رأيت بني مروان يرفع ملكهم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ يَرْفَعُ مُلْكَهُمْ | مُلُوكٌ شَبابٌ، كالأسُودِ، وَشِيبُها |
بِهِمْ جَمَعَ الله الصّلاةَ فَأصْبَحَتْ | قد اجتَمَعتْ بعدَ اختلافٍ شُعوبُها |
وَمَنْ وَرِثَ العُودَينِ وَالخاتَمَ الّذي | لَهُ المُلكُ وَالأرْضُ الفَضَاءُ رَحيبُها |
وكانَ لَهُمْ حَبلٌ قَدِ استكرَبوا بِهِ | عَرَاقيَ دَلْوٍ كانَ فاضَ ذَنُوبُها |
على الأرْضِ من يَنهَزْ بها من ملوكِهمْ | يَفِضْ كالفَراتِ الجَوْنِ عفواً قليبُها |
تُرَدّدُني بَينَ المَدِينَةِ وَالّتي | إلَيْها قُلُوبُ النّاسِ يَهْوِي مُنيبُها |
هي القَرْيَةُ الأولى التي كُلُّ قَرْيَةٍ | لهَا وَلَدٌ يَنْمي إلَيْها مُجيبُها |
هُدُوءاً رِكابي لا تَزَالُ نَجيبَة، | إلى رَجُلٍ مُلْقىً، تَحِنّ سُلُوبُها |
وَلمْ يَلْقَ ما لاقَيْتَ إلاّ صَحَابَتي، | وَإلاّ رِكَابٌ لا يُرَاحُ لُغُوبُها |
أتَتْكَ بِقَوْمٍ لمْ يَدَعْ سَارِحاً لَهُمْ | تَتابُعُ أعْوامٍ ألَحّتْ جُدُوبُها |
وَخَوْقَاءِ أرْضٍ مِنْ بَعيِدٍ رَمَتْ بنا | إليكَ مع الصُّهبِ المهارِي سُهُوبُها |
بِمْتّخذينَ اللّيْلَ فَوْقَ رِحَالِهمْ | بها جَبَلاً قَد كانَ مَشْياً خَبيبُها |
إلَيْكَ بِأنْضَاءٍ عَلى كُلّ نِضْوَةٍ | نَجيبَتُها قَدْ أُدْرِجَتْ وَنَجيبُها |
رأيتُ عُرَى الأحقابِ والغُرَضَ التقتْ | إلى فُلْفُلِ الأَطْبَاءِ مِنها دُؤوبُها |
كَأنّ الخَلايَا فَوْقَ كُلّ ضَرِيرَةٍ | تُخَطِّمُهُ في دَوْسَرِ المَاءِ نِيبُها |
أقُولُ لأصْحَابي وَقَدْ صَدقَتْهُمُ، | مِنَ الأنْفُسِ اللاتي جَزِعن كَذوبُها |
عَسَى بيَدَيْ خَيرِ البَرِيّةِ تَنْجَلي | مِنَ الَّلزَبَاتِ الغُبْرِ عَنّا خُطوبُها |
إذا ذُكّرَتْ نفسي ابنَ مرْوَان صَاحبي | ومَرْوَانَ فاضَتْ ماءَ عَيني غُرُوبُها |
هُمَا مَنَعاني، إذْ فَرَرْتُ إلَيْهِمَا، | كَما مَنَعَتْ أرْوَى الهِضَابِ لُهُوبُها |
فما رِمْتُ حتى ماتَ مَنْ كنتُ خائفاً، | وَطُومن مِن نفسِ الفَرُوقِ وَجيبُها |
وَهَلْ دَعْوَتي من بَعد مرْوَانَ وَابْنِهِ | لَها أحَدٌ، إذْ فَارَقَاها، يُجِيبُها |
وَكُنتُ إذا ما خِفْتُ أوْ كُنتُ رَاغِباً | كَفاني مِنْ أيْديهِما لي رَغِيبُها |
بِأخْلاقِ أيْدِي المُطْعَمِينَ إذا الصبَّا | تَصَبّبَ قُرّاً غَيرَ مَاءٍ صَبِيبُها |
رَأيْتُ بَني مَرْوَانَ إذْ شُقّتِ العَصَا | وَهَرّ مِنَ الحَرْبِ العَوَانِ كَليبُها |
شَفَوْا ثائرَ المَظلومِ وَاستَمسكَتْ بِهم | أكُفُّ رِجالٍ رُدّ قَسْراً شَغُوبُها |
وَرِثْتَ، إلى أخلاقِهِ، عَاجِلَ القِرَى، | وَضَرْبَ عَرَاقيبِ المتالي شَبُوبُها |
رَأيْتَ بَني مَرْوَانَ ثَبّتَ مُلْكَهُمْ | مَشُورَةُ حَقٍّ كانَ مِنْها قَرِيبُها |
جَزى الله خَيراً مِنْ خَليفَةِ أُمّةٍ، | إذا الرّيحُ هَبّتْ بَعد نَوْءٍ جَنوبُها |
كَفَى أُمّةَ الأمّيّ كُلَّ مُلِحّةٍ | منَ الدّهرِ مَحذورٍ عَلَينا شَصِيبُها |
عَستْ هَذِه الَّلأْواءُ تَطْرُدُ كَرْبَها | عَلَيْنَا سَماءٌ مِنْ هِشَامٍ تُصيبُهاَ |
كَما كانَ أرْوَى إذْ أتَاهُمْ بِأهْلِهِ | حُطَيئَةُ عَبْسٍ من قُرَيْعٍ ذَنُوبُها |
فهَبْ لي سَجلاً من سجالك يُرْوِني | وَأهْلي إذا الأوْرَادُ طالَ لُؤوبُها |
وكَمْ أنعَمْتْ كَفّا هِشامٍ على امرِىءٍ | لَهُ نِعْمَة خَضْرَاء ما يَسْتَثيبُها |