زارت سكينة أطلاحا أناخ بهم
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
زَارَتْ سُكَيْنَةُ أطْلاحاً أناخَ بهِمْ | شَفَاعةُ النّوْمِ للعَيْنَينِ وَالسّهَرُ |
كَأنّمَا مُوّتوا بالأمسِ إذْ وَقَعُوا، | وَقَدْ بَدَتْ جُدَدٌ ألوَانُهَا شُهُرُ |
وَقد يَهيجُ على الشّوْقِ، الّذي بَعَثَتْ | أقْرَانُهُ، لائِحَاتُ البَرْقِ وَالذِّكَرُ |
وَسَاقَنا مِنْ قَساً يُزْجي رَكائِبَنَا | إلَيكَ مُنتَجِعُ الحاجاتِ وَالقَدَرُ |
وَجَائِحاتٌ ثَلاثٌ مَا تَرَكْنَ لَنَا | مالاً بهِ بَعْدَهُنّ الغَيْثُ يُنْتَظَرُ |
ثِنتانِ لمْ تَتْرُكَا لَحماً، وَحاطِمَةٌ | بالعظمِ حَمرَاءُ حتى اجتيحت الغُرَرُ |
فَقُلْتُ: كيفَ بأهلي حينَ عَضّ بهِمْ | عَامٌ لَهُ كُلُّ مَالٍ مُعَنِق جَزَرُ |
عَامٌ أتَى قَبْلَهُ عَامَانِ مَا تَرَكَا | مَالاً وَلا بَلّ عُوداً فِيهِما مَطَرُ |
تَقُولُ لَمّا رَأتْني، وَهْيَ طَيّبَةٌ | على الفِرَاشِ وَمِنِا الدّلُّ والخَفَرُ |
كَأنّني طَالِبٌ قَوْماً بِجَائحَةٍ، | كَضَرْبَةِ الفَتْكِ لا تُبقي وَلا تَذَرُ: |
أصْدِرْ هُمومَكَ لا يقْتُلْكَ وَارِدُهَا، | فكُلُّ وَارِدَةٍ يَوْماً لَهَا صَدَرُ |
لَمّا تَفَرّقَ بي هَمّي جَمَعْتُ لَهُ | صَرِيمَةً لمْ يَكُنْ في عَزْمها خَوَرُ |
فَقُلْتُ: ما هُوَ إلاّ الشّأمُ تَرْكَبُهُ، | كَأنّمَا المَوْتُ في أجْنَادِهِ البَغَرُ |
أو أنْ تَزُورَ تَمِيماً في مَنَازِلِهَا، | بِمَرْوَ، وَهيَ مَخوفٌ، دُونَها الغَرَرُ |
أوْ تَعطِفَ العِيسَ صُعراً في أزِمّتِها | إلى ابنِ لَيلى إذا ابزَوْزى بكَ السّفرُ |
فَعُجْتُهَا قِبَلَ الأخْيَارِ مَنْزِلَةً، | وَالطّيّبي كُلِّ مَا التاثَتْ بهِ الأُزُرُ |
قَرّبْتُ مُحلِفَةً أقْحَاد أسْنُمِهَا، | وَهُنّ مِنْ نَعَمِ ابْنَيْ دَاعِرٍ سِرَرُ |
مِثْلُ النّعَائِمِ يُزْجِينَا تَنَقُّلَهَا | إلى ابنِ لَيلى بِنَا، التّهْجيرُ وَالبُكَرُ |
خَوصاً حَرَاجيجَ ما تَدري أما نَقِبَتْ | أشكَي إلَيها إذا رَاحَتْ أمِ الدَّبَرُ |
إذا تَرَوّحَ عَنها البَرْدُ حُلّ بِهَا | حَيْثُ التَقَى بَأعالي الأسهُبِ العَكَرُ |
بحَيثُ ماتَ هَجيرُ الحَمضِ وَاختلطتْ | لَصَافِ حَوْلَ صَدى حَسَانَ وَالحفرُ |
إذا رَجا الرّكْبُ تَعرِيساً ذكرْتُ لَهُمْ | غَيْثاً يَكونُ على الأيْدي له دِرَرُ |
وَكَيْفَ تَرْجونَ تَغميضاً وَأهْلُكُمُ | بحيثُ تَلْحَسُ عَنْ أوْلادِها البَقَرُ |
مَلْقوْنَ باللَّبَبِ الأقْصَى، مُقابِلُهمْ | عِطْفاً قَساً، وَبِرَاقٌ سَهلَةٌ عُفَرُ |
وأقرَبُ الرّيفِ منهمْ سَيرُ مُنجَذِبٍ | بالقَوْمِ سَبْعَ لَيَالٍ رِيفُهُمْ هَجَرُ |
سِيرُوا فإنّ ابنَ لَيلى مِنْ أمامِكُمُ، | وَبَادِرُوهُ فَإنّ العُرْفَ مُبْتَدَرُ |
وَبَادِرُوا بابنِ لَيلى المَوْتَ، إنّ لَهُ | كَفّينِ مَا فِيهِمَا بُخْلٌ وَلا حَصَرُ |
ألَيْسَ مَرْوَانُ وَالفارُوقُ قَدْ رَفَعَا | كَفّيْهِ، وَالعُودُ ماءَ العِرْقِ يَعتصِرُ |
ما اهتَزّ عُودٌ لَهُ عِرْقانِ مِثْلُهُما، | إذا تَرَوّحَ في جُرْثُومِهِ الشّجَرُ |
ألفَيْتَ قَوْمَكَ لمْ يَترُكْ لأثْلَتِهِمْ | ظِلٌّ وَعَنْهَا لِحَاءُ السّاقِ يُقتَشَرُ |
فَأعْقَبَ الله ظِلاًّ فَوْقَهُ وَرَقٌ، | مِنْهَا بِكَفّيْكَ فيه الرّيشُ وَالثّمَرُ |
وَمَا أُعِيدَ لَهُمْ حَتى أتَيْتَهُمُ، | أزْمانَ مَرْوَانَ إذْ في وَحْشِا غِرَرُ |
فَأصْبَحُوا قَدْ أعَادَ الله نِعمَتَهُمْ | إذْ هُمْ قُرَيشٌ وَإذْ مَا مثلهمْ بشَرُ |
وَهُمْ إذا حَلَفُوا بالله مُقْسِمُهُمْ | يَقُولُ: لا وَالذي مِنْ فَضْلهِ عُمَرُ |
على قُرَيشٍ إذا احتَلّتْ وَعَضّ بهَا | دَهْرٌ، وَأنْيَابُ أيّامٍ لَهَا أثَرُ |
وَمَا أصَابَتْ مِنَ الأيّامِ جَائِحَةٌ | للأصْلِ إلاّ وَإنْ جَلّتْ سَتُجتَبَرُ |
وَقد حُمِدتَ بأخلاقٍ خُبِرْتَ بِهَا، | وَإنّمَا، يا ابن لَيلى، يُحمَدُ الخَبَرُ |
سَخاوَةٌ من نَدى مَرْوَانَ أعْرِفُهَا، | وَالطّعْنُ للخَيْلِ في أكتافها زَوَرُ |
وَنَائِلٌ لابنِ لَيْلى لَوْ تَضَمّنَهُ | سَيْلُ الفُرَاتِ لأمْسَى وَهوَ مُحتَقَرُ |
وكان آلُ أبي العاصي إذا غَضِبُوا، | لا يَنْقُضُونَ إذا مَا استُحصِدَ المِرَرُ |
يَأبَى لهُمْ طُولُ أيْديهِمْ وَأنّ لهُمْ | مَجْدَ الرِّهَانِ إذا ما أُعظِمَ الخَطَرُ |
إنْ عاقَبُوا فالمَنايا مِنْ عُقُوبَتِهِمْ، | وَإنْ عَفَوْا فَذوْو الأحلامِ إنْ قَدرُوا |
لا يَستَثِيبُونَ نُعماهُمْ إذا سَلَفَتْ، | وَلَيْسَ في فَضْلِهِمْ مَنٌّ ولا كَدَرُ |
كَمْ فَرّقَ الله مِنْ كَيْدٍ وَجَمّعَهُ | بِهمْ، وَأطْفَأ مِنْ نَارٍ لهَا شَرَرُ |
وَلَنْ يَزَالَ إمَامٌ مِنهُمُ مَلِكٌ، | إلَيْهِ يَشُخَصُ فَوْقَ المِنبَرِ البَصَرُ |