أنا ابن العاصمين بني تميم
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أنَا ابنُ العَاصِمِينَ بَني تَمِيمٍ، | إذا مَا أعْظَمُ الحَدَثَانِ نَابَا |
نَمَا في كُلّ أصْيَدَ دارِمِيٍّ | أغَرَّ تَرَى لِقُبّتِهِ حِجَابَا |
مُلُوكٌ يَبْتَنُونَ تَوَارَثُوهَا | سُرَادِقَهَا المَقَاوِلُ وَالقِبَابَا |
مِنَ المُسْتَأذَنِينَ تَرَى مَعَدّاً | خُشُوعاً خَاضِعِينَ لَهُ الرّقَابَا |
شُيُوخٌ مِنْهُمُ عُدُسُ بنُ زَيْدٍ | وَسُفْيَانُ الّذي وَرَدَ الكُلابَا |
يَقُودُ الخَيْلَ تَرْكَبُ من وَجاها | نَوَاصِيَهَا وَتَغْتَصبُ الرّكَابَا |
تَفَرّعَ في ذُرَى عَوْفِ بنِ كَعْبٍ | وَتَأبَى دارِمٌ لي أنْ أُعَابَا |
وَضَمْرَةُ وَالمُجَبِّرُ كَانَ مِنْهُمْ | وَذو القَوْسِ الذي رَكَزَ الحِرَابَا |
يَرُدّونَ الحُلُومَ إلى جِبَالٍ، | وَإنْ شاغَبْتَهُمْ وَجَدوا شِغابَا |
أُولاكَ وعيْرِ أُمّكَ لَوْ تَرَاهُمْ | بعَيْنِكَ ما استطَعتَ لهمْ خطابَا |
رَأيْتَ مَهابَةً وَأُسُودَ غَابٍ | وَتَاجَ المُلْكِ يَلْتَهِبُ التِهَابَا |
بَنُو شَمْسِ النّهارِ وَكُلّ بَدْرٍ | إذا انْجابَتْ دُجُنّتُهُ انْجِيابَا |
فَكَيْفَ تُكَلّمُ الظَّرْبَى عَليها | فِرَاءُ اللُّؤمِ أرْبَاباً غِضَابَا |
لَنَا قَمَرُ السّمَاءِ عَلى الثّرَيّا، | وَنحَنُ الأكثرُونَ حَصىً وَغَابَا |
وَلَسْتَ بِنَائِلٍ قَمرَ الثّرَيّا | وَلا جَبَلي الذي فَرَعَ الهِضَابَا |
أتَطْلُبُ يَا حِمَارَ بَني كُلَيْبٍ | بَهانَتِكَ اللّهامِيمَ الرِّغَابَا |
وَتَعْدِلُ دارِماً بِبَني كُلَيْبٍ، | وَتَعْدِلُ بالمُفَقِّئَةِ السِّبَابَا |
فَقْبّحَ شَرُّ حَيّيْنَا قَدِيماً، | وَأصْغَرُهُ إذا اغتَرَفُوا ذِنَابَا |
وَلمْ تَرِثِ الفَوَارِسَ مِنْ عُبَيْدٍ | وَلا شَبَثاً وَرِثْتَ وَلا شِهَابَا |
وَطاحَ ابنُ المَرَاغَةِ حينَ مَدّتْ | أعِنّتُنَا إلى الحَسَبِ النِّسَابَا |
وَأسْلَمَهُمْ وَكانَ كَأُمّ حِلْسٍ | أقَرّتْ بَعْدَ نَزْوَتِها، فَغَابَا |
وَلَمّا مُدّ بَينَ بَني كُلَيْبٍ | وَبَيْني غَايةٌ كَرِهُوا النِّصَابَا |
رَأوْا أنّا أحَقُّ بِآلِ سَعْدٍ، | وَأنّ لَنَا الحَناظِلَ والرِّبَابَا |
وأنّ لَنَا بَني عَمْروٍ عَلَيْهِمْ | لَنَا عَدَدٌ مِنَ الأثَرَيْنِ ثَابَا |
ذبابٌ طارَ في لَهَواتِ لَيْثٍ | كَذَاكَ اللَّيْثَ يَلْتَهِمُ الذُبَابَا |
هِزَبْرٌ يَرْفِتُ القَصَرَاتِ رَفْتاً، | أبَى لِعُداتِهِ إلاّ اغْتِصَابَا |
مِنَ اللاّئي إذا أُرْهِبْنَ زَجْراً | دَنَوْنَ وَزَادَهُنّ لَهُ اقْتِرَابَا |
أتَعْدِلُ حَوْمَتي بِبَني كُلَيْبٍ، | إذا بَحرِي رَأيْتَ لَهُ اضْطِرَابَا |
تَرُومُ لِتَرْكَبَ الصُّعَداءَ مِنْهُ، | وَلَوْ لُقْمَانُ سَاوَرَهَا لَهَابَا |
أتَتْ مِنْ فَوْقِهِ الغَمَرَاتُ مِنْهُ | بِمَوْجٍ، كادَ يَجتَفِلُ السّحابَا |
تَقاصَرَتِ الجِبَالُ لَهُ وَطَمّتْ | بِهِ حَوْمَاتُ آخَرُ قَدْ أنَابَا |
بِأيّةِ زَنْمَتَيْكَ تَنَالُ قَوْمي | إذا بَحْرِي رَأيْتَ لَهُ عُبَابَا |
تَرَى أمْوَاجَهُ كَجِبَالِ لُبْنى | وطَوْدِ الخَيْفِ إذْ مَلأ الجَنَابَا |
إذا جَاشَتْ دُرَاهُ بِجُنْحِ لَيْلٍ | حَسِبْتَ عَلَيْهِ حَرّاتٍ وَلابَا |
مُحِيطاً بالجِبَالِ لَهُ ظِلالٌ | مَعَ الجَرْبَاءِ قَدْ بَلغَ الطِّبَابَا |
فَإنّكَ مِنْ هِجَاءِ بَني نُمَيرٍ، | كَأهلِ النّارِ إذْ وَجَدوا العَذَابَا |
رَجَوْا من حَرّها أنْ يَسْتَرِيحُوا، | وقَدْ كانَ الصّديدُ لَهُمْ شَرَابَا |
فَإنْ تَكُ عا... أثْرَتْ وَطابَتْ | فَما أثْرَى أبُوكَ وَمَا أطَابَا |
وَلمْ تَرِثِ الفَوَارِسَ مِنْ نُمَيرٍ، | وَلا كَعْباً وَرِثْتَ وَلا كِلابَا |
وَلَكِنْ قَدْ وَرِثْتَ بَني كُلَيْبٍ | حَظائرَهَا الخَبيثَةَ وَالزِّرَابَا |
وَمَنْ يَختَرْ هَوَازِنَ ثمّ يَخْتَرْ | نُمَيراً يَخْتَرِ الحَسَبَ الُّلبَابَا |
وَيُمْسِكْ مِنْ ذُرَاها بالنّوَاصي | وَخَيرِ فَوَارِسٍ عُلِمُوا نِصَابَا |
هُمُ ضَرَبُوا الصّنَائَع وَاسْتَباحُوا | بمَذِحجَ يَوْمَ ذي كَلَعٍ ضِرَابَا |
وَإنّكَ قَدْ تَرَكْتَ بَني كُلَيْبٍ | لِكُلّ مُناضِلٍ غَرَضاً مُصَابَا |
كُلَيْبٌ دِمْنَةٌ خَبُثَتْ وَقَلّتْ | أبَى الآبي بِهَا إلاّ سِبَابَا |
وَتَحْسِبُ مِنْ مَلائِمِهَا كُلَيْبٌ | عَلَيْها النّاسَ كُلَّهُمُ غِضَابَا |
فَأغْلَقَ مِنْ وَرَاءِ بَني كُلَيْبٍ | عَطِيّةُ مِنْ مَخازِي اللّؤمِ بَابَا |
بِثَدْيِ الّلؤمِ أُرْضِعَ للمَخازِي، | وَأوْرَثَكَ المَلائِمَ حِينَ شَابَا |
وَهَلْ شَيْءٌ يَكُونُ أذَلَّ بَيْتاً | مِنَ اليَرْبُوعِ يَحْتَفِرُ التّرَابَا |
لَقَدْ ترَكَ الهُذَيْلُ لَكُمْ قَديماً | مَخازِيَ لا يَبِتْنَ عَلى إرَابَا |
سَمَا برِجَالِ تَغْلِبَ مِنْ بَعيدٍ | يَقُودُونَ المُسَوَّمَةَ العِرَابَا |
نَزَائِعَ بَينَ حُلاّبٍ وَقَيْدٍ | تُجَاذِبُهُمْ أعِنّتَهَا جِذَابَا |
وَكَانَ إذا أنَاخَ بدارِ قَوْمٍ | أبُو حَسّانَ أوْرَثَهَا خَرَابَا |
فَلَمْ يَبْرَحْ بِهَا حَتى احتَوَاهُمْ | وَحَلّ لَهُ التّرَابُ بهَا وَطَابَا |
عَوَانيَ في بني جُشَمَ بنِ بَكرٍ، | فَقَسّمَهُن إذْ بَلَغَ الإيَابَا |
نِسَاءٌ كُنّ يَوْمَ إرَابَ خَلّتْ | بَعولَتَهُنّ تَبْتَدِرُ الشِّعَابَا |
خُوَاقُ حِياضِهِنّ يَسِيلُ سَيْلاً | على الأعقابِ تَحْسِبُهُ خِضَابَا |
مَدَدْنَ إلَيْهِمُ بِثُدِيّ آمٍ | وَأيْدٍ قَدْ وَرِثْنَ بِهَا حِلابَا |
يُنَاطِحْنَ الأوَاخِرَ مُرْدَفَاتٍ، | وَتَسْمَعُ مِنْ أسَافِلِهَا ضِغابَا |
لَبِئْسَ اللاّحِقُونَ غَداةَ تُدعَى | نِسَاءُ الحَيّ تَرْتَدِفُ الرّكَابَا |
وَأنْتُمْ تَنْظُرُونَ إلى المَطَايَا | تَشِلُّ بِهِنّ أعْرَاءً سِغَابَا |
فَلَوْ كانَتْ رِمَاحُكُمُ طِوالاً | لَغِرْتُمُ حِينَ ألْقَيْنَ الثّيَابَا |
يَئِسْنَ مِنَ اللَّحَاقِ بِهنّ مِنكُم | وَقَدْ قَطَعُوا بهِنَّ لوىً حدابَا |
فَكَمْ مِنْ خَائِفٍ لي لمْ أضِرْهُ، | وَآخَرَ قَدْ قَذَفْتُ لَهُ شِهَابَا |
وَغُرٍّ قَدْ نَسَقْتُ مُشَهَّرَاتٍ، | طَوَالِعَ لا تُطِيقُ لهَا جَوَابَا |
بَلَغْنَ الشّمسَ حيثُ تكون شرْقاً، | وَمَسْقطَ قَرْنِها من حَيثُ غَابَا |
بِكِلّ ثَنِيّةٍ وَبِكُلّ ثَغْرٍ | غَرَائبُهُنّ تَنْتَسِبُ انْتِسَابَا |
وَخالي بِالنَّقَا تَرَكَ ابنَ لَيْلى | أبَا الصَّهْباءِ مُحْتَفِزاً لِهَابَا |
كَفَاهُ التَّبْلَ تَبْلَ بَني تَمِيمٍ | وَأجْزرَهُ الثّعَالِبَ وَالذّئَابَا |