أرشيف المقالات

كذبت قوم لوط بالنذر

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴾


قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ * وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ * وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ * فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 33 - 40].

المناسبة:
لما كانتْ قرى قومِ لوطٍ المؤتفكة هي أقربَ دورًا لها، لكن إلى ديار ثمود مِن جهة الشام في طريق أهل مكة، ذكَرَها هنا عقيبها؛ لأنهم يمرون عليهم مصبحين وبالليل.

القراءة:
قرأ الجمهور (بكرة) بالتنوين، وقُرئ بغير تنوين.

المفردات:
(حاصبًا)؛ أي: ريحًا شديدة تحصبهم أي: ترميهم بالحصباء، وهي صغار الحجارة، (آل لوط) هم لوط وابنتاه، (نجيناهم) خلصناهم، (بسحر)؛ أي: قبيل انصداع الفجر، (نعمة) إحسانًا، (نجزي) نُثيب، (شكر) اعترف بنعمتنا وأطاع أمرنا، (أنذرهم) خوفهم وحذرهم، (بطشتنا) أخذتنا الشديدة بالعذاب، (فتماروا) فتشككوا وكذبوا، وهي مشتقة من المرية، (بالنذر) بالأمور التي خوَّفهم بها لوط، (راودوه)؛ أي: طلبوا منه المرة بعد المرة أن يخلي بينهم وبين الضيوف، وأن يمكنهم من هؤلاء الأضيافِ للفاحشة، (ضيفه) الملائكة الذين زاروه للبشارة بنصر الله وتدمير المكذبين، (طمسنا أعينهم) أعميناهم ومسحنا أعينهم، وسويناها كسائر الوجه من الطموس، وهو الدروس والإعماء، (فذوقوا عذابي) فاختبروا طعمه، وهذا على سبيل التبكيت بسبب إنكارهم، (صبحهم) أتاهم عند الصباح، (بكرة) غدوة في أول النهار، (مستقر) دائم متصل بعذاب الآخرة.

التراكيب:
قوله: (إلا آل لوط) الاستثناء متصل، ولم يرسل الحاصب على آل لوط، وقوله: (نجيناهم بسحر) استئناف بياني كأنَّ سائلًا سأل: وماذا حصل لآل لوط؟ فقيل: (نجيناهم بسحر)؛ يعني: أنهم خرجوا من البلدِ قبل إرسالِ الحاصب على أهلها، فإنَّ آل لوط خرجوا بسحر؛ يعني: قبيل الفجر، وأرسل الحاصب في الصباح بعد خروجهم، كما قال: (إن موعدهم الصبح)، وتنوين بسحرٍ؛ لأنه لا يراد هنا سحر بعينه.

وقوله: (نعمة) مفعول مطلق ملاقٍ لعامله في المعنى، وهو نجيناهم؛ لأن الإنجاء نعمة، ويجوز أن يكون مفعولًا لأجله والعامل (نجينا)، وقوله: (فتماروا بالنذر) إنما عدي (فتماروا) بالياء؛ لأنه ضمن معنى التكذيب فعدي تعديته.

وقوله: (فذوقوا عذابي ونذر) الفاء داخلة على محذوف، تقديره: (فقلنا لهم ذوقوا)، وذوقوا عذابي: مقول لهذا القول المحذوف.

المعنى الإجمالي:
لم تصدقْ جماعةُ لوطٍ بالأمور المنذرة لهم على لسانه، إنا سَلَّطْنَا عليهم ريحًا ترميهم بالحصباء، إلا لوطًا وابنتيه خلصناهم قبل انصداع الفجر، إنعامًا منا عليهم، مثل ذلك الجزاء نثيب من اعترف بنعمتنا وأطاع أوامرنا، والله لقد خوَّفهم لوطٌ أَخْذَتَنَا الشديدةَ بالعذاب، فتشككوا وكذبوا بالإنذارات، ووالله لقد طلبوا منه المرة بعد المرة أن يخلي بينهم وبين أضيافه من الملائكة للفاحشة فمحونا أعينهم، وسوينا وجوههم، فلم يبقَ بها أثر للأعين، وصارت كسائر الوجه، فقلنا لهم: اختبروا طعم عقابي وإنذاراتي، وبالله لقد نزلَ بهم وقتَ الصباح أولَ النهار عذابٌ دائمٌ متصلٌ بعذاب الآخرة، فقلنا لهم: اختبروا طعمَ عذابي وإنذاراتي، وتالله لقد هيأنا القرآن للتلاوة وسهلناه للحفظ، فهل من مُتَّعِظٍ موجودٍ؟

ما ترشد إليه الآيات:
1- إنكارُ قوم لوط للنذير.
2- تدميرُ المكذبين.
3- إنجاءُ المؤمنين.
4- الشكرُ يدفعُ الله به البلاء.
5- نصحُ لوطٍ عليه السلام لقومه.
6- تسليطُ أنواعٍ من العذاب عليهم.
7- اتَّعِظُوا يا أهلَ مكة.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١