يا دهرُ ويحكَ ما عدا ممَّا بدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا دهرُ ويحكَ ما عدا ممَّا بدا | أرسلتُ سهم الحادثاتِ فأقصدا |
أغْمدتَ سيفاً مرهَفاً شَفَراتُه | قد كان في ذات الإله مُجرّدا |
فافعلْ بجَهدِكَ ما تشاءُ فإِنني | بعدَ المعظَّم لا أُبالي بالرَّدى |
ما خلتهُ يفنى وأبقى بعدهُ | يا بؤس عيشي ما أمرَّ وأنكدا |
لهفي على بدرٍ تغيَّب في ثرى | رمسٍ وبحرٍ في ضريحٍ ألحدا |
أبقيتَ لي يا دهرُ بعدَ فراقهِ | كبداً مقرَّحة ً وجفناً أرمدا |
وجوى ً يُؤجّجُ بين أَثناءِ الحشا | ناراً تزايدُ بالدموعِ توقُّدا |
لم كانَ خلقٌ بالمكارمِ والتُّقى | يبقى لكان مدى الزمانِ مُخلَّدا |
أو كان شقُّ الجيبِ ينقذُ من ردى ً | شَقَّتْ عليكَ بنو أبيك الأكبُدا |
أو كانَ يغني عنكَ دفعٌ بالقنا الـ | ـخَطيِّ غادَرَتِ الوَشيجَ مُقَصّدا |
ولقد تمنَّتْ أنْ تكونَ فوارسٌ | من آل أيوبَ الكرامِ لكَ الفدا |
أبكيتَ حتى نَثْرَة ً وطِمِرَّة ً | وحزنتَ حتى ذابلاً ومهنّدا |
كم ليلة ٍ قد بتَّ فيها لا ترى | إلاّ ظهورَ الأعوجيّة ِ مرقدا |
تَحمي حِمى الإسلامِ منتصراً لهُ | بعزائمٍ تستقربُ المستبعدا |
ولرُبَّ ملهوفٍ دَعاهُ لحادثٍ | جَلَلٍ فكانَ جوابُه قبلَ الصَّدى |
ولطالما شيمتْ بوارقُ كفّهِ | فهمتْ سحائبُها علينا عَسجدا |
ما ضلَّ غمرٌ عن محجَّة ِ قصدهِ | إِلاَّ وكان لهُ إِليها مُرشِدا |
يا مالكاً من بعدِ فقدي وجهَه | جارَ الزمانُ عليَّ بعدكَ واعتدى |
أَعززْ عليَّ بأنْ يزورَك راثياً | مَن كان زاركَ بالمدائحِ مُنشِدا |
كم مورِدٍ ضنكٍ وردتَ وطعمُه | مرٌّ وقد عافَ الكماة ُ الموردا |
وعزيزِ قومٍ مترَفٍ سربلتَه | ذُلاّ وكان الطّاغِيَ المتمرّدا |
أَركبتَه حلَقاتِ أَدهمَ قصَّرتْ | منه الخطا من بعدِ أشقرَ أجردا |
لولا دفاعُكَ بالصوارِمِ والقنا | عن حوزة ِ الإسلامِ عادَ كما بدا |
وديارُ مصرٍ لو ونتْ عزماتهُ | عن نصرها لتمكنتْ فيها العدا |
ولأمستِ البيضُ الحرائرُ أسهماً | فيها سبايا والموالي أَعْبُدا |
ولأصبحتْ خيلُ الفرنجِ مُغيرة ً | تجتابُ ما بينَ البقيعِ إلى كدى |
وبثغرِ دمياطٍ فكم من بيعة ٍ | عبدَ الصليبُ بها وكانَت مسجدا |
أنقذتها من خطَّة ِ الخسفِ التي | كانت أحلَّتها الحضيضَ الأوْهدا |
أجلَيتَ ليلَ الكفرِ عنها فانطوى | وأنرتَ في عرصاتها فجرَ الهدى |
ولقدْ شهدتكَ يومَ قيساريَّة ٍ | والشمسُ قد نسجَ القتامُ لها ردا |
والكفرُ معتصمٌ بسورٍ مشرفِ الـ | أبراجِ أحكم بالصفيحِ وشيِّدا |
فجعلتَ عاليها مكانَ أساسِها | وألنتَ للأخشابِ فيها الجامدا |
قلْ للأعادي إنْ فقدنا سيّداً | يَحمي الذمارَ فقد رُزِقنا سيّدا |
الناصرُ الملكُ الذي أضحى برو | حِ القدسِ في كلِّ الأمورِ مؤيَّدا |
أعلى الملوكِ محلَّة ً وأسدُّهم | رأياً وأشجعُهم وأطولُهم يدا |
ماضي العزيمة ِ لا يرى في رأيهِ | يومَ الكريهة ِ حائراً متردِّدا |
يقظٌ يكادُ يريهِ ثاقبُ فكرهِ | في يومهِ ما سوفَ يأتيهِ غدا |