ألِفْتُ النَّدَى وَالعامِرِيَّة ُ تَعْذِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألِفْتُ النَّدَى وَالعامِرِيَّة ُ تَعْذِلُ | وَمِمّا أَفادَتْهُ الصَّوارِمُ أَبْذُلُ |
فَلا تَعْذُليني يابْنَة َ القَوْمِ إِنَّني | أَجودُ بِما أَحوي، وبَالعِرضِ أبْخَلُ |
وَلَلْحَمْدُ أَوْلى بِالفَتى مِنْ ثَرائِهِ | وَخَيرٌ مِنَ المالِ الثَّناءُ المُنَخَّلُ |
وَمَنْ خافَ أنْ يَسْتَضْرِعَ الفَقْرُ خَدَّهُ | وَفَى بِالغِنى لي أَعْوَجِيٌّ وَمُنْصُلُ |
وَمُكْتَحِلاتٌ بِالظَّلامِ أُثِيرُها | وَهُنَّ كَأَشْباحِ الأَهِلَّة ِ نُحَّلُ |
ولا صَحْبَ لي إلاّ الأَسِنَّة ُ وَالظُّبا | بِحَيْثُ عُيونُ الشُّهْبِ بِالنَّقْعِ تُكْحَلُ |
وَحَوْلِيَ مِنْ رَوْقَيْ أُمَيَّة َ غِلْمَة ٌ | بِهِمْ تُطْفَأُ الحَرْبُ العَوانُ وَتُشْعَلُ |
سَرَيْتُ بِهِمْ وَالنّاجِياتُ كَأَنَّها | رِماحٌ بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الخَطِّ ذُبَّلُ |
فَحَلُّوا حُبا اللَّيْلِ البَهيمِ بِأَوجُهٍ | سَنا الفَجْرِ في أَرْجائِها يَتَهلَّلُ |
وَخاضُوا غِمارَ النّائِباتِ ، وَمالَهُمْ | سوى اللّهِ وَالرُّمْحِ الرُّدَيْنِيِّ مَعْقِلُ |
يَرومُونَ أَمْراً دُونَهُ جُرَعُ الرَّدَى | تُعَلُّ بِها نَفْسُ الكَمِيِّ وتَنْهَلُ |
على حينَ نابَتْنِي خُطوبٌ كَثيرَة ٌ | تَؤُودُ بِها الأَيّامُ مَتْنِي وَأَحْمِلُ |
وَأُخْفي الصَّدى وَالماءُ زُرْقٌ جِمامُهُ | فَهُنَّ على الذُّلِّ السِّمامُ المُثَمَّلُ |
وَمَنْ سَلَبَتْهُ نَوْشَة ُ الدَّهْرِ عِزَّهُ | فَنَحْنُ لِرَيْبِ الدَّهرِ لا نَتَذَلَّلُ |
وَلَكِنَّنا نَحْمي ذِمارَ مَعاشِرٍ | لَهُمْ آخِرٌ في المَكْرُماتِ وَأَوَّلُ |
وَلَمْ نَغْتَرِبْ مُسْتَشْرِفينَ لِثَرْوَة ٍ | فَمَرْعَى مَطايانا بِيَبْرِينَ مُبْقِلُ |
وَقَد يَصْدَأُ السَّيْفُ المُلازِمُ غِمْدَهُ | وَمَنْ لا يَرِمْ أوْطانَهُ فَهْوَ يَخْمَلُ |
فَبِتْنا وقد نامَ الأَنامُ عَنِ العُلا | نُسارِي النُّجومَ الزُّهْرَ وَاللَّيْلُ أَلْيَلُ |
وَنَحْنُ عَلى أَثْباجِها جُرْدٍ كَأَنَّها | إِذا ما اسْتُدِرَّ الحُضْرُ ، بِالرِّيحِ تُنْعَلُ |
فَأَوْجُهُها مِنْ طُرَّة ِ الصُّبْحِ تَكْتَسي | وَسائِرُها في حُلَّة ِ اللَّيلِ يَرفُلُ |
وَتَعْلَمُ ما نَبْغي فَتَبْتَدِرُ المَدى | وَلَيْسَتْ عليها الأصبَحيَّة ُ تَجْهَلُ |
وَيَقْدُمُها طِرْفٌ أَغَرُّ مُحَجَّلٌ | لِراكِبِهِ مَجْدٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ |
فَلَمْ نَدْرِ إذ أمَّتْ بِنا بابَ أَحْمَدٍ | أَنَحْنُ إلى ناديهِ أَمْ هِيَ أَعْجَلُ |
تَذودُ الكَرى عَنّا تِلاوَة ُ مَدْحِهِ | فَيَرْنو إلينا مُضْغِياتٍ وَتَصْهَلُ |
أَغَرُّ، رَحيبُ البعِ، يُسْتَمْطَرُ النَّدى | جَميلُ المُحيّا، مِخْلَطُ الأَمرِ، مِزْيَلُ |
فَفي راحَتَيْهِ لِلْمُؤَمَّلِ مُجْتَدى ً | وفي ساحَتيهِ لِلْمُرَوِّعِ مَوئِلُ |
سَما وَالشَّبابُ الغَضُّ يَقْطُرُ مُاؤُهُ | إلى حيثُ يُقْصي النَّظْرَة َ المُتَأَمِّلُ |
وَكانَ أَبوهُ يَرْتَجي خَيْرَهُ الوَرى | وَهذا المُرَجَّى مِنْ بَنيهِ المُؤَمَّلُ |
وَقَدْ وَلِهَتْ شَوْقاً إِلَيْهِ وِزارَة ٌ | لَها في بَنى إسحاقَ مَثوى ً ومَنْزِلُ |
بِهِمْ زُيِّنَتْ إذُ زِينَ غَيرُهُمْ بها | وَقَدْ يَسْتَعيرُ الحَلْيَ مَنْ يَتَعَطَّلُ |
وَشامَ لَها الأعداءُ بَرْقاً فَأَصْبَحَتْ | عَلَيهِمْ بِشُّؤبوبِ المَنيَّة ِ تَهْطِلُ |
وقد خَيَّمَتْ فيها بِدارِ مُقامَة ٍ | فليسَ لَها عَنْ رَبْعِهِمْ مُتَحوَّلُ |
وَلِلدُّرِّ حُسْنٌ حَيْثُ عُلِّقَ عِقْدُهُ | وَلكنَّهُ في جِيدِ حَسناءَ أَجْمَلُ |
مِنَ القَوْمِ لا مَأْوى المَساكِينِ مُقْفِرٌ | لَدَيْهِمْ، ولا مَثوَى الصَّعالِيكِ مُمْحِلُ |
غَطارِفَة ٌ إن حُورِبُوا أَرْعَفُوا القَنا | وَإن سُئلوا النُّعْمى لَدى السِّلمِ أَجزَلُوا |
فَدُونَكَها غَرَّاءُ لَوْ رامَ مِثْلَها | سِوايَ بليغٌ ظَلَّ يُصْفِي وَيُجْبِلُ |
دَنَتْ وَنَأَتْ إذْ أَطْمَعَتْ ثُمَّ أَيْأَسَتْ | وَقد أحْزَنَ الرَّاؤونَ فيها وَأَسْهَلوا |
فَأَجْزَلُها بُرْدٌ عَلَيْكَ مُسَهَّمٌ | وَأَسْهَلُها عِقْدٌ لَدَيْكَ مُفَصَّلُ |
وَها أَنا أَرْجو أَنْ نَعِيشَ بِغِبْطَة ٍ | جَميعاً وأنتَ المُنْعِمُ المُتَفَضِّلُ |
فَمِنكَ نَدى ً غَمْرٌ وَمِنِّيَ شُكْرُهُ | ونحنُ كما نَهوى أَقولُ وَتَفْعَلُ |