كفي الملامة أو دومي على العذل
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كُفِّي المَلاَمَةَ أَو دُومِي عَلَى العَذَلِ | ما اللَّوْمُ أَكْثَرُ هِمَّاتي ولا شُغُلِي |
لَوْ ذُقْتِ مَا ذُقْتُهُ مِنْ حَرِّ بَيْنِهِمُ | لَكُنْتِ فِي شُغُلٍ عنِّي وعَنْ عَذَلِي |
هذِي دِيارُهُمُ تُنْبِيكِ أَنَّهُمُ | أَيْدِي سبَا بَيْنَ مُحْتَلٍّ ومُرْتَحِلِ |
أَخْلَتْ مَعَالِمَهُمْ نَوًى غَمَرَتْ | حشَايَ مِنْ كَمَدٍ آنٍ ومِنْ خَبَلِ |
لَمَّا عَفَتْ جَدَّدَتْ شَوْقِي فَجدَّدَهَا | دَمْعٌ تَرَقْرَقَ مِنْ جارٍ ومُنْهَمِلِ |
ومَا اسْتَدَرَّتْ جُفُونُ العَيْنِ إِذْ بَكَأَتْ | أَخْلاَفَ دِرَّتِهَا كالنُّؤْيِ والطَّلَلِ |
يا دِمْنَةً أَحْدثَتْ مِنْها النَّوى دِمَناً | أَخْلَتْ مَرَابِعَها قَفْراً مِنَ الغَزَلِ |
إِنَّ الأُلَى احْتَمَلُوا أَبْقَى احْتِمَالهُمُ | في القَلْبِ قاطِنَ شَوْقٍ غَيْرَ مُحتَمِلِ |
وَفِي الأَكِلَّةِ مِنْ تَحْتِ الأَجِلَّةِ أَمْثَالُ | الأَهِلَّهِ بيْن السِّجْفِ والكِلَل |
أُدْمٌ أَوانِسُ كالأْدْمِ الكَوَانِسِ أَوْ | دُمَى الكَنَائِسِ ، لَكِنْ لَسْنَ بالعُطُلِ |
أَشْبهْنَ مِنْهُنَّ أَعْطَافاً وأَجْيِدَةً | والرَّبْرَبَ الْعِينَ في الأَحْدَاقِ والكَحَلِ |
إِذا السُّجُوفُ انْفَرَتْ عن بيضِها انْحَسرَتْ | مِنَ السُّجُوفِ حُتُوفُ اللَّحظِ والمُقَلِ |
مَا ارْتَادَ مُرْتَادُ رَيْبِ الدَّهْرِ مِنْ سَبَبٍ | إِلى النُّفُوسِ بِمِثْلِ الأَعْيُنِ النُّجُلِ |
زِينَتْ بِخَالِدٍ الدُّنَيا وزِينَتُها | وَأَبْسمَ المُلْكُ عَنْ عِزٍّ وعَنْ جَذَلِ |
سَيْفٌ مِن اللهِ لم يُهْزَزْ لِمُعْضِلَةٍ | إِلا انْفَرَتْ قِطَعاً عن أَنْهَجِ السُّبُلِ |
بِهِ اسْتَقَرَّ عِمَادُ الدِّينِ وانْكَشَفَتْ | عَنهُ الدُّجَى وَهْي بيْن الدَّحْضِ والزَّلَلِ |
إِذا اكْتَسَى المَلِكُ الجبَّارُ أُبَّهَةً | غَشَّاهُ بالسَّيْفِ ثَوْبَ الذُّلِ والخَمَلِ |
كَمْ مَارِقِ مَرَقَتْ فيهِ أَسِنَّتُهُ | والموْتُ يصْدُرُ عَنْ عَلٍّ وعن نَهَلِ |
وناكِثٍ نَكَثَتْ فِي الدِّين أَشْرَتُهُ | عَنْهُ وقَدْ نَشِبَتْ فيهِ شَبَا الأَسلِ |
لمَّا رأَى خَيْلَهُ تُزْجِي سَحَابَ ردًى | يَنَهَلُّ هَيْدَبُهَا بالصَّيِّبِ الخَضِلِ |
فِي موْضِعٍ ضَنِكٍ تُمْسِي مَعَاقِلُهُ | إِذا اسْبَطَرَّ شِهَابُ المَوْتِ كالعْقُلِ |
تَغْدُو أَسِنَّتُهُ زُرْقاً فَيَكْحَلُهَا | يَوْمَ الكرِيَهَةِ في الأَحْدَاق والكَحَلِ |
إِذا انْتَضَى السِّيْفَ يَوْمَ الرَّوْعِ أَغْمَدَةُ | مُخَضَّباً مِنْ دَمِ الأَعْدَاءِ في القُلَلِ |
فَإِنْ تأَوَّدَتِ الأَرْمَاحُ ثَقَّفَهَا | بكَاهِلٍ بَطَلٍ مِن فَارِسٍ بَطَلِ |
إِذا اغْتَدَى اغْتَدَتِ الآمَالُ تَقْدُمُهُ | إِلى نُفُوسِ العِدَى بالخَيْلِ والوَجَل |
إِذا ارْتَدَى بِنِجادِ السَّيْفِ عاتِقُهُ | قُلْتَ الحَمَائِلُ قَدْ نِيطَتْ عَلَى جَبَلِ |
تَنْدَى مَنَاصِلُهُ حَتْفاً ، ورَاحَتُهُ | عُرْفاً يَفِيضُ كَفَيْضِ المُسْبِلِ الوَبِلِ |
تَبِيتُ أَعْدَاؤهُ تُطْوَى على وَجَلٍ | مِنْهُ ، وَأَمْوالُهُ تُطْوَى عَلَى وَجَلِ |
غَيْثُ العُفَاةِ ،وفَكَّاكُ العُنَاةِ ، وقَتَّالُ | العُداةِ غَدَاةَ الرُّوعِ والوَهَلِ |
أَغَرُّ لَيْسَ لَهُ فِي البَأْسِ مِنْ مَثَلٍ | وَلاَ لَهُ في النَّدَى والجُودِ مِنْ مَثَلِ |
بِسَيْفِهِ أَصْبَحَ الإِسلامُ وهْوَ حِمىً | رَاضٍ عِنِ المُلْكِ والإِسلامِ والدُّولِ |
لَوْلاَ تَدَاهُ ، ولَوْلاَ سَيْفُ نِقْمَتهِ | دَارَتْ رَحَى الدِّينِ والدُّنيَا على ثِكَلِ |
وَلاَ تُمْدُّ يَدٌ يوْماً إِلى طَمَعٍ | وَلاَ ثَنَتْهَا أَكُفُّ اليَأْسِ بالشَّلَلِ |
إِذا تَصَعَّبَتِ الأَيَّامُ قَلَّدَها | رَأْياً يَرُدُّ شَبَا الأَيَّامِ عن فَلَلِ |
تَبِيتُ أَعْيُنُ صَرْفِ الدَّهْرِ قَاذِيَةً | بالعِزِّ مِنْ دُونِهِ تُغْضِيعَلَى قَبَلِ |
مَا زالَ يَمْلِكُ وَفْْراً غَيْرَ مُدَّخَرٍ | عَنِ العُفَاةِ وعِرْضاً غَيْرَ مُبْتَذَلِ |
يكادُ يَعْلَمُ ما تُخْفِي الصُّدُورُ مِنَ الآمَال | حَتَّى لَقَدْ أَجْدَى ولَمْ يُسلِ |
إِذا رأَيْتَ عَطَاياهُ وَنَائِلَهُ | خِلْتَ السَّمَاحَةَ لم تُفْقَدْ ولم تَزُلِ |
إِذا الخُطُوبُ امْتَرَتْ أَخْلافَ دِرَّتِهِ | دَرَّتْ بِخِلْفَيْنِ مِنْ شَرْيٍ ومِنْ عَسَلِ |
حَلَّت رِكَابُ العُلاَ والمَجْدِ أَرْحُلَها | بهِ ، وشالَتْ رِكَابُ البُخْلِ بالبَخَلِ |
في كُلِّ يَوْمٍ لهُ وَعْدٌ يُحَقِّقُهُ | حَتَّى يُقَطِّعَ قَبْلَ المَطْلَ والعِلَلِ |
لِخَالِدِ بْنِ يْزِيدٍ بِكْرُ مَكْرُمَةٍ | لَوْ رامَ هَادِيَهُ العَيُّوقَ لم يَنَلِ |
أَرسَى قَوَاعِدَهُ مَعْنُ بْنُ زَائدَةٍ | في باذِخٍ مِنْ شَوَاةِ النَّجْمِ مُحْتَلَلِ |
إِذا سَرَايا عَطَاياهُ سَرَتْ أَسَرَتْ | يَدَ المَكَارِمِ ، واسْتَغْنَتْ عَنِ العُقُلِ |
لَمْ يَغْزُ ساحَتَهُ رَاجٍ سَمَاحَتَهُ | يَوْماً فَيَرْجِعُ إِلاَّ غَانِمَ القَفَلِ |
كَأَنَّهُ وَبَنُو شَيْبَانَ تَكْنُفُهُ | بَدْرٌ بَدَا فِي نُجُومِ السَّعْدِ بالكَمَلِ |
أَحْيا يَزِيدَ بِعُرْفٍ مِنْ مآثِرهِ | أَحْيَتْ مَآثِرَ مِنْ آبَائهِ الأُوَلِ |