ألم خيال من علية بعدما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألَمّ خَيَالٌ مِنْ عُلَيّةَ، بعْدَمَا | رَجا ليَ أهْلي البُرْءَ من داءِ دانِفِ |
وَكُنتُ كَذي ساقٍ تَهيّضَ كَسْرُها | إذا انْقَطَعَتْ عَنها سيُورُ السّقائِفِ |
فأصْبَحَ لا يَحْتالُ، بَعْدَ قِيامَهِ، | لمُنهاض كَسْرٍ مِنْ عُلَيّةَ، رَادِفِ |
وَلَوْ وصَفَ الناسُ الحسانَ لأضْعَفَتْ | عَلَيهنّ أضْعافاً لَدَى كُلّ وَاصِفِ |
لأنّ لها نِصْفَ المَلاحَةِ قِسْمَةً، | مَعَ الفَتْرَةِ الحَسْناءِ عِندَ التّهانُفِ |
ذَكَرْتُكِ، يا أُمّ العَلاءِ، وَدُونَنا | مَصَارِيعُ أبْوابِ السّجُونِ الصّوَارِفِ |
قَد اعتَرَفَتْ نفْسٌ، عُلَيّةُ داؤها، | بطُولِ ضَنىً مِنها، إذا لَمْ تُساعِفِ |
فإنْ يُطْلِقِ الرّحمَنُ قَيْدي فألقَها | نُحَلِّلْ نُذُوراً بالشّفاهِ الرّواشِفِ |
وإلاّ تُبَلِّغْها القِلاصُ، فَإنّهَا | سَتُبْلِغُها عَنّي بُطُونُ الصّحائِفِ |
وَلَو أسْقَبَتْ أُمُّ العَلاءِ بِدارِها، | إذاً لَتلَقّتْني لها غَيْرَ عائِفِ |
وَكَمْ قَطّعَتْ أُمُّ العَلاء من القُوَى | وَمَوْصُولِ حَبْلٍ بالعُيونِ الضّعائِفِ |
أبَى القَلْبُ إلاّ أنْ يُسَلّى بحَاجَةٍ | أتَى ذِكْرُها بَينَ الحَشا وَالشّوَاغِفِ |
وَمُنْتَحِرٍ بِالبيدِ يَصْدَعُ بَيْنَهَا | عَنِ القُورِ أنْ مَرّتْ بها مُتَجانِفِ |
وَرُودٍ لأعْدادِ المِياهِ، إذا انْتَحَى | عَلَيْهِ الرّزَايا من حَسِيرٍ وَزَاحِفِ |
تَصِيحُ بِه الأصْداءُ يُخْشَى به الرّدى، | فَسِيحٌ لأذْيالِ الرّياحِ العَوَاصِفِ |
إلَيْكَ، أمِيرَ المُؤمِنينَ، تَعَسّفَتْ | بنا الصُّهبُ أجَوَازَ الفَلاةِ التّنائِفِ |
إذا صَوّتَ الحادي بهِنّ تَقَاذَفَتْ | تَسامَى بِأعْناقٍ، وَأيْدٍ خَوَانِفِ |
سَفِينَةُ بَرٍّ مُسْتَعَدٌّ نَجَاؤهَا، | لتَوْجابِ رَوعاتِ القُلوبِ الرّوَاجِفِ |
عُذافِرَةٌ، حَرْفٌ، تَئِطّ نُسُوعُها، | من الذّامِلاتِ الليلَ ذاتِ العَجارِفِ |
كأنّ نَديفَ القُطنِ أُلبِسَ خَطمها، | به نَدفُ أوْتارِ القِسِيّ النّوَادِفِ |
دَعَوْتُ أمِينَ الله في الأرْضِ دَعَوةً | ليَفرِجَ عَن ساقَيّ، خَيرُ الخَلائِفِ |
فيا خَير أهلِ الأرْض! إنّكَ لوْ تَرَى | بِساقَيّ آثَارَ القُيُودِ النّوَاسِفِ |
إذاً لَرَجَوْتُ العَفْوَ مِنْكَ وَرَحْمَةً | وَعَدْلَ إمَامٍ بِالرّعِيّةِ رَائِفِ |
هِشامَ ابن خَيرِ النّاسِ، إلاّ محَمّداً | وَأصْحابَهُ، إنّي لَكُمْ لمْ أُقارِفِ |
مِنَ الغِشّ شَيئاً، والذي نَحَرَتْ لَهُ | قُرَيْشٌ هَدايا كلّ وَرْقاءَ شَارِفِ |
ألَمْ يَكْفِني مَرْوَانُ لَمّا أتَيْتُهُ | نِفاراً وَرَدّ النّفسَ بَينَ الشّرَاسِفِ |
وَيَمْنَعُ جَاراً إنْ أنَاخَ فِنَاءَهُ، | لَهُ مُستَقىً عندَ ابنِ مَرْوَانَ غارِفِ |
إلى آلِ مَرْوَان انتَهَتْ كلُّ عِزّةٍ، | وَكلُّ حصىً ذي حَوْمَةٍ للخَنادِفِ |
هُمُ الأكْرَمُونَ الأكْثَرُونَ وَلم يزَل | لهمْ مُنكِرُ النّكْرَاءِ للحَقّ عارِفِ |
أبُوكُمْ أبُو العاصِي الذي كانَ جارُهُ | أعَزَّ منَ العصْماءِ فَوْقَ النّفانِفِ |
وَلَستُ بناسٍ فَضْلَ مَرْوَان ما دَعَتْ | حَمامَةُ أيْكٍ في الحَمامِ الهَواتِفِ |
وَكَانَ لِمَنْ رَدّ الحَياةَ، وَنفْسُهُ | عَلَيها، بَوَاكٍ بالعُيُونِ الذّوَارِفِ |
وَما أحَدٌ مُعطىً عَطاءً كَنَفْسِهِ، | إذا نَشِبَتْ مكْظُومَةٌ بالحَوَائِفِ |
حُتُوفُ المَنَايا قَدْ أطَفْنَ بنَفْسِهِ، | وَأشْلاءِ مَحبوسٍ على المَوْتِ وَاقِفِ |
وَما زَالَ فيكُمْ آل مَرْوَان مُنعِمٌ | عَليّ بِنُعْمَى بادىءٍ ثُمّ عاطِفِ |
فإنْ أكُ مَحْبُوساً بِغَيرِ جَرِيرَةٍ، | فَقَدْ أخذُوني آمِناً غَيرَ خَائِفِ |
وَما سَجَنُوني غَير أني ابنُ غالِبٍ، | وَأني مِنَ الأثْرَين غَيرِ الزّعانِفِ |
وأني الّذي كانَتْ تَعُدّ لثَغْرِهَا | تَميمٌ لأبْياتِ العدُوّ المقاذِفِ |
وَكَمْ من عَدُوٍّ دونَهمْ قد فَرَستُهُ | إلى المَوْت لمْ يَسطَعْ إلى السّمّ رَائِفِ |
وَكُنْتُ مَتى تَعْلَقْ حِبالي قَرِينَةً، | إذا عَلِقَتْ أقْرَانَهَا بِالسّوَالِفِ |
مَدَدْتَ عَلابيَّ القَرِينِ وَزِدْتَهُ | عَلى المَدّ جَذْباً للقَرِينِ المُخالِفِ |
وإنّي لأعْداءِ الخَنادِفِ مِدْرَهٌ | بِذَحْلٍ غَنيٍّ، بالنّوَائِبِ كالِفِ |
لجَامُ شَجىً بَينَ الَّلهاتَينِ مَنْ يَقَعْ | لَهُ في فَمٍ يَرْكَبْ سَبيلَ المَتالِفِ |
وَإنْ غِبْتُ كانُوا بَينَ رَاوٍ وَمُحْتَبٍ، | وبَينَ مُعِيبٍ، قَلْبُهُ بالشّنائِفِ |
وبَالأمسِ ما قد حاذرُوا وَقْعَ صَوْلَتي | فصَيّفَ عَنْها كُلُّ بَاغٍ وَقاذِفِ |
وَقَدْ عَلِم المَقْرُونُ بي أنّ رَأسَهُ | سيَذهَبُ أوْ يُرْمَى بهِ في النّفانِفِ |
أرى شُعَرَاءَ الناسِ غَيرِي كَأنّهُمْ | بِمَكّةَ قُطَّانُ الحَمامِ الأوَالِفِ |
عَجِبْتُ لقَوْمٍ إنْ رَأوْني تَعذّرُوا، | وإنْ غِبْتُ كانوا بَينَ رَاوٍ وَجانِفِ |
عَليّ، وَقَدْ كانُوا يَخافُونَ صَوْلَتي، | وَيَرْقَأ بي فَيْضُ العُيونِ الذّوَارِفِ |
وَأفْقَأ صادَ النّاظِرَينِ، وَتَلْتَقي | إليّ هجَانُ المصَنات الطّرائِفِ |
وَلَوْ كُنتُ أخشَى خالِداً أنْ يَرُوعَني | لَطِرْتُ بِوافٍ رِيشُهُ غَيرَ جادِفِ |
كما طِرْتُ مِنْ مِصْرَيْ زِيادٍ، وَإنّهُ | لَتَصْرِفُ لي أنْيَابُهُ بِالمَتَالِفِ |
وَما كُنتُ أخشى أنْ أُرى في مَخَيَّس | قَصِيرَ الخُطى أمشِي كَمَشْي الرّواسِفِ |
أبيتُ تَطُوفُ الزُّطُّ حَوْلي بجُلْجُلٍ، | عَليّ رَقِيبٌ مِنْهُمُ كالمُحالِفِ |