بُشراكَ قَدْ ظَفِرَ الرَّاعي بِما ارْتادا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بُشراكَ قَدْ ظَفِرَ الرَّاعي بِما ارْتادا | وَبَثَّ في جَنَباتِ الرَّوضِ أَذوادا |
فَاسْتَبْدَلَتْ بِمُجاجِ الغَيْمِ أَذنِبَة ً | مِنْ ماءِ لِيْنَة َ لا يُخْلِفْنَ وُرّادا |
يُروي بِعَقْوتِهِ العَبْسيُّ جِيرَتَهُ | إذا الفَزارِيُّ عَنْ أَحواضِهِ ذادا |
أَوْرَدْتُهُ العِيْسَ، وَالظَّلْماءُ وارِسَة ٌ | يَحمِلْنَ مِن سَرَواتِ العُرْبِ أَمْجادا |
فَما حُرِمْنَ بِهِ وَالمَاءُ مُقْتَسَمٌ | رِيَاً، وَلا مُنِعَتْ رُكْبانُها الزّادا |
بِحَيثُ تَمري أَفاوِيقَ الغَمامِ صَباً | إذا أَبَسَّتْ بِشُؤْبوبِ الحَيا جادا |
كَمْ قَعْقَعَتْ لانتجاعِ الغَيْثِ مِنْ عَمَدٍ | أَرْسَتْ لَهنَّ جَواري الحَيِّ أَوتادا |
بِيضٌ سَلَبْنَ المَها لحْظاً تُمَرِّضُهُ | ثُمَّ اسْتَعَرْنَ مِنَ الغِزلانِ أَجيادا |
مِنْهُنَّ ليلى ، وَلا أَبغي بِها بَدَلاً | تَجْزِي المُحِبِّينَ بالتَّقْرِيبِ إِبْعادا |
إِنِّي لأَذْكُرُها بِالظَّبْيِ مُلْتَفِتاً | وَالشَّمسِ طالِعة ً، والغُصْنِ مَيَّادا |
وَقَدْ رَضِيتُ مَنَ المَعْروفِ تَبْذُلُهُ | أَنْ يُنْجِزُ الطَّيْفُ في مَسْراهُ مِيعادا |
وَوَقْفَة ٍ بِجَنوبِ القَاعِ مِن إضَمٍ | تُجاذِبُ الرَّكْبَ تأويباً وإسآدا |
رَدَّتْ عَذولي بِغَيظٍ ، وَهْوَ يُظْهِرُ لي | نُصْحاً يَظُنُّ بِهِ الإغواءَ إرشادا |
إِذا سَرى البَرْقُ مُجْتازاً لِطيَّتِهِ | وَهَزَّتِ الرِّيحُ خُوطَ البانِ فَانآدا |
هاجَ الحَنينُ رِكاباً كُلَّما غَرِضَتْ | خَفَّتْ مِن الشَّوقِ واستثقَلْنَ أَقيادا |
لا وَضْعَ للرَّحلِ عن أَصلابِ ناجِيَة ٍ | أَوْ تَشْتَكي أَضْلُعاً تَدْمَى وَأَعْضادا |
إذا بَلَغْنا أَبا مَرْفوعَة َ ارْتَبَعَتْ | بِحَيْثُ لا يَأْلَف المَهْرِيُّ أَقْتادا |
يُلقي الزِّمامَ إلى كَفٍّ مُعَوَّدة ٍ | في نَدْوَة ِ الحَيِّ تَقْبيلاً وإرْفادا |
مُحْسِدُ المَجْدِ لَمْ تُطْلَعْ ثَنِيَّتُهُ | إنَّ المَكارِمَ لا يَعْدَمْنَ حُسَّادا |
ذُو هِمَّة ٍ بِنَواصِي النَّجْمِ سافِعَة ٍ | بَثَّتْ عَلى طُرُقِ العَلْياءِ أَرْصادا |
تَتْلو الكَواكِبَ فِي المَسْرى ، ومَا عَلِقَتْ | إلاَّ بِأَبْعَدِها في الجَوِّ إصْعادا |
مِنْ مَعْشَرٍ يُلْبِسونَ الجارَ فَضْلَهُمُ | وَيُحسِنونَ عَلى الَّلأواءِ إسعادا |
وَيُوقِدونَ غَداة َ المَحلِ نارَ قِرى ً | لا يَسْتَطيعُ لَها الأيسارُ إيقادا |
وَيَنْحَرونَ مَكانَ القَعْبِ مِنْ لَبَنٍ | لِلطارِقِ المُعْتري ، وَجْناءَ مِقْحادا |
بَنُو تَميمٍ إذا ما الدَّهْرُ رابَهُمُ | لَمْ تُلْفِهِمْ لِنَجيِّ القَوْمِ أشْهادا |
لكِنَّهُمْ يَسْتَشِيرونَ الظُّبَا غَضَباً | وَيَجْعَلون لَها الهاماتِ أَغْمَادا |
تُكسى إذا النَّقعُ أَرخى مِنْ مُلاءتِه | في باحَة ِ المَوْتِ أَرْواحاً وَأجسادا |
لا يَخْضَعونَ لِخَطْبٍ إنْ أَلَمَّ بِهِمْ | وَهَلْ تَهُزُّ الرِّياحُ الهُوْجُ أطْوادا |
يَجلو النَّديُّ بِهم أَقمارَ داجِيَة ٍ | وَالحَرْبُ تَحْتَ ظِلالِ السُّمْرِ آسادا |
إذَأ الرَّدى حَكَّ بِالأَبْطالِ كَلْكَلَهُ | في مَأقِطٍ لفَّ بِالأَنجادِ أنجادا |
جَرُّوا الذُّيولَ مِنَ الأَدْراعِ فِي عَلَقِ | لا يَسْحَبُ المَرِحُ الذَّيَّالُ أبْرَادا |
وَكَاشِحٍ رامَ مِنْهُمْ فُرْصَة ً ضَرَبَتْ | مِنْ دُونِها شَفَراتُ البيضِ أسْدادا |
يَنامُ وَالثّائِرُ الحَرّانُ يُقْلِقُهُ | سَحابَة َ اللَّيْلِ رَعْيُ النَّجْمِ إسْهادا |
حتَّى انتَضَتْ يَقَظاتِ العَيْنِ جائِفَة ٌ | كَطُرَّة ِ البُرْدِ لا تَأْلوهُ إزْبادا |
لَمّا طَوَى الكَشْحَ مِنْ حِقْدٍ عَلى إحنٍ | وَظَلَّ يَهرِفُ إبراقاً وإرعادا |
مَشَى لَهُ عضدُ المُلكِ الضَّراءَ، وَقَدْ | أرْخَى بِهِ اللَّبَبَ المِقْدارُ أو كادا |
فَأَوْهَنَ البَغْيُ كَفّاً كانَ يُلْمِسُها | قَلباً يُرَشِّحُ أَضغانَا وأَحقادا |
يا خَيرَ مَنْ وَخَدَت أيدي المَطيِّ بهِ | مِن فَرْعِ خِنْدِفَ آباءً وأجْدادا |
رَحَلْتَ فَالمَجْدُ لَمْ تَرْقَأْ مَدَامِعُهُ | وَلَم تَرِقَّ عَلينا المُزْنُ أَكبادا |
وَصَاعَ شِعرٌ يضيقُ الحَاسِدُونَ بِهِ | ذَرعاً، وَتُوسِعُهُ الأَيّامُ إنشادا |
فَلَمْ أُهِبْ بِالقَوافي بَعْدَ بَيْنِكُمُ | وَلا حَمِدْتُ -وَقَدْ جرَّبتُ -أَجوادا |