جزى الله عني في الأمور مجاشعا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جَزَى الله عنّي في الأمورِ مُجاشِعاً | جَزَاءَ كريمٍ عالمٍ كيفَ يَصْنَعُ |
فإنْ تَجْزِني مِنْهُمْ، فإنّكَ قادِرٌ، | تَجُزُّ كَما شِئْتَ العِبادَ وَتَزْرَعُ |
يُرِقّونَ عَظْمي ما اسْتَطاعُوا وَإنّما | أشِيدُ لَهُمْ بُنْيانَ مَجْدٍ وَأرْفَعُ |
وَكيْفَ بكُمْ إنْ تَظلمُوني وَتَشتكوا | إذا أنا عاقَبْتُ امْرأً، وَهوَ أقْطَعُ |
إذا انْفَقَأتْ مِنْكُمْ ضَوَاةٌ جَعَلْتُمُ | عَلَيّ أذَاهَا، حرقها يَتَزَرّعُ |
تَرَوْنَ لَكُمْ مَجْداً هِجائي وَإنّما | هِجائي لمَنْ حانَ الذُّعافُ المُسَلَّعُ |
وَإني لَيَنْهاني عَنِ الجَهْلِ فِيكُمُ، | إذا كِدتُ، خَلاّتٌ من الحلمِ أرْبَعُ: |
حَياءٌ وَبُقْيَا وَاتّقَاءٌ، وإنّني | كَرِيمٌ فَأُعطي مَا أشاءُ وأمْنَعُ |
وَإنْ أعْفُ أستَبقي حُلُومَ مُجاشعٍ، | فإنّ العَصَا كانَتْ لذي الحلِم تُقرَعُ |
ألمْ تُرْجِلُوني عَنْ جِيادي وَتَخلعَوا | عِناني وَما مِثلي من القَوْمِ يُخْلَعُ |
كَما كانَ يَلقى الزِّبْرِقانُ، ولَم يزَلْ | يُعالِجُ مَوْلىً يَسْتَقِيمُ وَيَظْلَعُ |
وَأني لأَجْرِي بَعدَما يَبْلُغُ المَدَى، | وَأفقَأُ عَيْنَيْ ذي الذُّبابِ وَأجْدعُ |
وَأكْوِي خَياشِيمَ الصُّداعِ، وَأبْتَغي | مَجامَعَ داءِ الرّأسِ من حيثُ يَنقَعُ |
وَإني لَيَنْميني إلى خَيرِ مَنْصِبٍ | أبٌ كانَ أبّاءً يَضُرّ وَيَنْفَعُ |
طَوِيلُ عِمادِ البَيْتِ تَبْني مُجاشِعٌ | إلى بَيْتِهِ أطْنَابَها مَا تَنَزَّعُ |
سَيَبْلُغُ عَني حاجَتي غَيرُ عَامِلٍ، | بها من ذوِي الحاجاتِ فَيجٌ مُسَرِّعُ |
عَصَائِبُ لمْ يَطْحَنْ كُدَيرٌ مَتاعَها | يَمُرّ بها بَينَ الغَدِيرَيْنِ مَهْيَعُ |
إلَيْهِ، وَإنْ كَانَتْ زبَالَةُ بَيْنَنَا | وَذُو حَدَبٍ فيهِ القَرَاقِيرُ تَمزَعُ |
يَمِيناً لَئِنْ أمْسَى كُدَيْرٌ يَلُومُني، | لَقَدْ لُمْتُهُ لَوْماً سَيَبْقَى وَيَنْصَعُ |
خَليلَيْ كُدَيْرِ أبْلغا، إنْ لَقيتُهُ | طَبعتُ، وَأنى ليسَ مِثلُكَ يَطْبَعُ |
أفي مائَةٍ أقْرَضْتَها ذا قَرَابَةٍ، | عَلى كُلّ بابٍ، ماءُ عَينَيكَ يَدمَعُ |
تَسِيلُ مآقِيكَ الصّدِيدَ تَلُومُني، | وَأنْتَ امْرُؤٌ قَحْمُ العِذارَينِ أصْلعُ |
فَدُونَكَها إنّي إخالُكَ لمْ تَزَلْ | لَدُنْ خَرَجَتْ من بابِ بَيْتك تلمعُ |
تُنادي وَتَدْعو الله فِيها، كَأنّمَا، | رُزِئْتَ ابنَ أُمٍّ لمْ يكُنْ يَتَضَعضَعُ |
مَتى تَأتِهِ مِني النّذِيرَةُ لا يَنَمْ، | وَلكنْ يَخافُ الطّارِقاتِ ويَفْزَعُ |
وَأيُّ امْرِىءٍ بَعْدَ النّذِيرَةِ قد رَأى | طَلايِعَها مِني لَهُ العَينُ تَهْجَعُ |
مِنَ النّاسِ إلاّ فاسدَ العَقل شارَكتْ | بِهِ العَجْزَ حَوْلاً أُمُّهُ وَهوَ مُرْضَعُ |
فلا يَقْذِفَنْكَ الحَينُ في نابِ حَيّةٍ | عَصَا كُلَّ حَوّاءٍ بِهِ السّمُّ مُنْقَعُ |
يَفِرّ رُقَاةُ القَوْمِ لا يَقْرَبُونَهُ، | خَشاشُ حِبالٍ فاتِكُ اللّيلِ أقْرَعُ |
مِنَ الصُّمّ إنْ تَعْلُكْكَ منه شكيمةٌ | تَمُتْ أوْ تُفِقْ قد بادَ عَقلُكَ أجمعُ |
تَرَى جَسَداً عَيْناكَ تَنْظُرُ ساكِناً، | وَلَستَ ولَوْ ناداكَ لُقمانُ تَسْمَعُ |
فَإيّاكَ! إني قَلّ ما أزْجُرُ أمْرأً | سِوى مَرّةٍ، إني بِمَنْ حانَ مُولَعُ |
فَذلكَ تَقْديمي إلَيْكَ، فإنْ تكُنْ | شَقِيّاً تَردْ حَوْض الذي كنتُ أمنعُ |
وَقَدْ شابَ صُدغاكَ اللّئيمانِ عاتِباً | عَلَيْنا، وَفينا أُمُّكَ الغُولُ تَمْزَعُ |
إلى حُجُرِ الأضْيافِ كلَّ عَشِيّةٍ، | بذي حَلَقٍ تَمشي بِه تَتدَعْدعُ |
فما زِلتُ عن سَعدٍ لَدُن أنْ هجَوْتُها | أخُصّ، وَتَارَاتٍ أعُمّ فَأجْمَعُ |
جُعِلْتُ على سَعْدٍ عَذاباً فأصْبَحَتْ | تَلاعَنُ سَعْدٌ في عَذابي وَتُقْمَعُ |
تَلاعُنَ أهْلِ النّارِ، إذْ يَرْكَبُونَها، | وإذْ هيَ تَغشَى المُجْرِمِينَ وَتَسْفَعُ |
ألمْ تَرَ سَعْداً أوْدَحَتْ إذْ دَكَكتُها | كَمَا دَكّ آطَامَ اليَمَامَةِ تُبّعُ |
كَأنّ بَني سَعْدٍ ضِبَاعُ قَصِيمَةٍ، | تَفَرّعَها عَبْلُ الذّرَاعَينِ مِصْقَعُ |
تُنَفِّسُ عَنْها بِالجُعُورِ وَتَتّقي | بِأذْنَابِها زبَّ المَناخِرِ طُلَّعُ |