لما وصلت أسماء من حبلنا شكر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لِمَا وَصَلَتْ أسماءُ مِنْ حَبلِنَا شكرُ، | وإنْ حُمّ بالبَينِ الذي لمْ نُرِدْ قَدْرُ |
إذا ما استَقَلّتْ زَفْرَةٌ لِفِرَاقِهِمْ، | فَمَا عُذْرُها ألاّ يَضِيقَ بها الصّدْرُ |
نَصِيبيَ مِنْ حُبّيكِ أنّ صَبَابَةً | مُبَرِّحَةً تَبرِي العِظَامَ، وَلاَ تَبرُو |
وَتَحْتَ ضُلُوعي، من هَوَاكِ، جَوانحٌ | مُحَرَّقَةٌ، في كُلّ جَانِحَةٍ جَمرُ |
وَقَدْ طَرَفَتْ عَيناكِ عَينيّ، لا قَذًى | أصَابَهُمَا مِنْ عِندِ عَيْنَيْكِ بل سِحرُ |
وِصَالٌ سَقَاني الخَبَلَ صِرْفاً فلم يكنْ | ليَبْلُغَ مَا أدّتْ عَقَابِيلُهُ الهَجْرُ |
وَبَاقي شَبَابٍ في مَشيبٍ مُغَلَّبٍ، | عَلَيهِ اختِتَاءُ اليَوْمِ يُكثِرُهُ الشّهرُ |
وَلَيسَ طَليق مَنْ رَاِحُ، أوْ غَدَا | يَسُومُ التّصَابي، والمَشيبُ لَهُ أسرُ |
تَطاوَحَني العَصرَانِ في رَجَوَيْهِما، | يُسَيّبُني عَصْرٌ، وَيُعْلِقُني عَصْرُ |
مَتَاعٌ مِنَ الدّهْرِ استَجَدّ بجِدّتي، | وأعظَمُ جُرْمِ الدّهْرِ أن يَمتَعَ الدّهرُ |
سَتَرْتُ على الدّنيا، وَلَوْ شئتُ لم يكنْ | على عَيبِها، من نحوِ ذي نَظَرٍ، سِترُ |
وَخادَعتُ رأيي إنّما العَيشُ خِدعةٌ | لرَأيِكَ تَستَدعي الجَهَالَةَ أوْ سُكرُ |
وَما زِلْتُ مُذْ أيسَرْتُ أسمُو إلى التي | يرَادُ لَهَا، حتّى يسادَ به اليسرُ |
إذا ما الفتى استَغنى فلَمْ يُعطِ نَفْسَهُ | تَعَلّيَ نَفْسٍ بالغِنَى، فالغِنَى فَقْرُ |
ويَرْثي لبَعضِ القَوْمِ من بَعضِ مالِهِ | إذا ما اليَدُ الملأى شأتها اليَدُ الصِّفْرُ |
أرَقّتْ جِنَايَاتُ المُضَلِّلِ ثَرْوَتي، | فَلا نَشَبٌ بَعدَ العَبيدِ، وَلاَ وَفْرُ |
وَقَدْ زَعَمُوا مِصْرٌ مَعَانٌ من الغِنَى، | فكَيْفَ أسَفّتْ بي إلى عَدَمِ مِصْرُ |
سَيَجبِرُ كَسرِي المِصْقَلِيّونَ إنّهمْ | بهِمْ تُدْفَعُ الجُلّى، وَيُجْتَبَرُ الكسرُ |
فَمَا تَتَعَاطَى ما يَنَالُونَهُ يَدٌ، | ولاَ يَتَقَصَّى ما يَنيلُونَهُ شُكْرُ |
عَرِيقُونَ في الإفْضَالِ يُؤتَنَفُ النّدى | لناشِئِهِمْ مِنْ حَيثُ يُؤتَنَفُ العمرُ |
إذا تَجرُوا في سُؤدَدٍ، وَتَزَايَدُوا، | فأنْفَقُ ما أبضَعتَ عندَهُمُ الشّعْرُ |
يجازَى القَوَافي بالأيَادي مَبَرّةً، | تَضَاعِيفُها، في كُلّ وَاحدَةٍ، عَشرُ |
غَدَوْا عَبِقي الأكْنافِ تأرَجُ أرْضُهمْ | بطيبِ ثَنَاءٍ، ما يُوَازيُ بهِ العِطْرُ |
وَمَا سَوّدَ الأقْوَامَ مِثْلُ عُمَارَةٍ، | إذا نُسِيَ الأقْوَامُ شَاعَ لَهُ ذِكْرُ |
تَجَنّبْ سِرَاهُمْ للعُلا واتّبغائِها، | بسَعيٍ، وَعَرّسْ حَيثُ أدرككَ الفَجرُ |
فَما لكَ في أطوَادِ تَغْلِبَ مُرْتَقًى، | وَلاَ منكَ في حَوْزٍ جَماجمُها الكُبرُ |
وَقدْ مُليَتْ فَخراً رَبيعَةُ أنْ سَعَى | لَهَا مِنْ سَوَى بَكرِ بنِ وائِلِها بَكرُ |
وَمَا أشرَفَ البَكرَينِ مَنْ لمْ يَكُنْ لَهُ | حَبيبٌ أبَا يَوْمَ التّفَاضُلِ، أوْ عَمرُو |
وَيَحمِلُ عَنّا الخُضرُ خضرُ بنُ أحمدٍ | منَ المَحلِ عِبئاً لَيسَ يَحمِلُهُ القَطرُ |
بِغَزْرِ يَدٍ مِنْهُ تَقُولُ تَعَلّمَتْ | يَدُ الغَيْثِ مِنْهَا، أوْ تَقَيّلَها البحرُ |
وَكَمْ بَسَطَ الخُضرُ بنُ أحمدَ غايَةً | منَ المَجْدِ، لا يَقفُو مَسافَتِها الخُضرُ |
لَهُ الفَعَلاتُ، الدّهرُ أقطَعُ دونَهَا، | أشَلُّ، وَظَهرُ الأرْضِ من مثلِها قَفْرُ |
مُقيمٌ عَلَى نَهْجٍ مِنَ الجُودِ واضِحٍ، | وَنَحْنُ إلى جَمّاتِ نَائِلِهِ سَفْرُ |
يُدَنّي لَنَا الحَاجَاتِ، مَطْلَبُها نوًى | شَطُونٌ، وَمأتاها، على نأيها، وَعْرُ |
مُضِيءٌ، يَنُوبُ اليسرُ عن ضَحِكَاتِهِ، | وَلا رَيْبَ في أنّ العُبُوسَ هوَ العُسْرُ |
ولو ضمن المعروف طي صحيفة | تكاد عليه كان عنوانها البشر |
فَتًى، لا يُرِيدُ الوَفْرَ إلاّ ذَخِيرَةً | لمأثُرَةٍ تُرْتَادُ، أوْ مَغرَمٍ يَعْرُو |
وأكثَرُهُمْ يَهوَى الإضَاقَةَ كَيْ يَرَى | لَهُ، في الذي يأتيهِ مِنْ طَبَعٍ، عُذْرُ |
رَبيعٌ تُرَجّيهِ رَبيعَةُ للغِنَى، | وتبكر إتباعا لأبوابه بكر |
وَمَا زَالَ من آبَائِهِ وَجُدُودِهِ، | لهْ أنجُمٌ، في سَقْفِ عَليائِهم، زُهْرُ |
أبَا عَامِرٍ إنّ المَعَالي وأهلَهَا | يَوَدّونَ وِدّاً أنْ يَطُولَ بكَ العُمرُ |
إذا جِئتُمُ أُكْرُومَةً تَبْهَرُ الوَرَى، | فَما هيَ بِدْعٌ من عُلاكمْ، وَلاَ بِكرُ |
وأكرومة جلى أبو الصقر طامحاً | إليها كما جلى طريدته الصقر |
يجاوزها المغمور لا يثني لها | بعطف وينحو نحوها النابه الغمر |
متى جئتموها أو دعيتهم لمثلها | فما هي من بكر بن وائلكم بكر |
إذا نَحنُ كافأناكُمُ عَنْ صَنيعَةٍ، | إنِفنا، فلا التّقصِيرُ منّا، وَلا الكُفْرُ |
بمَنْقُوشَةٍ نَقْشَ الدّنانيرِ، يُنْتَقَى | لَهَا اللّفْظُ مُختاراً، كمَا يُنتَقَى التّبْرُ |
تَبيتُ أمَامَ الرّيحِ مِنها طَليعَةٌ، | وَغُدْوَتُها شَهْرٌ، وَرَوْحَتُها شَهرُ |
تُقَضّى دُيُونُ المُنْعِمِينَ، وَيُقتَنَى | لَهُمْ منْ بَوَاقِي ما أعاضَتهُمُ فَخْرُ |