منى النفس في أسماء لو يستطيعها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مُنَى النّفسِ في أسماءَ، لَوْ يَستَطيعُها | بِهَا وَجْدُها مِنْ غادَةٍ وَوَلُوعُهَا |
وَقَدْ رَاعَني مِنها الصّدودُ، وَإنّما | تَصُدّ لِشَيبٍ في عِذاري يَرُوعُها |
حَمَلْتُ هَوَاهَا، يَوْمَ مُنعَرَجِ اللّوَى | عَلى كَبِدٍ قَدْ أوْهَنَتْها صُدوعُها |
وَكُنْتُ تَبِيعَ الغَانِيَاتِ، ولمْ يزَلْ | يَذُمّ وَفَاءَ الغَانِيَاتِ تَبِيعُهَا |
وَحَسنَاءَ لَمْ تُحسِنْ صَنيعاً، ورُبّمَا | صَبَوْتُ إلى حَسنَاءَ سِيءَ صَنِيعُهَا |
عَجِبْتُ لَهَا تُبْدي القِلَى، وَأوَدُّهَا، | وَللنّفسِ تَعْصِيني هَوًى وأُطِيعُهَا |
تَشكّى الوَجَا واللّيلُ مُلتبِسُ الدّجى، | غُرَيرِيّةُ الأنْسابِ مَرْتٌ بَقيعُها |
وَلَستُ بِزَوّارِ المُلُوكِ عَلَى الوَجَا، | لَئِنْ لمْ تَجُلْ أغراضُها وَنُسوعُها |
تَؤمّ القُصُورَ البِيضَ من أرْضِ بابلٍ | بِحَيْثُ تَلاَقَى غَرْدُها وَبَدِيعُها |
إذا أشْرَفَ البُرْجُ المُطِلُّ رَمَيْنَهُ | بأبْصَارِ خُوصٍ، قَد أرَثّتْ قُطوعُهَا |
يُضِىءُ لَها قَصْدَ السُّرَى لَمَعَانُهُ، | إذا اسوَدّ مِن ظَلماءِ لَيلٍ هَزِيعُها |
نَزُورُ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، وَدُونَهُ | سُهُوبُ البِلادِ: رَحْبُهَا وَوَسِيعُهَا |
إذا مَا هَبَطْنا بَلْدَةً كَرّ أهْلُهَا | أحَادِيثَ إحْسَانٍ نَداهُ يُذِيعُهَا |
حمَى حَوْزَةَ الإسلامِ، فارْتَدعَ العِدَى، | وَقَد عَلِمُوا أَلاَّ يُرامَ مَنيعُهَا |
وَلَمّا رَعَى سِرْبَ الرّعيّةِ ذادَهَا | عن الجدبِ مُخضرُّ البِلادِ، مَرِيعُهَا |
عَلِمتُ يَقيناً مُذْ تَوَكّلَ جَعفَرٌ | عَلى الله فِيهَا، أنّهُ لا يُضِيعُهَا |
جَلا الشكَّ عن أبصَارِنا بِخِلافَةٍ | نَفَى الظُّلمَ عَنّا والظّلامَ صَديعُهَا |
هيَ الشّمسُ أبدى رَونَقُ الحقّ نورَها، | وأشرَقَ في سرّ القُلوبِ طُلُوعُهَا |
أسِيتُ لأِخْوَالي رَبِيعَةَ، إذْ عَفَتْ | مَصانُعها مِنْهَا وَأقْوَتْ رُبُوعُهَا |
بكُرْهيَ إنْ بَاتَتْ خَلاءً دِيَارُهَا، | وَوَحْشاً مَغَانِيهَا، وشَتّى جَميعُها |
وَأمسَتْ تُساقي المَوْتَ من بَعدِ ما غدتْ | شَرُوباً تُساقي الرّاحَ رِفْهاً شُرُوعُهَا |
إذا افتَرَقُوا عَنْ وَقْعَةٍ جَمَعَتْهُمُ | لاُِخْرَى دِماءٌ ما يُطَلّ نَجِيعُهَا |
تَذُمُّ الفَتاةُ الرُّودُ شِيمَةَ بَعْلِهَا، | إذا بَاتَ دونَ الثّأرِ، وهوَ ضَجِيعُهَا |
حَمِيّةُ شَعْبٍ جَاهِلِيٍّ، وَعِزّةٌ | كُلَيْبِيّةٌ أعْيَا الرّجالَ خُضُوعُهَا |
وَفُرْسانِ هَيجاءٍ تَجِيشُ صُدُورُهَا | بِأحْقَادِها حَتّى تَضِيقَ دُرُوعُهَا |
تُقَتِّلُ مِنْ وِتْرٍ أعَزَّ نُفُوسِهَا | عَلَيْها، بِأيْدٍ مَا تَكَادُ تُطِيعُهَا |
إذا احتَرَبتْ يَوْماً، فَفَاضَتْ دِماؤها، | تَذَكّرَتِ القُرْبَى فَفَاضَتْ دُمُوعُها |
شَوَاجِرُ أرْمَاحٍ تُقَطِّعُ بَيْنَهُمْ | شَوَاجِرَ أرْحَامٍ مَلُومٍ قُطُوعُهَا |
فَلَولا أمِيرُ المُؤمِنِينَ وَطَوْلُهُ، | لَعَادَتْ جُيُوبٌ والدّمَاءُ رُدُوعُهَا |
وَلاصْطُلمَتْ جُرْثُومَةٌ تَغْلِبِيّةٌ، | بهاِ استُبْقِيَتْ أغصَانُهَا وَفُرُوعُهَا |
رَفَعْتَ بضَبْعَيْ تَغْلِبَ ابنةِ وَائِلٍ، | وَقَدْ يَئِسَتْ أنْ يَستَقِلّ صَرِيعُهَا |
فَكُنْتَ أمِينَ الله مَوْلَى حَيَاتِهَا، | وَمَوْلاكَ فَتْحٌ يَوْمَذاكَ شَفيعُهَا |
لَعَمْرِي لَقَدْ شَرّفْتَهُ بِصَنِيعَةٍ | إلَيهِمْ، ونُعمَى ظَلّ فيهِمْ يُشيعُها |
تَألّفَهُمْ، مِن بَعدِ ما شرَدتْ بهمْ | حَفائظُ أخْلاقٍ، بَطيءٍ رُجُوعُهَا |
فأبْصَرَ غَاوِيها المَحَجّةَ، فاهْتَدَى، | وأقصَرَ غاليها، وَدَانَى شَسُوعُهَا |
وأمضَى قَضَاءً بَيْنَها، فَتَحاجَزَتْ، | وَمَحْفُوضُها رَاضٍ بهِ وَرَفِيعُهَا |
فَقَدْ رُكّزَتْ سُمرُ الرّماحِ وَأُغمدتْ | رِقاقُ الظُّبَا مَجفُوُّهَا وَصَنيعُهَا |
فَقَرّتْ قُلُوبٌ كَانَ جَمّاً وَجِيبُهَا، | وَنَامَتْ عُيُونٌ كانَ نَزْراً هُجُوعُهَا |
أتَتكَ، وَقَدْ ثابَتْ إليها حُلُومُها، | وبَاعَدَها عَمّا كَرِهْتَ نُزُوعُهَا |
تُعِيدُ وَتُبدي مِنْ ثَنَاءٍ كَأنّهُ | سَبَائِبُ رَوْضِ الحَزْنِ جادَ رَبيعُهَا |
تَصُدُّ حَياءً أنْ تَرَاكَ بِأوْجُهٍ | أتَى الذّنْبَ عاصِيها فَليمَ مُطيعُهَا |
وَلا عُذْرَ إلاّ أنّ حِلْمَ حَليمِهَا | تُسَفَّهُ في شَرٍّ جَنَاهُ خَليعُهَا |
رَبَطْتَ بِصُلْحِ القَوْمِ نافِرَ جَأشِها، | فَقَرّ حَشاها واطمَأنّتْ ضُلُوعُها |
بَقيتَ، فكَمْ أبقَيتَ بالعَفوِ مُحسِناً | على تَغْلِبٍ حتّى استَمَرّ ظَلِيعُهَا |
وَمشفقةً تخشَىالحمامَ على ابنها | لأول هيجْاءٍ تَلاقي جُمُوعها |