بمثل لقائها شفي الغليل
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بِمِثْلِ لِقَائِهَا شُفيَ الغَليلُ، | غَداةَ تَزَايَلَتْ تِلْكَ الحُمُولُ |
بَعيدَةُ مَطلَبٍ، وَجَمادُ نَيلٍ، | فَها هيَ ما تُنالُ، وَلاَ تُنِيلُ |
إذا خَطَرَتْ تَأرّجَ جَانِبَاهَا، | كما خطرَتْ على الرّوْضِ القَبولُ |
وَيَحسُنُ دَلُّها، وَالمَوْتُ فيهِ، | وَقد يُستَحْسَنُ السّيفُ الصّقيلُ |
وَقَفْنَا، وَالعُيُونُ مُشَغَّلاتٌ، | يُغَالِبُ دَمْعَها نَظَرٌ كَليلُ |
نَهَتْهُ رِقْبَةُ الوَاشِينَ، حَتّى | تَعَلّقَ لا يَغِيضُ، وَلاَ يَسيلُ |
غَدَتْ قُضْبانُ أسْحِلَةٍ عَلَيْها، | لفَرْطِ الجَدلِ، أوْشحةً تجولُ |
يُقَوِّمُ مِنْ تَثَنّيها اعْتِدالٌ، | يَكادُ يُقالُ من هَيَفٍ: نُحولُ |
مَشَينَ على خَمَائلِ ذي طَلُوحٍ، | وَقد ضَاقَتْ بما فيها الحُجُولُ |
أقُولُ أزِيدَ مِنْ سَقَمٍ فُؤَادِي، | وَهَلْ يَزْدَادُ منْ قَتلٍ قَتيلُ |
وَلَيْسَ يَصِحُّ للمَخْبُولِ قلبٌ | يُعِلُّ خَبَالَهُ اللَّحْظُ العَليلُ |
تَنَاسَى عَهْدَهُ سَكَنٌ خَليٌّ، | وَنَاءَ بوِدّهِ خِلٌّ مَلُولُ |
فَما دَامَ الحَبيبُ عَلى وِصَالٍ، | وَلاَ أدّى أمَانَتَهُ الخَليلُ |
أذُمُّ إلَيْكَ مَنْ أحْمَدتُ، إنْ لمْ | يَكُنْ عَدَدٌ بحَيثُ هُمُ قَلِيلُ |
لَنَا في كلّ دَهْرٍ أصْدِقاءٌ | تَعُودُ عِدًى، وَحالاتٌ تحولُ |
وَقَدْ تَعفُو الظّنُونُ بمنْ يُرَجّى، | فتُخْلَفُ مثلَ ما تَعفُو الطّلولُ |
وَمَا فُقِدَ الجَميلُ لقُرْبِ عَهْدٍ، | فَنَسألَ عَنهُ، بل نُسِيَ الجَميلُ |
وَيَلْؤمُ سائِلُ البُخَلاءِ حِرْصاً | وإشْفَاقاً، كَمَا لَؤمَ البَخيلُ |
بَنَاتُ العِيدِ تَعتَادُ الفَيَافي، | إذا شِئْنَا استَمَرّ بهَا الذّميلُ |
وما طرفا زمَانِ المرْءِ إلاّ | مقامٌ يرتضيهِ أو رحيلُ |
لقد ضَمِنَ العلاءَ بَديءُ جُودٍ، | نِجَارُ أبي العَلاءِ بِهِ كَفيلُ |
يَلَذُّ الأرْيَحيّةَ للعَطايا، | كما لَذّتْ لشارِبِها الشَّمُولُ |
لَهُ مِنْ مَخْلَدٍ وَبَني أبيهِ | شَمائلُ ما تخيبُ وَما تُخيلُ |
أُنَاسٌ بَيتُ سُؤدَدِهمْ مطافُ الـ | ـمَعالي، وَاسْمُ نائِلهمْ جَزِيلُ |
إذا ذُكِرُوا بِشُهرَةِ يوْمِ فَخرٍ، | تَنَاسَبَتِ النَّبَاهةُ وَالخُمُولُ |
لَئِنْ مَدّوا إلى الَعلْيا أكُفّاً، | لَهُنّ على أكُفّ النّاسِ طُولُ |
فإنّهُمُ، وَإنّا، حيثَُ نَغْدُو، | وإنْ كانَتْ تُدَبّرُنا العُقُولُ |
نُيَسِّرُ للّتي تَمْني المَوَاني، | وَنَذهَبُ حَيثُ تُرْسلُنا الأصُولُ |
أبا عيسَى، وَأنْتَ المَرْءُ تَعْلُو | لَهُ النّفْسُ الشّرِيفَةُ وَالقَبيلُ |
وَفَرْتُكَ لا هوًى بِكَ في وُفُورٍ | إذا ما حانَ منْ حَقٍّ نُزُولُ |
وَلكنْ جاهُ ذي خَطَرٍ شَرِيفٍ، | أرَاهُ وَهْوَ، من جودٍ، بَدِيلُ |
إذا ما القَوْلُ عادَ لَنَا بِطَوْلٍ، | فَفَيضٌ مِن فَعالِكَ ما تَقُولُ |