ مِنْ أحسابِهِمْ وَالمُطَعَّمِ |
فقالَ لهُمْ: رَاخُوا خِناقي وَأطْلِقُوا | وَثَاقي فَإني بَينَ قَتْلٍ وَمغْرَمِ |
وَمِنْ حَوْلِهِ رَهْطٌ أصَابَ أخاهُمُ | بهازِمَةٍ تَحْتَ الفَرَاشِ المُحَطَّمِ |
بَنُو عَلّةٍ مُسْتَبْسِلُونَ قَدِ التَوَتْ | قُوَاهُمْ بِثأرٍ في المَرِيرَةِ مُسْلَمِ |
وَلَمْ يَدْعُ حتى ما لَهُ عِندَ طَارِقٍ | ولا سَائِرِ الأبْنَاءِ مِنْ مُتَلَوَّمِ |
فقالوا: استَغِثْ بالقَبرِ أوْ أسمعِ ابنَهُ | دُعاءَكَ يَرْجِعْ رِيقُ فيكَ إلى الفَمِ |
فَأقْسَمَ لا يَخْتَارُ حَيّاً بِغَالِبٍ، | وَلَوْ كانَ في لحدٍ من الأرْضِ مُظْلِمِ |
دَعا بَينَ آرَامِ المَقَرّ ابنَ غالِبٍ، | وَعاذَ بِقَبْرٍ تَحْتَهُ خَيرُ أعْظُمِ |
فَقُلْتُ لَهُ أقرِيكَ عَنْ قَبرِ غالِبِ | هُنَيْدَةَ إذْ كَانَتْ شفَاءً من الدمِ |
يَنامُ الطّرِيدُ بَعدَها نَوْمةَ الضّحَى، | وَيَرْضَى بهَا ذُو الإحْنَةِ المُتَجَرِّمِ |
فَقامَ عَنْ القَبْرِ الذي كانَ عائِذاً | بهِ إذا أطافَتْ عِيطُها حَوْلَ مُسلَمِ |
وَلَوْ كانَ زَبّانُ العُلَيميُّ جَارَهَا، | وَآلُ أبي العاصِي غَدَتْ لمْ تُقَسَّمِ |
وَفيمَ ابنُ بَحْرٍ من قِلاصِ أشَذَّهَا | بِسَيْفَينِ أغْشَى رَأسَهُ لَمْ يُعَمَّمِ |
وَلمْ أرَ مَدْعُوَّينِ أسْرَعَ جَابَةً، | وَأكْفَى لِرَاعٍ مِنْ عُبَيْدٍ وَأسَلَمِ |
أهِيبَا بهَا يا ابْنَيْ جُبَيْرٍ، فإنّهَا | جَلَتْ عَنْكُما أعناقُها لَوْنَ عِظلِمِ |
دَفَعْتُ إلى أيْديهِمَا فَتقَبّلا | عَصَا مئَةٍ مثل الفَسِيلِ المُكَمَمِ |
فَرَاحَا بِجُرْجُورٍ كَأنّ إفَالَهَا | فَسِيلٌ دَماً قِنْوَانُهُ مِنْ مُحَلِّمِ |
ألا يا اخْبِرُوني أيّها الناسُ إنّمَا | سألتُ وَمَنْ يَسألْ عن العِلمِ يَعلَمِ |
سُؤالَ امرِىءٍ لمْ يُغفلِ العِلمَ صَدرُه، | وَما العالمُ الوَاعي الأحاديثَ كالعَمي |
ألا هَلْ عَلِمْتُمْ مَيّتاً قَبْلَ غالبٍ | قَرَى مِئَةً ضَيْفاً، ولَمْ يَتَكَلّمِ؟ |
أبي صَاحبُ القَبْرِ الذي مَنْ يَعُذْ بِه | يُجْرْهُ مِنَ الغُرْمِ الذي جَرّ وَالدّمِ |
وَقَد عَلِمَ السّاعي إلى قَبرِ غَالِبٍ، | من السّيْفِ يَسعى، أنّهُ غَيرُ مُسلَمِ |
وَإذ نحّبَتْ كَلْبٌ على النجاسِ أيُّهمْ | أحَقُّ بِتَاجِ المَاجِدِ المُتَكَرّمِ |
على نَفَرٍ هُمْ مِنْ نِزَارٍ ذُؤابَةٌ، | وَأهْلُ الجَرَاثِيمِ التي لمْ تُهَدَّمِ |
على أيّهِمْ أعْطَى وَلمْ يَدْرِ مَن همُ، | أحَلَّ لَهُمْ تَعقِيلَ ألْفٍ مُصَتَّمِ |
فَلمْ يَجلُ عن أحسابِهمْ غَيرُ غالبٍ | جَرَى بعِنانَيْ كُلّ أبْلَجَ خِضْرِمِ |
وَلَوْ قَبِلَتْ سَيْدانُ مِني حَلِيفَتي، | شَفَيْتُ بهَا ما يَدّعي آلُ ضَمضَمِ |
لأعطيتُ ما أرْضَى هُبَيْرَةَ قَائِماً | مِنَ المُعلَنِ البادي لَنا والمُجَمجَمِ |
وَكُنْتُ كمَسْؤولٍ بِأحداثِ قَوْمِهِ | ليُصْلِحَهَا، مَنْ لَيسَ فيها بمُجرِمِ |
وَلكِنْ إذا ما المُصْلِحُونَ عَصَاهُمُ | وَليٌّ، فَما للنّصْحِ مِنْ مُتَقَدَّمِ |