توهم ليلى وأظعانها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَوَهَّمَ لَيْلَى وأظعَانَهَا، | ظِبَاءَ الصّرِيمِ، وَغِزْلاَنَهَا |
بَرَزْنَ عَشِيّاً، فقُلْتُ استَعَرْ | نَ كُثْبَ السَّرَاةِ، وَقُضْبَانَهَا |
وأسْرَيْنَ لَيْلاً، فخِلْنَا بهِـ | ـنّ مَثنى النّجومِ ووُحْدانَهَا |
صَوادِفُ، جَدّدنَ، بعدَ الهَوى، | مِطَالَ الدّيُونِ وَلِيّانَها |
جَحَدْنَ جَديدَ الهَوَى، بعدَما | عَرَفْنَ الصّبَابَةَ، عِرْفَانَهَا |
وَكنتُ أمرَأً لم أزَلْ تابِعاً | وِصَالَ الغَواني، وَهِجْرَانَها |
أُحِبُّ، عَلى كلّ ما حَالَةٍ، | إسَاءَةَ لَيْلَى، وإحْسَانَهَا |
أرَاكِ، وإنْ كنتِ ظَلاّمَةً، | صَفِيّةَ نَفْسِي، وخُلْصََانَهَا |
ويُعْجِبُني فِيكِ أَنْ أَسْتَدِيمَ | صَبَابَاتِ نَفْسِي وأَشْجَانَها |
وَمَا سَرّني أنّ قَلبي أُعِيرَ | عَزَاءَ القُلُوبِ وَسُلْوَانَهَا |
سرَى البَرْقُ يَلمَعُ في مُزْنَةٍ، | تَمُدُّ إلى الأرْضِ أشْطَانَها |
فَلا تَسألَنْ باستِواءِ الزّمانِ، | وَقد وافتِ الشّمسُ مِيزَانَها |
شَبيبَةَ لَهْوٍ تَلَقّيْتَهَا، | فَسَايَرْتَ بالرّاحِ رَيْعانَهَا |
وَلاَ أرْيَحيّةَ، حتّى تُرَى | طَرُوبَ العَشِيّاتِ، نَشْوَانَهَا |
وَلَيْسَتْ مُداماً، إذا أنتَ لمْ | تُوَاصِلْ مَعَ الشَّرْبِ إدْمَانَهَا |
وكَمْ بالجَزِيرَةِ مِنْ رَوْضَةٍ، | تُضَاحِكُ دِجْلَةَ ثُغْبَانَهَا |
تُرِيكَ البَواقِيتَ مَنْثُورَةً، | وَقَدْ جَلّلَ النَّوْرُ ظُهْرَانَهَا |
غَرَائبُ تَخطَفُ لحظَ العُيونِ، | إذا جَلّتِ الشّمْسُ ألْوَانَهَا |
إذا غَرّدَ الطّيرُ فيها، ثَنَتْ | إلَيْكَ الأَغانيُّ ألْحَانَها |
تَسِيرُ العَمَارَاتُ أيْسَارَهَا، | وَيَعْتَرِضُ القَصْرُ أيْمَانَهَا |
وَتَحْمِلُ دِجلَةَ حملَ الجَمُوحِ، | حَتّى تُنَاطِحَ أرْكَانَهَا |
كأنّ العَذَارَى تَمَشّى بِهَا، | إذا هَزّتِ الرّيحُ أفْنَانَهَا |
تُعَانقُ للقُرْبِ شَجْرَاؤهَا | عِنَاقَ الأحِبّةِ أسْكَانَهَا |
فَطَوْراً تُقَوِّمُ مِنْهَا الصَّبَا، | وَطَوْراً تُمَيِّلُ أغْصَانَهَا |
جَنُوحٌ، تُنَقّلُ أفْيَاءَهَا، | كَمَا جَرّتِ الخَيْلُ أرْسَانَهَا |
رِبَاعُ أخي كَرَمٍ مُغْرَمٍ | بأنْ يَصِلَ الدّهْرُ غِشْيَانَهَا |
ألُوفُ الدّيَارِ، فإنْ أجمَعَ التّرَحّـ | ـلُ حَرّمَ إيطَانَهَا |
إذا هَمّ لمْ يَختَلجْ عَزْمَهُ | مَقَاصِيرُ يَعْتَادُ إكْنَانَهَا |
مُطِلٌّ عَلى بَغَتَاتِ الأُمُورِ، | عَبَا للمُلِمّاتِ أقْرَانَهَا |
تُعِدُّ المُوَالي لَهُ نَصْرَهَا، | وَتُولي المُعَادِينَ خِذْلاَنَهَا |
وَتَحتَاطُ مِنْ شَفَقٍ حوْلَهُ، | كَمَا حَاطَتِ العَينُ إنْسَانَهَا |
نقيُّ السّرابيلِ قد أوضحتْ | طريقَتُهُ القَصْدُ بُرهَانَهَا |
تَوَلُّى الأُمُورَ فَمَا أخْفَرَ الـ | ـأمَانَةَ فيها، وَلاَ خَانَهَا |
يَبِيتُ عَلَى الفَيْءِ مِنْ عِفَّةٍ | رَهِيفَ الجَوَانِحِ طَيَّانَها |
إذا فُرَصُ المَجْدِ عَنّتْ لَهُ، | تَغَنّمَ بالحَزْمِ إمْكَانَهَا |
وَذي هِمّةٍ، قلتُ: لا تَلتَمِسْ | عُلاهُ لِتَبْلُغَ أعْنَانَهَا |
وَخَلِّ الجِبَالَ، فَلاَ قُدْسَهَا | أطَقْتَ ولا اسطَعْتَ ثَهلانَها |
مَوَارِيثُ مِنْ شَرَفٍ لم يُضِعْ | بِنَاهَا، وَلَمع يَطّرِحْ شَانَهَا |
إذا انْتَحَلَ القَوْمُ أسمَاءَها، | وَجَدْنَاهُ مُلّكَ أعْيَانَهَا |
سَتُثْني بآلائِكَ الصّالِحا | تِ مَدائحُ أسلَفْتَ أثْمَانَهَا |
على اليُمْنِ يَسّرْتَ، لليَعْمَلا | تِ، عُرَاهَا وللخَيلِ فُرْسانَهَا |
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أطرُقَنّ | قُصُورَ البَليخِ، وأفْدانَهَا |
وَهَلْ أرَيَنّ عَلى حَاجَةٍ | صَوَامِعَ زَكَّى، وَرُهْبَانَهَا |
وَهَلْ أطْلُعَنّ على الرَّقّتَينِ | بخَيْلٍ أُخَايِلُ سَرْعَانَهَا |
مَشُوقٌ تَذَكّرَ أُلاّفَهُ، | وَنَفْسٌ تَتَبّعُ أوْطَانَهَا |