لبئست هدايا القافلين أتيتم
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لَبِئْسَتْ هَدَايَا القَافِلينَ أتَيْتُمُ | بهَا أهلَكُمْ يا شرّ جَيْشَينِ عُنصُرَا |
رَجَعتُمْ عَلَيهمْ بالهَوَانِ فأصْبَحوا | على ظهرِ عُرْيانِ السّلائقِ أدْبَرَا |
وَقد كانَ شِيمَ السّيفُ بعد استِلالِهِ | عَلَيهِمْ وَناءَ الغَيثُ فيهمْ فأمطَرَا |
رَدَدْتُمْ عَلَينا الخيلَ وَالتُّرْكُ عندكُم | تَحَدّى طِعاناً بِالأسِنّةِ أحْمَرَا |
إلى مَحِكٍ في الحَرْبِ يأبَى إذا التقتْ | أسِنّتُها بالمَوْتِ، حَتى يُخَيَّرَا |
إذا عَجَمْتْهُ الحَرْبُ يَوْماً أمَرَّهَا | على قُتُرٍ مِنها عَنِ اللّينِ أعْسَرَا |
ولَمّا رَأى الله الّذي قَدْ صَنَعْتُمُ، | وَأنّ ابنَ سَيْبُخْتَ اعتَدى وَتجبّرَا |
وَقارَعْتُمُ في الحَقّ مَن كانَ أهْلُهُ | بِبَاطِلِ سَيْبُختَ الضّلالِ وَذَكّرَا |
رَمَاكُمْ بِمَيْمُونِ النّقِيبَةِ حازِمٍ | إذا لمْ يُقَمْ بِالحَقّ لله نَكّرَا |
أبيَّ المُنى لمْ تَنْتَقِضْ مِرّةٌ بِهِ، | ولَكِنْ إذا مَا أوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرَا |
أخَا غَمَرَاتٍ يَجْعَلُ الله كَعْبَهُ، | هُوَ الظَّفِرُ الأعْلى إذا البأسُ أصْحرَا |
مُعَانٌ عَلى حَقٍ، وَطَالِبُ بَيْعَةٍ | لأفْضَلِ أحْيَاءِ العَشِيرَةِ مَعْشَرَا |
لآلِ أبي العاصي تُرَاثُ مَشُورَةٍ، | لِسُلْطانهِمْ في الحَقّ ألاّ يُغَيَّرَا |
عَجِبتُ لنَوْكَى من نِزَارٍ وَحَيْنِهمْ | رَبِيعَةَ وَالأحزَابِ مِمّنْ تمَضّرَا |
وَمن حَينِ قَحطاني سجستانَ أصْبحوا | على سَيّءٍ من دينِهمْ قَدْ تَغَيّرَا |
وَهُمْ مائَتا ألْفٍ وَلا عَقْلَ فيهِمِ | وَلا رَأيَ من ذي حِيلَةٍ لَوْ تَفَكّرَا |
يَسُوقُونَ حَوّاكاً لِيَسْتَفْتِحُوا بِهِ | على أوْلِيَاءِ الله، مِمّنْ تَخَيّرَا |
على عُصْبَةٍ عُثمانُ منهُمْ، وَمنهُمُ | إمَامٌ جَلا عَنّا الظّلامَ فَأسْفَرَا |
خَليفَةُ مَرْوَانَ الذي اختارَهُ لَنَا | بِعِلْمٍ عَلَيْنا مَنْ أمَاتَ وَأنْشَرَا |
بِهِ عَمَرَ الله المَسَاجِدَ، وَانْتَهَى | عَنِ النّاسِ شَيْطانُ النّفاقِ فأقصرَا |
وَلوْ زَحَفُوا بابْنَيْ شَمامٍ كِلَيهِما | وَبالشُّمّ من سَلمَى إلى سَرْوِ حِميَرَا |
على دينهِمْ وَالهِندُ تُزْجَى فُيُولهُمْ | وَبالرّومِ في أفدانها رُومِ قَيصَرَا |
إلى بَيْعَةِ الله الّتي اخْتَارَ عَبْدَهُ | لهَا ابنَ أبي العاصِي الإمامَ المُؤمَّرَا |
لَفَضّ الذي أعطى النبُوّةَ كَيدَهمْ | بِأكْيَدَ مِمّا كَايَدُوهُ وَأقْدَرَا |
أتَاني بذي بَهْدى أحاديثُ رَاكِبٍ، | بهَا ضَاقَ مِنها صَدْرُهُ حِينَ خَبّرَا |
وَقَائِعُ للحَجّاجِ تَرْمي نِسَاؤهَا | بِأوْلادِ ما قَد كانَ مِنهُنّ مُضْمَرَا |
فَقُلتُ فِدىً أُمّي لَهُ حينَ صَاولَتْ | بهِ الحَرْبُ نَابَيْ رَأسِها حِينَ شمّرَا |
سَقى قائِدَيْها السّمّ حتى تَخاذَلُوا | عَلَيها وَأرْوَى الزّاعِبيَّ المُؤمَّرَا |
سَقَى ابنَ رِزَامٍ طَعْنَةً فَوّزَتْ بهِ | وَمَحْرُوشَهُمْ مَأمُومَةً فَتَقَطّرَا |
وأفلت روّاضُ البغالِ ولم تَدَعْ | لهُ الخيلُ من اخراج زَوْجِيه معشرا |
وَأفْلَتَ دَجّالُ النّفَاقِ، وَمَا نجَا | عَطِيّةُ إلاّ أنّهُ كَانَ أمْهَرَا |
مِنَ الضّفْدَعِ الجارِي عَلى كلّ لُجّةٍ | خَفيفاً إذا لاقَى الأوَاذيَّ أبْتَرَا |
ورَاحَ الرِّياحيّانِ إذْ شَرَعَ القَنَا | مُطَيْرٌ، وَبَرّادٌ، فِرَاراً عَذَوَّرَا |
وَلَوْ لَقِيَا الحَجّاجَ في الخَيْلِ لاقَيا | حِسابَ يَهودِيّينِ مِنْ أهلِ كَسكَرَا |
وَلَوْ لَقيَ الخَيْلَ ابنُ سَعْدٍ لَقَنّعُوا | عِمَامَتَهُ المَيْلاءَ عَضْباً مُذَكَّرَا |
ولَوْ قَدّمَ الخيْلَ ابنُ مُوسَى أمامَهُ | لمَاتَ وَلَكِنّ ابنَ مُوسَى تَأخّرَا |
رَأى طَبَقاً لا يَنْقُضُونَ عُهُودَهُمْ | لهُمْ قائِد قُدّامَهُمْ غَيرُ أعْوَرَا |
وَهِمْيَانُ لَوْ لمْ يَقطَعِ البَحرَ هارِباً | أثارَتْ عَجاجاً حَوْلَهُ الخَيلُ عِثْيَرَا |
وَزَهْرَانُ ألْقَى في دُجَيْلٍ بِنَفْسِهِ | مُنَافِقُهَا إذْ لمْ يَجِدْ مُتَعَبَّرَا |
وَمَا تَرَكَتْ رَأساً لبَكرِ بنِ وَائِلٍ، | وَلا للُكَيزِيّينَ إلاّ مُكَوَّرَا |
وَأفْلَتَ حَوّاكُ اليَمانِينَ بَعْدَمَا | رَأى الخيلَ تَرْدي من كُميتٍ وَأشقرَا |
وَدِدْتُ بِحَنّابَاءَ إذْ أنْتَ مُوكِفٌ | حِمَارَكَ مَحلُوقٌ تَسوقُ بعَفْزَرَا |
تُؤامِرُها في الهِنْدِ أنْ تُلحَقا بِهمْ، | وَبالصِّينِ صِينِ استانَ أوْ تُرْكِ بَغَبَرَا |
رَأيْتُ ابنَ أيّوبٍ قَدِ استَرْعَفَتْ بهِ | لكَ الخَيلُ من خَمسِينَ ألفاً وَأكثَرَا |
على صاعِدٍ أوْ مِثْلِهِ من رِبَاطِهِ، | إذا دارَكَ الرّكْضَ المُغِيرُونَ صَدّرَا |
يُبَادِرُكَ الخَيْلَ الّتي مِنْ أمَامِهِ | ليَشْفيَ مِنْكَ المُؤمِنِينَ، وَيَثْأرَا |
مَحارِمَ للإسلامِ كنتَ انْتَهَكْتَها، | وَمَعْصِيَةً كانَتْ مِنَ القَتلِ أكبَرَا |
دَعَوْا وَدَعَا الحَجّاجُ وَالخيلُ بَينَها | مدى النّيلِ في سامي العَجاجةِ أكدَرَا |
إلى باعِثِ المَوْتَى ليُنزِلَ نَصْرَهُ، | فَأنْزَلَ للحَجّاجِ نَصْراً مُؤزّرَا |
مَلائِكَةً، مَنْ يَجعَلِ الله نَصرَهم | لَهُ يَكُ أعلى في القِتالِ وَأصْبَرَا |
رَأَوْا جِبْرئيل فيهِمُ، إذْ لَقُوهُمُ، | وَأمْثَالَهُ مِنْ ذي جَناحَينِ أظْهَرَا |
فَلَمّا رَأى أهْلُ النّفَاقِ سِلاحَهُمْ | وَسِيمَاهُمُ كَانُوا نَعاماً مُنَفَّرَا |
كَأنّ صَفِيحَ الهِنْدِ فَوْقَ رُؤوسِهم | مَصَابيحُ لَيْلٍ لا يُبالِينَ مِغْفَرَا |
بِأيْدي رِجَالٍ يَمْنَعُ الله دِينَهُمْ، | بِأصْدَقَ من أهْلِ العِرَاقِ وَأصْبَرَا |
كَأنّ على دَيْرِ الجَماجِمِ مِنْهُمُ | حَصَائِدَ أوْ أعْجازَ نَخلٍ تَقَعَّرَا |
تَعَرَّفُ هَمْدَانِيّةٌ سَبَئِيّةٌ، | وَتُكْرِهُ عَيْنَيْها على ما تَنَكّرَا |
رَأتْهُ مع القَتْلى، وَغَيّرَ بَعْلَها | عَلَيْهَا تُرَابٌ في دَمٍ قَدْ تَعفّرَا |
أرَاحُوهُ مِنْ رَأسٍ وَعَيْنَينِ كانَتَا | بَعِيدَينِ طَرْفاً بِالخِيَانَةِ أحْزَرَا |
مِنَ النّاكِثِينَ العَهْدَ مِنْ سَبَئِيّةٍ | وَإمّا زُبَيْرِيٍّ مِنَ الذّئبِ أغْدَرَا |
وَبالخَنْدَقِ البَصْرِيّ قَتْلى تَخالُها | عَلى جَانِبِ الفيْضِ الهَديَّ المُنَحَّرَا |
لَقِيتُمْ مَعَ الحَجّاجِ قَوْماً أعِزّةً، | غِلاظاً على مَن كان في الدِّينِ أجوَرَا |
بِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ أيّدَ الله نَصْرَهُ، | وَسَوّى مِنَ القَتلى الرّكيَّ المُعَوَّرَا |
جُنُوداً دَعَا الحَجّاجُ حِينَ أعَانَهُ | بِهِمْ، إذْ دَعا ربَّ العِبادِ ليَنْصُرَا |
بشَهْبَاءَ لمْ تُشرَبْ نِفَاقاً قُلُوبُهُمْ، | شَآمِيَةٍ تَتْلُو الكِتَابَ المُنَشَّرَا |
بسُفْيَانَ وَالمُسْتَبْصِرِينَ كَأنّهم | جِمَالٌ طَلاها بِالكُحَيْلِ وَقَيَّرَا |
ولَوْ أنّهُمْ إذْ نَافَقُوا كانَ مِنْهُمُ | يَهُودِيُّهُمْ كَانُوا بِذَلِكَ أعذَرَا |
وَلَكِنّمَا اقتَادُوا بحَوّاكِ قَرِيَةٍ، | لَئِيمٍ كَهَامٍ، أنْفُهُ قَد تَقَشّرَا |
مُحَرَّقَةٌ للغَزْلِ أظْفَارُ كَفِّهِ | لِتَدْقِيقِهِ ذَا الطُّرّتَينِ المُحَبَّرَا |
عَشِيّةَ يُلْقُونَ الدّرُوعَ كَأنّهُمْ | جَرَادٌ أطارَتْهُ الدَّبُورُ، فَطَيَّرَا |
وَهمْ قد يرَوْنَ الموْتَ من بينِ مُقعَصٍ | وَمن وَائِبٍ في حَوْمَةِ المَوْتِ أكدرَا |
رَأوْا أنّهُ مَنْ فَرّ من زَحْفِ مِثِلهمْ | يكُنْ حَطَباً للنّارِ فِيمَنْ تَكَبّرَا |