ها هو الشيب لائما فأفيقي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ها هوَ الشّيبُ لائِماً، فأفيقي، | وَاتْرُكيهِ، إنْْ كانَ غَيرَ مُفيقِ |
فلَقَدْ كَفّ مِنْ عَنَاءِ المُعَنّى، | وَتَلافَى مِنِ اشتِيَاقِ المَشُوقِ |
عَذَلَتنا، في عِشقِها، أُمُّ عَمْروٍ، | هَل سَمعتُم بالعاذِلِ المَعشُوقِ |
وَرَأتْ لِمّةً ألَمّ بِهَا الشّيْـ | ـبُ، فرِيعَتْ من ظُلمةٍ في شُروقِ |
وَلَعَمرِي، لَوْلا الأقاحي لأبْصَرْ | تُ أنيقَ الرّياضِ غَيرَ أنِيقِ |
وَسَوَادُ العُيُونِ، لَوْ لمْ يُحَسِّنْْ | ببَياضٍ، مَا كانَ بالمَوْمُوقِ |
وَمِزَاجُ الصّهْبَاءِ بالمَاءِ أمْلَى | بصَبُوحٍ مُسْتَحسَنٍ، وَغَبُوقِ |
أيُّ لَيْلٍ يَبْهَى بِغَيرِ نُجُومٍ، | أمْ سَحابٍ يَنْدَى بغَيرِ بُرُوقِ |
وَقْفَةً في العَقيقِ أطْرَحُ ثِقْلاً | مِنْ دُمُوعي، بوَقفَةٍ في العَقيقِ |
مَاثِلٌ بَينَ أرْبُعٍ مَاثِلاتٍ، | يَنْزِعُ الشّوْقَ مِنْ فُؤادٍ عَلوقِ |
أزْجُرُ العَينَ عَنْ بُكاهُنّ وَالعِيـ | ـسَ إلى المُبْتَغَى بِكُلّ طَرِيقِ |
وَاستَشَفّتْ مُحَمّدَ بنَ حُمَيْدٍ، | ما سَحيقٌ من الغِنى بسَحيقِ |
سابقُ النّقعِ يَستَقي جُهدَ نَفسٍ، | تُسْتَزَادُ اسْتِزَادَةَ المَسْبُوقِ |
قَلّبَتْهُ الأيْدِي قَديماً وَللحَلْـ | ـبَةِ تُنْضَى الجِيَادُ بالتّعْرِيقِ |
كُلّمَا أجْرَتِ الخَلائِقُ أوْفَى | رَادِعاً في خَلائِقٍ، كالخَلُوقِ |
لَيسَ يَخلُو من فِكْرَةٍ في جَليلٍ | مِنْ أفَانِينِ مَجْدِهِ، أوْ دَقيقِ |
يَنظِمُ المَجدَ مثلَ ما تَنظِمُ العِقْـ | ـدَ يَدُ الصّائغِ الصَّنَاعِ الرّقيقِ |
يَزْدَهيهِ الهَوَى عَنِ الهُونِ وَالإشـ | ـفَاقُ يَرْبَا بِهِ عَنِ التّشْفيقِ |
لَهُ مِنْهُ في كُلّ يَوْمٍ نَوَالٌ، | لَمْ تَنَلْهُ كُدُورَةُ التّرْنِيقِ |
عِنْدَهُ أوّلٌ، وَعِندِيَ ثَانٍ | مِنْ جَداهُ، وَثالثٌ في الطّرِيقِ |
يَهَبُ الأغْيَدَ المُهَفْهَفَ كالطّا | وُوسِ حُسناً، وَالطِّرْفَ كالسّوذنيقِ |
يا أبَا نَهْشَلٍ، إذا ما دَعَا الظّمْـ | ـآنُ مِنْ كَرْبِهِ دُعَاءَ الغَرِيقِ |
أمَلي في الغُلامِ كانَ غُلاماً، | فَهْوَ كَهْلٌ للمَطْلِ وَالتّعْوِيقِ |
وَالجَوَادُ العَتيقُ حاجَزْتني فِيـ | ـهِ لِلاَ عِلّةٍ بِوَعْدٍ عَتيقِ |
وَعَطَاياكَ في الفُضُولِ عِدادُ الـ | ـرّمْلِ من عالجٍ، فقُل في الحُقوقِ |
صَافِياتٌ على قُلُوبِ المُصافِين | ، رِقَاقٌ في وهْمِهِنَّ الرَّقِيقِ |
لَوْ تَصَفَّحْتَها لأَخْرَجْتَ مِنهَا | أَلف مَعْنىً مِن حاتِمِ مَسْرُوقِ |
أُخِذَتْ بالسّماحِ غَصْباً، وَقد يُؤ | خَذُ نَيْلُ البَخيلِ بالتّوْفيقِ |
لا أعُدُّ المَرْزُوقَ مِنْهَا إذا فَكّرْ | تُ فيها، وَفيهِ بالمَرْزُوقِ |
ظَلّ فيها البَعيدُ مِثْلَ القَرِيبِ الـ | ـمُخْتَتي، وَالعَدُوُّ مثلَ الصّديقِ |
كَحَبِيّ الغَمَامِ جادَ، فرَوّى | كُلَّ وَادٍ مِنَ البِلادِ، وَنِيقِ |
أصْدِقَائي علَى الغِنَى، فإذا عُدْ | تُ إلى حَاجَةٍ، فأنْتَ صَديقي |
لابِسٌ منكَ نِعْمَةً لا أرَى الإخْـ | ـلاقَ في حَالَةٍ لَهَا بِخَلِيقِ |
إنْ يَقُلْ زِينَةٌ، فَحِلْيَةُ عِقْيا | نٍ، وَإنْ خِفّةٌ فَفَصُّ عَقيقٍ |
هيَ أعلَتْ قَدرِي، وَأمضَتْ لساني، | وَأشاعَتْ ذِكْري، وَبَلّتْ رِيقي |
إنّ نَبْهَانَ لَمْ تَزَلْ وَعَتُودا | كالشّقيقِ استَمَالَ وِدَّ الشّقيقِ |
جَمَعَتْنَا حَرْبُ الفَسَادِ اتّفَاقاً، | وَهْيَ بَدْءُ الفَسَادِ وَالتّفْرِيقِ |
نَحْنُ إخْوَانُكُمْ وَإخوَتُكم حيـ | ـنَ يَكُونُ الفَرِيقُ إلْفَ فَرِيقِ |
كالرّفيقَينِ في رَفيقَينِ مِنْ أجَـ | ـإٍ وَسُلْمَى لمْ يُوجَفَا في عُقُوقِ |
وَصِلانَا، فَأنْتُمُ كالثّرَيّا | حاضَرَتْنا، وَنَحْنُ كالعَيّوقِ |
في رِعانٍ تَرْغُو وَتَصْهَلُ لم تَسْـ | ـمَعْ ثُغَاءً، وَلمْ تُصِخْ لِنَهيقِ |
وَطَنٌ تَنْبُتُ المَكارِمُ فيهِ، | بَينَ مَاءٍ جَارٍ، وَعُودٍ وَرِيقِ |
أَجَإِيٌّ فالْبئْرُ غَيْرُ جَرورٍ | في رُباه، والنَّخْلُ غَيْرُ سَحُوقِ |
حَيْثُ تَلقَى الشّفاهَ لَيستْ بهُدْلٍ | من ظَماً، وَالأسنانَ لَيسَتْ بِرُوقِ |
رَتَقَتْهُ سُيُوفُنَا، وَهْوَ ثَغْرٌ | بَينَ أعْدائِهِ، كَثيرُ الفُتُوقِ |