حبيب سرى في خفية وعلى ذعر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
حَبيبٌ سرَى في خِفيَةٍ، وعَلى ذُعْرٍ، | يَجُوبُ الدّجَى حتّى التَقَينا على قَدْرِ |
تَشَكّكتُ فيهِ مِنْ سُرُورٍ، وَخِلْتُهُ | خَيالاً أتَى في النّوْمِ من طَيْفِهِ يَسرِي |
وأفرَطْتُ مِنْ وَجْدٍ بهِ، فدَرَى بِنا | على سَاعَةِ اللهجرانِ مَن لم يَكُنْ يدرِي |
وَمَا الحُبُّ ما وَرّيتَ عَنهُ تَسَتُّراً، | وَلَكِنّهُ ما مِلْتَ فيهِ إلى الَجهْرِ |
أتىَ مستَجيراً بي مِنَ البَينِ تائِباً | إليّ منَ الصّدّ الذي كانَ في الهَجرِ |
فَلَمْ يَستَطعْ قَلبي امتِنَاعاً منَ الهَوَى، | وَلَمْ تَستَطِعْ نَفْسِي سَبِيلاً إلى الصّبْرِ |
سَقَانِي بكأسَيْهِ وَعَيْنَيْهِ قَادِراً | بألحَاظِهِ، دونَ المُدَامِ، على سُكرِي |
وأقْسَمَ لي ألا يَخُونَ مَوَدّتي، | وإنْ أسرَفَ الوَاشِي، وَكَثّرَ ذو الغُمرِ |
وَلَم أنْسَناهُ، عِندَ التّلاقي، وَضَمَّنَا | سَوَالِفَ نَحْرٍ، مِنْ مَشُوقٍ، إلى نحرِ |
وَتَكْرَارَنَا ذاكَ العِنَاقَ، إذا انْقَضَتْ | لَنَا عَبْرَةٌ عادَتْ لَنَا عَبْرَةٌ تَجرِي |
أحاديثُ شَكوَى مِنْ مُحبَّينِ لا تَني | تُعِلُّ فُؤاداً بالصّبابَةِ، أو تُبرِي |
تَعَجّبْتُ مِنْ فِرْعَوْنَ إذْ ظَنّ أنّهُ | إلَهٌ، لأنّ النِّيلَ مِنْ تَحْتِهِ يَجْرِي |
وَلَوْ شاهَدَ الدّنْيا وَجامِعَ مُلْكِهَا | لَقَلّ لَدَيْهِ ما يُكَثَّرُ مِنْ مِصْرِ |
وَلَوْ بَصُرَتْ عَيْنَاهُ بالزّوّ لازْدَرَى | حَقِيرَ الذي نَالَتْ يَداهُ مِنَ الأمْرِ |
إذاً لَرَأى قَصْراً على ظَهْرِ لُجّةٍ، | يَرُوحُ وَيَغدُو فَوْقَ أمواجِها يَجرِي |
تُصَادُ الوُحُوشُ في حِفَافِي طَرِيقِهِ، | وَتُسْتَنزَلُ الطّيرُ العَوَالي عَلى قَسْرِ |
وَلَمْ أرَ كالمُعْتَزّ، إذْ رَاحَ مُوفياً | عَلَيْهِ بوَجْهٍ لاحَ في الرّوْنَقِ النّضْرِ |
مَلِيّاً، بِأنْ يَجْلُو الظّلامَ بغُرّةٍ، | تَخَاضَعُ إكْباراً لهَا غُرّةُ الفَجْرِ |
إذا اهتَزّ غب الأرْيَحِيّةِ والنّدَى، | وأسْفَرَ في ضَوْءِ الطّلاَقَةِ والبِشْرِ |
وَقَابَلَهُ بَدْرُ السّمَاءِ بوجهِهِ، | فَبَدْرٌ عَلى بَدْرٍ، وَبَحرٌ على بَحرِ |
رأيتُ بَهَاءَ المُلْكِ مُجْتَمِعاً لَهُ، | وَديبَاجَةَ الدّنْيَا، وَمَكْرُمَةَ الدّهرِ |
وَخِرْقٌ مَتَى امتَدّتْ يَداهُ بِنَائِلٍ، | فَمَا النَّيلُ منهُ بالزّهِيدِ، وَلا النّزْرِ |
مَوَاهِبُ مَكّنّ الفَقِيرَ مِنَ الغِنَى | مِرَاراً، وأعدَينَ المُقِلّ على المُثْرِي |
بَقيتَ، أميرَ المُؤمِنينَ، فإنّما | بَقاؤكَ يُسْرُ النّاسِ شَرّدَ بالعُسْرِ |
سأُجْهِدُ في شُكْرٍ لنُعْمَاكَ، إنّني | أرَى الكُفْرَ للنَّعماءِ ضَرْباً من الكُفْرِ |