لأية حال أعلن الوجد كاتمه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لأَيَّةِ حالٍ أَعْلَنَ الوَجْدَ كاتِمُهْ، | وَأقْصَرَ، عَنْ داعي الصَّبَابَةِ، لائِمُهْ |
تَوَلّى سَحابُ الجُودِ تَرْقَا سُجُومُه، | وَجادَ سَحابُ الدّمعِ تَدمى سوَاجِمُهْ |
أرَى خَصْمَنا يا وَهْبُ أصْبحَ حاكماً | علَينا، فَما نَدرِي إلى مَن نُحاكمُهْ |
إذا طِبْتُ نَفساً بالسّلامَةِ، رَدّني | إلى الحُزْنِ دَهرٌ لَيسَ يَسلَمُ سالمُهْ |
مُعَافَاتُهُ طَوْراً، وَطَوْراً بَلاؤهُ، | كَمَا بَرْدُهُ مَرًّا، وَمَرّاً سَمَائِمُهْ |
وَما صِرْتُ حَرْبَ الدّهرِ حتّى أضَاءَ لي | تَحَامُلُهُ الأوْفَى على مَنْ يُسالمُهْ |
أيا ناشِدَ الإحْسانِ أقَوَتْ نُجُودُهُ، | وَيا ناشِدَ الإسْلامِ أقْوَتْ تَهَائِمُهْ |
وَيا ناعيَ المَعرُوفِ أسمَعتَ طَالِباً، | فأكدَى، وَمَطلُوباً، فأسلَمَ جارِمُهْ |
رُزِئْنَا النّدَى الرَّبْعيَّ، حينَ تَهَلّلتْ | بَوَارِقُهُ، وَجَادَنَا مُتَرَاكِمُهْ |
خَليجٌ منَ البَحرِ انبرَى، فانبرَى لَهُ | قَضَاءٌ أبَى أنْ تَستَبِلّ حَوَائِمُهْ |
وَغُصْنُ رَسُولِ الله دَوْحَتُهُ التي | لها حُسنُهُ لوْ دامَ في الأرْضِ دائِمُهْ |
وَما يَوْمُهُ يَوْمٌ، وَلَكِنْ مَنيّةٌ، | تَوَافَى حَديثُ الدّهرِ فيها وَقادِمُهْ |
فلَمْ تَستَطِعْ دَفعَ المَنُونِ حُماتُهُ، | وَلمْ تَستَطِعْ دَفعَ الحِمَامِ تَمَائِمُهْ |
لَهَانَ عَلَيْهِ المَوْتُ لوْ كانَ عسكرَاً | يُلاقيهِ، أوْ خَصْماً ألَدّ يُخَاصِمُهْ |
فَعَادَ النّهَارُ الجَوْنُ جَوْناً، كأنّما | تَجَلّلَهُ مِنْ مُصْمَتِ اللّيلِ فاحمُهْ |
مُصَابٌ كأنّ الجَوّ يُعنَى بِبَعْضِهِ، | فَمَا يَنجَلي في نَاظِرِ العَينِ قائِمُهْ |
وَثُكْلٌ، لوَ أنّ الشّمسَ تُمنى بحرّه | لأحْرَقَها في جانبِ الأُفقِ جاحِمُهْ |
وَدَمعٌ، متى أسكُبْهُ لا أخشَ لائِماً، | وَلَوْ أنّني مِمّا تَفيضُ هَزَائِمُهْ |
وَقَبرٌ حَمَاهُ الجُودُ أنْ تَنسجَ الصَّبَا | عَلَيهِ، وَأنْ تَعفُو عَلَيْها مَعالمُهْ |
سَقَتْهُ يَدَا ثاوِيهِ، حتى تَوَاصَلَتْ | بِنُوّارِها كُثْبَانُهُ وَصَرَائِمُهْ |
كَذَبْنَاهُ لمْ نَجزَعْ عَلَيْهِ، وَلم تقُم | مَآتِمُنَا لَمّا أُقِيمَتْ مَآتِمُهْ |
عَجبتُ لأيْدٍ أجدَرَتْهُ، فلَم تَقُمْ | رَمائِمُ في حَيثُ استَقَرّتْ رَمائِمُهْ |
أما وَأبي النّعشُ الخَفيفُ لقَد حوَتْ | مَآخيرُهُ ثِقْلَ العُلاَ، وَمَقَادِمُهْ |
بَنى صَالحٌ سُوراً على آلِ صَالحٍ، | تَحَيّفَ مِنْ عِزّ الخِلافَةِ هَادِمُهْ |
لَئِنْ بَانَ مِنّا جُودُهُ وَسَمَاحُهُ، | لَقَدْ بَانَ مِنْهُمْ مَجدُهُ وَمَكَارِمُهْ |
أبَا حَسَنٍ، وَالصّبرُ مَنكِبُ مَن غدا | على سَنَنٍ، وَالحَادِثاتُ تُزَاحِمُهْ |
وَلَوْلا التّقَى لمْ يَرْدُدِ الدّمْعَ رَبُّهُ، | وَلَوْلا الحِجَى لم يكظُمِ الغَيظَ كاظمُهْ |
تَعَزَّ، فإنّ السّيفَ يَمضِي، وَإنْ وَهتْ | حَمَائِلُهُ عِنْهُ وَخِلاّهُ قائِمُهْ |
هُوَ الدّهْرُ يَستَدعي الفَنَاءَ بَقَاؤهُ | عَلَينا، وَتَأتي بالعَظيمِ عَظائِمُهْ |
تَعَثّرَ في عادٍ، وَكانَ طَرِيقُهُ | على لُبَدٍ، إذْ لمْ تُطِعْهُ قَوَادِمُهْ |
وَغَادَرَ إيوَانَ المَدائِنِ غَدْرُهُ | بكِسرَى بنِ ساسانٍ، ترِنُّ حَمائمُهْ |
وَمِنْ إرْثِكُمْ أعطَتْ صَفيّةُ مُصْعَباً | جَميلَ الأسَى لمّا استُحلّتْ مَحارِمُهْ |
وَثُكلُ ابنِهِ مُوفٍ على ثُكلِ نَفسِهِ، | فَما كانَ إلاّ صَبرُهُ وَعَزَائِمُهْ |
وَعُرْوَةُ، إذْ لا رِجْلُهُ انصَرَفَتْ به | وَقَدْ خَرَمَتْ عَنهُ بنيهِ خَوَارِمُهْ |
بكَى أقرَبوهُ شَجوَهُ، وَهوَ ضَاحكٌ | يَعِزِّيِهِمْ، حتّى تَحَيّرَ ذائِمُهْ |
وَمَنْ جَهِلَ الأمْرَ الذي هُوَ غَايَةٌ | لِمَبْدَائِنَا هَذا، فإنّكَ عَالِمُهْ |
وَيَظْلِمُكَ المَوْتُ الغَشومُ فترْتدِِي | بعزّ الأسَى، حتّى كأنّكَ ظالِمُهْ |
كَبيرٌ لدَي الزُّرْءِ الكَبيرِ، وَإنّمَا | على قَدْرِ جِرْمِ الفيلِ تُبنَى قَوَائمُهْ |
إذا شئتَ أنْ تَستَصْغرَ الخَطبَ فالتفتْ | إلى سَلَفٍ بالقَاعِ، أُهْمِلَ نَائِمُهْ |
وَفيهِ النّبيُّ المُصْطَفَى، وَعَلِيُّهُ، | وَعَبّاسُهُ، وَجَعْفَرَاهُ، وَقاسِمُهْ |
وَإنْ يَكُ أضْحَى للمَنيّةِ هَاشِمٌ، | فأُسْوَتُهُ فيها، وَفي المَجدِ هاشِمُهْ |