لكَ المجدُ لا ما تدَّعيهِ الأوائلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لكَ المجدُ لا ما تدَّعيهِ الأوائلُ | وما في مَقالٍ بَعْدَ مَدْحِكَ طائِلُ |
وليسَ يُؤَدِّي بَعْضَ ما أنتَ فاعِلٌ | إذا رُمْتُ وَصْفاً، كُلُّ ماأنا قائِلُ |
أبوكَ وأَنْتَ السّابِقانِ إلى العُلا | على شِيَمٍ مِنْهُنَّ حَزْمٌ ونائِلُ |
ولولا كما لم يعرفِ البأسُ والنَّدى | ولم يدرِ ساعٍ كيفَ تبغى الفضائلُ |
وهل يلدُ الضِّرغامُ إلاّ شبيههُ | وَيًنْجِبُ إلاّ الأكْرَمونَ الأماثِلُ |
فليتَ أباً لا يورثُ الفخرَ عاقرٌ | وأمّاً إذا لم تعقبِ المجدَ حائلُ |
وأنت الّذي إنْ هَزَّ أَقْلامَهُ حَوى | بِها ما نَبَتْ عنهُ الرِّماحُ الذَّوابِلُ |
يَطولُ لِسانُ الفَخْرِ في مَكْرُماتِهِ | وَيَقْصُرُ باعُ الدَّهْرِ عَمّا يُحاوِلُ |
وحيٍّ من الأعداءِ تبدي شفاههمْ | نواجذَ مقرونٌ بهنَّ الأناملُ |
فَمِنْهُمْ بِمُسْتَنِّ المَنايا مُعَرِّسٌ | تُطيفُ بهِ سُمْرُ القَنا والقنابِلُ |
وآخرُ تستدني خطاهُ قيودهُ | وَهُنَّ بساقَيْ كُلِّ عاصٍ خَلاخِلُ |
أزرتهمُ بيضاً كأنّ متونها | أجنَّ المنايا السُّودَ فيها الصَّياقلُ |
وَلَمْ يَبْقَ إلاّ مَن عَرَفْتَ وَعنده | مكائدُ تَسْري بينهنَّ الغَوائِلُ |
أطلتَ له باعاً قصيراً فمدَّهُ | إلى أمدٍ يعيى بهِ المتطاولُ |
وخاتلَ عن أضعانهِ بتودُّدٍ | وهل يمحضُ الودَّ العدوُّ المخاتلُ |
لئن ظهرت منهُ خديعة ُ ماكرٍ | فَسَيْفُكَ لا تَخفَى عَليه المَقاتِلُ |
وَكَمْ يوقِظُ الأحْقادَ من رَقَداتِها | وترقدُ في أغمادهنَّ المناصلُ |
فروِّ غرارَ المشرفيِّ بهِ دماً | فأمُّ الّذي لا يتبعُ الحقَّ ثاكلُ |
بِيومٍ تَرَدّى بِالأَسِنَّة ِ فَاسْتَوَتْ | هَواجِرُهُ من وَقْعِها والأَصائِلُ |
وَغارَ على الشَّمْسِ العَجاجِ، فإن سَمَتْ | لتلحظها عينٌ ثنتها القساطلُ |
وحلِّيتِ الأعناقُ فيهِ من الظُّبا | قلائدَ لا يصبو إليهنَّ عاطلُ |
بكفٍّ تعيرُ السُّحبَ من نفحاتها | فترخي عزاليها الغيوثُ الهواطلُ |
وهمَّة ِ طلاّعٍ إلى كلِّ سؤددٍ | لَهُ غاية ٌ مِنْ دونِها النَّجْمُ آفِلُ |
ففازَ غياثُ الّدينِ منكَ بصارمٍ | على عاتِقِ العَلياءِ منهُ الحَمائِلُ |
ودانَ لَهُ حَزنُ البِلادِ وَسَهْلُها | وَأَنت المُحامي دونَها وَالمُناضِلُ |
فما بالُ زوراءِ العراقِ منيخة ً | بِمُعْتَرَكٍ تَدْمَى لديهِ الكَلاكِلُ |
تَشيمُ من الهَيجاءِ بَرْقاً إذا بَدا | همى بالنَّجيعِ الوردِ منهُ المخائلُ |
تَحيدُ الرِّجالُ الغُلْبُ عَنْ غَمَراتِها | وَتَسْلَمُ فيهنَّ النِّساءُ المَطافِلُ |
كَأَنَّ الأُلى طاروا إلى الحَرْبِ ضَلَّة ً | نعامٌ يباري خطرة َ الرّيحِ جافلُ |
وَمِنْ أينَ يَسْتولي مِنْ العُرْبِ رامِحٌ | على بَلَدٍ فيهِ مِنَ التُّرْكِ نابِلُ |
أبابلُ لا واديكِ بالرِّفدِ مفعمٌ | لَدَيْنا، ولا نادِيكِ بِالوَفْدِ آهِلُ |
لَئِنْ ضِقْتِ عنّي فَالبِلادُ فَسيحَة ٌ | وَحَسْبُكِ عاراً أَنّني عَنْكِ راحِلُ |
وَإنْ كُنْتِ بِالسِّحْرِ الحَرامِ مُدِلَّة ً | فعندي من السِّحرِ الحلالِ دلائلُ |
قوافٍ تعيرُ الأعينَ النُّجلَ سحرها | فكلُّ مكانٍ خيَّمت فيهِ بابلُ |
وَأيُّ فتى ً ماضي العَزيمَة ِ راعَهُ | مُلوكُكِ، لارَوّى رِباعَكِ وابِلُ |
أغرُّ رحيبٌ في النَّوائبِ ذرعهُ | لأعْباءِ ما يَأْتي بِهِ الدَّهْرُ حامِلُ |
فَتى الحَيِّ يَرْمي بِالخُصومِ وَراءَهُ | حيارى إذا التَّفت عليهِ المحافلُ |
مَتى تُسْلَبُ الجُرْدُ الجيادُ مِراحَها | إليكَ كما يستنفرُ النَّحلَ عاسلُ |
تُقَرَّطُ أثْناءَ الأَعِنَّة ِ، وَالثَّرى | يُواري جَبينَ الشَّمْسِ، وَالنَّقْعُ ذائِلُ |
إذا نَضتِ الظَّلْماءُ بُرْدَ شَبَابِها | مَضَتْ وَخِضابُ اللَّيْلِ بِالصُّبحِ ناصِلُ |
وَلَفَّتْ على صَحْنِ العِراقِ عَجاجَها | يُقَدّمُها مِنْ آلِ إسْحَاقَ باسِلُ |
اذَا ماسَرى فَالَّليْلُ بِالبِيضِ مُقْمِرٌ | وَلَوْنُ الضُّحى إن سارَ بِالنَّقْعِ حَائِلُ |
همامٌ إذا ما الحربُ ألقت قناعها | فلا عزمهُ واهٍ، ولا الرَّأيُ فائلُ |
وإن كدَّرت صفوَ اللَّيالي خطوبها | صفت منهُ في غمّائهنَّ الشَّمائلُ |
أَبَى طَوْلُه أَنْ يُسْتَفادَ بِشافِعٍ | نداهُ ومعصيٌّ لديهِ العواذلُ |
فَلَمْ يَحْتَضِنْ غَيْرَ الرَّغائِبِ راغِبٌ | ولم يتشبَّثُ بالوسائلِ سائلُ |
إليكَ أَوَى يابْنَ الأَكارِمِ ماجِدٌ | لَهُ عِنْدَ أَحْداثِ الزَّمانِ طَوائلُ |
تجرُّ قوافيهِ إليكَ ذيولها | كَما ابْتَسَمَتْ غِبَّ الرِّهام الخَمائِلُ |
وعندكَ تُرْعى حُرْمَة ُ المَجْدِ فارْتَمى | إليكَ بهِ دامي الأظلَّينِ بازلُ |
براهُ السُّرى والسَّيرُ، وهوَ منَ الضَّنى | حَكاهُ هِلالٌ كَالقُلامَة ِ ناحِلُ |
قليلٌ إلى الرِّيِّ الذَّليلِ التفاتهُ | وإن كثرت للواردينَ المناهلُ |
وَها أنا أَرْجُو من زَمانِكَ رُتْبَة ٌ | يقلُّ المسامي عندها والمساجلُ |
وَلَيْسَ بِبِدْعٍ أَنْ أنالَ بِكَ العُلا | فَمِثْلُكَ مَأْمُولٌ، وَمِثْليَ آمِلُ |