لقد هاج من عيني ماء على الهوى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لَقَدْ هَاجَ من عَيْنيّ ماءً على الهَوَى | خَيَالٌ أتَاني آخِرَ اللّيْلِ زَائرُهْ |
لِمَيّةَ، حَيّا بِالسّلامِ كَأنّمَا | عَلَيْهِ دمٌ لا يَقْبَلُ المالَ ثَائِرُهْ |
كَأنّ خُزَامَى حَرّكَتْ رِيحَها الصَّبا، | وَحَنوَةَ رَوْضٍ حِينَ أقلَعَ ماطِرُهْ |
لَنَا إذ أتَتْنَا الرّيحُ مِنْ نَحْوِ أرْضِها | وَدارِيَّ مِسْكٍ غَارَ في البَحرِ تاجِرُهْ |
دَعَتني إلَيها الشمسُ تحتَ خِمارِهَا | وَجَعْدٌ تَثَنّى في الكَثيبِ غَدائِرُهْ |
كَأنّ نَوَاراً تَرْتَعي رَمْلَ عَالِجٍ | إلى رَبْرَبٍ تَحنُو إلَيْهِ جَآذِرُهْ |
مِنَ أينَ أُلاقي آلَ مَيٍّ، وَقَدْ أتَى | نَبيُّ فُلَيْجٍ دُونَهَا وَأغَادِرُهْ |
يُرِيدونَ رَوْضَ الحَزْنِ أن يُنفِشوا بهِ | إذا استَأسَدَتْ قُرْيَانُهُ وَظَوَاهِرُهْ |
إلَيْكَ ابنَ عَبدِ الله أسنَفْتُ نَاقَتي | وَقد أقلق النِّسعَينِ للبَطْنِ ضَامِرُهْ |
وَكَائِنْ لَبِسْنَا مِنْ رِدَاءِ وَدِيقَةٍ | إليْكَ وَلَيْلٌ كَالرُّوَيْزِيّ سَائِرُهْ |
أُبَادِرُ مَنْ يأتيكَ مِنْ كُلّ جانِبٍ | مُشَاةً وَرُكْبَاناً، فإني مُبَادِرُهْ |
أُبَادِرُ كَفّيْكَ اللّتَيْنِ نَداهُمَا | عَلى مَنْ بِنَجْدٍ، أوْ تهامةَ، ماطِرُهْ |
دَعي النّاس وأْتي بي المُهَاجِرَ إنّهُ | أرَاهُ الّذِي تُعطي المَقَالِيدَ عامِرُهْ |
وَمَنْ يَكُ أمسى وَهُوَ وَعرٌ صُعودُهُ | فإنّ ابنَ عَبْدِ الله سَهْلٌ مَصَادِرُهْ |
نمَى بِكَ مِنْ فَرْعَيْ رَبِيعَةَ للعُلى، | بحَيْثُ يَرُدّ الطَّرْفَ للعَينِ نَاظِرُهْ |
مَرَاجِيحُ سَادَاتٌ عِظَامٌ جُدُودها | وَفِيهِمْ لأيّامِ الطِّعَانِ مَساعِرُهْ |
وَمَنْ يَطّلِبْ مَسعاةَ قَوْمٍ يجدْ لهمْ | شَمَارِيخَ مِنْ عِزٍّ، عِظَامٍ مآثرُهْ |
وَجَدْتُ القَنَا الهِنْدِيَّ فيكُمْ طعانُهُ | وَضَرْبٌ يُدَهْدي للرّؤوس فوادرُهْ |
إذا مَا يَدُ الدرْعِ التَوَى ساعِدٌ لَهُ | بِأسيافِهِمْ وَالمَوْتُ حُمْرٌ دَوَائِرُهْ |
رَأيْتُ النّسَاءَ السّاعِيَاتِ رِمَاحُنَا | مَعاقِلُها، إذْ أسلَمَ الغَوْثَ ناصرُهْ |
إذَا المُضَرَانِ اكْرَمَانِ تَلاقيَا | إلَيكَ فَقدْ أرْبَى على النّاس فاخرُهْ |
إذا خِندِفٌ جاءتْ وَقَيْسٌ إذ التَقتْ | بِرُكْبَانِهَا، حَجٌّ مِلاءٌ مَشَاعِرُهْ |
بحَقّ امْرِىءٍ لا يَبْلُغُ النّاسُ قِبصَهُ | بَنو البَزَرَى من قيس عيلان ناصرُهْ |
إليهِمْ تَناهتْ ذِرْوَةُ المَجدِ وَالحصَى | وَقِبصُ الحصَى إذ حصّل القبص خَابرُهْ |
تَميمٌ وَما ضَمّتْ هَوَازنُ أصْبَحتْ | وَعَظمُهُمَا المُنهاضُ قد شدّ جابرُهْ |
رَأيْتُ هِشاماً سَدّ أبْوَابَ فِتْنَةٍ | بِرَاعٍ كَفَى من خَوْفهِ ما يُحاذِرُهْ |
بمُنتَجِبٍ منْ قَيسِ عَيلانَ صَعّدتْ | يَدَيْهِ، إلى ذاتِ البُرُوجِ، أكَابِرُهْ |
فَمَا أحدٌ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ فاخراً | عَلَيْهِ وَلا مِنْهُمْ كَثِيرٌ يُكَاثِرُهْ |
وَنَامَتْ عُيُونٌ كَانَ سُهِّدَ لَيْلُهَا | وَفَتّحَ بَاباً كُلُّ بَادٍ وَحَاضِرُهْ |
ألَمّا يَنَلْ لي أنْ تَعُودَ قَرَابَةٌ، | وَحِلْمٌ عَلى قَيسٍ رِحابٌ مَصَادرُهْ |
رَفَعتُ سِناني من هَوَازِنَ إذْ دنَتْ | وَأسْلَمَها مِنْ كُلّ رَامٍ مَحاشِرُهْ |
وَحُلّلَتِ الأوْتَارُ إذْ لَمْ يَكُنْ لهَا | نِضالٌ لِرَامٍ دَمّغَتْهَا نَوَاقِرُهْ |
لَقدْ عَلِمتْ عَيلانُ أنّ الذي رَسَتْ | لَئيمٌ وأنّ العَيْرَ قَدْ فُلّ حافِرُهْ |
وَكُلُّ أُنَاسٍ فِيهِمُ مِنْ مُلُوكِنَا | لهُمْ رَبُّ صِدْقٍ والخَلِيفَةُ قاهِرُهْ |
وَإني لَوَثّابٌ إلى المَجْدِ دُونَهُ، | مِن الوَعْثِ أوْ ضِيقِ المكانِ نَهابرُهْ |
وَمِنّا رَسُولُ الله أُرْسِلَ بِالهُدَى، | وَبالحَقّ جَاءَتْ بِاليَقِينِ نَوَادِرُهْ |